التراث.. المملكة تنفض غبار كنوزها الخفية
احتفاء سعودي بيوم التراث العالمي عبر عروض ضوئية وصوتية
جمال علم الدين
تزخر المملكة بتراثٍ غني ومتنوع، يُعَدّ مرآة للحضارات التي ازدهرت على أراضيها وانعكاساً لمسيرة الإنسان في اكتشاف هُوِيّته الوطنية المميزة، حيث تسعى هيئة التراث إلى تنمية الجهود المتعلقة بالتراث الوطني وتعزيز أساليب حمايته، ورفع مستوى الوعي والاهتمام به، إلى جانب تطوير القطاع ودعم ممارسيه.
وفي هذا الإطار تشارك المملكةُ العالمَ اليوم، الاحتفاءَ بيوم التراث العالمي الموافق الـ 18 من إبريل من كل عام، وهو يوم حدده المجلس الدولي للمباني والمواقع الأثرية (ICOMOS)، ويتم برعاية منظمة اليونسكو ومنظمة التراث العالمي. حيث تنظم هيئة التراث العديد من الفعاليات وعروض الضوء والصوت في عدة مواقع تراثية في جميع أنحاء المملكة لمدة يومين متتاليين 18- 19 إبريل الجاري.
ويأتي الاحتفاء السعودي الكبير بهذه المناسبة، إيماناً من المملكة بأهمية حماية التراث الإنساني المشترك وتأكيداً على قيمته، إذ تمر المملكة بمرحلة ثقافية وبتحولات نوعية حققتها منذ انطلاق الإستراتيجية الوطنية للثقافة التي ركزت على صون التراث، إلى جانب مشاريع التنقيب التي أزاحت الغبار عن اكتشافات ثمينة في مختلف المواقع، حيث جرى تسجيل 11 عنصراً ثقافياً في المنظمات الدولية، و7 مواقع بلائحة التراث العالمي لليونسكو.
من جهته، أكد وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان على أهمية المحافظة على التراث السعودي، مشيراً إلى تأسيس الصندوق السعودي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”، بهدفِ تمويلِ ودعمِ البرامج والمشاريع ذات الصّلة حول العالم، وتبنّي إستراتيجية بناء القُدرات للعاملين في مجالِ التراثِ للعشر سنوات المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى تسجيل هيئة التراث 70 موقعًا أثريًا جديدًا في “سجل الآثار الوطني”، ليرتفع عدد المواقع الأثرية المسجلة إلى أكثر من 8.9 ألف موقع، شملت فنونًا صخرية، ونقوشًا كتابية، وأنشطة تعدينية قديمة، وأنظمة الري القديمة، ومبانيَ ومدافن أثرية، موزعة بواقع موقعين في الرياض، و6 في المدينة المنورة، و7 في القصيم، و14 موقعًا في عسير، و13 موقعًا في الجوف، و3 مواقع في تبوك، و12 موقعًا في حائل، و11 موقعًا في جازان، وموقع وحيد في كل من الشرقية ومكة المكرمة.
ويشكل مشروع إستراتيجية “التراث العمراني الحديث” الذي بدأته الهيئة أغسطس الماضي، مرحلة رئيسية من خطة عمل مبادرة التراث الحديث 2022م، والتي تُعنى بالمحافظة على معالم التراث المعماري الحديث ذات الأهمية، وتتضمن توثيق مباني التراث الحديث ومواقعه في مناطق المملكة والمحافظة عليها، مثل مسارات حصر القائمة الأولية وتصنيفها، والتوثيق المعماري والعمراني، والتسجيل والترميز، والترميم وإعادة التأهيل.
وتزامناً مع اليوم العالمي للتراث، كشفت هيئة التراث أمس (الأربعاء) عن دلائل استيطان بشري بكهف أم جرسان “بحرة خيبر” بمنطقة المدينة المنورة، والتي تمثلت في مجموعة من البقايا العظمية الحيوانية يعود أقدمها إلى 4100 سنة ق. م، وأيضاً الجماجم البشرية والتي يعود أقدمها إلى 6000 سنة قبل الميلاد، فضلاً عن عشرات الآلاف من عظام الحيوانات كالضبع المخطط، والجمال والخيل والغزال والوعل والماعز والبقر والحمير البرية المتوحشة منها والأليفة.
وبالعودة إلى الفعاليات المقامة بالتزامن مع يوم التراث العالمي، تنطلق عروض الضوء والصوت التي تنظمها هيئة التراث في حي الصور التاريخي بينبع، ونحت الجمل بالجوف، وقرية ذي عين التراثية في الباحة، وقصر الإمارة التاريخي بنجران.
وتشهد سماء العاصمة الرياض وتحديداً منطقة ليسن فالي، عروض الدرون التي ترسم مشاهد تراثية تُطل على الرياض خلال الفترة من الـ 08:15- حتى الـ 9 مساء الخميس، كما يجتمع الخبراء بحي الطريف التاريخي قرب قصر الأمير مشاري بالدرعية في ندوة لمناقشة حلول وإستراتيجيات حماية معالم التراث في مواجهة الكوارث الطبيعية داخل المملكة.
كما تقيم الهيئة اللقاء الافتراضي المفتوح بعنوان “التراث السعودي وقيمته العالمية”؛ ضمن سلسلة اللقاءات الافتراضية المفتوحة التي تنظمها الهيئة مع المجتمع والمهتمين بالتراث، حيث تتم مناقشة التراث السعودي وقيمته العالمية، وجهود المملكة في الحفاظ على التراث الثقافي، واتفاقيات حماية التراث التابعة لليونسكو، والكوارث والنزاعات من منظور ميثاق البندقية.
أقرأ ايضا: هيئة التراث تختتم أكبر مهرجان لـ “البشت الحساوي”
وبدورها، تشارك الهيئة الملكية لمحافظة العلا في الإيكومكس السعودي للاحتفال مع الطلاب باليوم العالمي للمعالم والمواقع التراثية، وذلك من خلال إقامة ورش عمل وزيارات ميدانية وجلسات توعوية بمشاركة المجتمع المحلي في ساحة البلدة القديمة، وذلك احتفالاً باليوم العالمي للتراث.