كيف يمكن أن تؤثر خطط ترامب الجمركية والهجرة على التضخم؟
تثير فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات المقبلة مخاوف بشأن السياسات التجارية للولايات المتحدة، خاصة مع تزايد التوقعات بأن يتبنى ترمب نهجاً قومياً واضحاً في هذا المجال. من المتوقع أن يعتمد بشكل كبير على التعريفات الجمركية للحد من الفجوة التجارية بين بلاده وبقية العالم، لاسيما مع الصين والاتحاد الأوروبي.
في سبتمبر (أيلول) الماضي، بلغ العجز الأميركي، بما في ذلك الخدمات، 84.4 مليار دولار، بينما سجل ميزان تجارة السلع 108.2 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ عامين. ويلاحظ أن هذا العجز في تزايد مستمر منذ عام 2020، الذي شهد انتشار الوباء.
خلال حملته الانتخابية، وعد الرئيس ترمب بزيادة شاملة في الرسوم الجمركية على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة بنسبة 10% أو أكثر، مع فرض رسوم تصل إلى 60% على السلع الصينية.
تأثيرات تضخمية في الولايات المتحدة
لا شك أن زيادة التعريفات الجمركية ستؤدي إلى آثار تضخمية داخل الولايات المتحدة وفي مختلف أنحاء العالم. ففي مايو الماضي، قدرت مؤسسة “دويتشه بنك” للأبحاث أن التضخم قد يرتفع بنسبة تتراوح بين 0.75% و2.5% في حال تنفيذ هذه الوعود. كما قد تؤدي هذه السياسات إلى توتر أكبر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، نتيجة لأجندة “أميركا أولاً” التي تتسم بطابع حمائي، والتي قد تشمل أيضاً فرض حواجز غير جمركية على المنتجات غير الأميركية، مثل الحوافز لـ”شراء المنتجات الأميركية” و”البناء في أميركا”، بالإضافة إلى إعادة التصنيع وإعادة التفاوض على “صفقات التجارة غير العادلة”.
هناك أسباب قوية تدعم هذا الافتراض، وفقًا لمذكرة حديثة صادرة عن “دويتشه بنك“. يتضح ذلك من خلال تحليل العجز التجاري الأميركي وعلاقته بالصين. منذ عام 2017، شهد العجز في الميزانية مع الصين انخفاضًا سنويًا بنسبة تقارب ستة في المئة. بعد فرض الرسوم الجمركية على الصين للمرة الأولى في عام 2018، لوحظ انخفاض فوري في التجارة بين عامي 2019 و2020. ومع ذلك، بدأت التجارة مع الصين في النمو مرة أخرى بعد عام 2020، سواء من حيث الواردات أو الصادرات، مما يدل على أن نظام التعريفات الجمركية لم يكن له تأثير كبير.
التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين
يعتقد “دويتشه بنك” أن هناك عواقب كبيرة على أوروبا نتيجة لموقف تجاري أكثر عدوانية من قبل الإدارة الأميركية، التي تركز على إعادة التوطين وبناء القدرات محلياً. ويشير البنك إلى أن الولايات المتحدة تمثل سوقاً رئيسية، ولكن مع وجود عجز تجاري كبير، كما حدث في عام 2022 بعد تنفيذ برنامج بايدن التشريعي، قد تسعى الولايات المتحدة إلى التفاوض لتصحيح هذا التوازن.
وتؤكد محللة الاقتصاد التجاري ريبيكا هاردينغ أن العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة ستتأثر بشكل كبير بكيفية تطور العلاقة بين الولايات المتحدة والصين خلال السنوات الأربع المقبلة. وتعتقد هاردينغ أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون أكثر عدوانية تجاه الصين، ليس فقط من خلال فرض التعريفات الجمركية، بل أيضاً من خلال إلغاء وضع الدولة الأكثر تفضيلاً (MFN) في التعريفات الجمركية ضمن منظمة التجارة العالمية. وهذا من شأنه أن يؤثر بشكل ملموس على أوروبا ويغير من حرية تدفق التكنولوجيا والاستثمار، بالإضافة إلى السلع والخدمات، بين الدول التي تتعامل بالدولار الأميركي والصين.
تقول هاردينغ: “ستعتبر إدارة ترمب اتفاقها التجاري مع الصين عملاً غير مكتمل، حيث أن الاقتصاد الصيني أصبح أضعف مما كان عليه خلال فترة ولاية ترمب الأولى. ومن المؤكد أن الممثل التجاري الأميركي الجديد سيعمل على إبرام صفقة ثانية أكثر صرامة من الأولى. ولا ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يتوقع تحسن العلاقات بين البلدين، بل إن موقفه تجاه الصين أصبح أكثر تشدداً في العامين الماضيين، حيث فرض رسومًا جمركية على المركبات الكهربائية الصينية، على سبيل المثال. ومع ذلك، فقد بلغت قيمة التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين 739 مليار يورو (779 مليار دولار) في عام 2023،
حيث تتكامل المنتجات الصينية بشكل عميق في سلاسل التوريد الأوروبية. لذا، لن نشعر بتأثيرات ترمب من خلال أي رسوم جمركية محتملة فحسب، بل أيضًا من خلال الآثار الجانبية الناتجة عن حرب تجارية محتملة مع الصين.”