هل أصبحت الالعاب الالكترونية مصدر اقتصادي مهم للدول
شهد قطاع الألعاب الإلكترونية تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت مستويات الألعاب وبرزت الرياضات الإلكترونية كوسيلة لتحقيق دخل للكثير من الأفراد والنوادي الرياضية. ورغم ذلك، لا يزال هذا القطاع لا يحظى بالاهتمام الكافي في الدول العربية.
عند الحديث عن الآثار الاقتصادية الكبيرة للألعاب، يتبادر إلى الذهن دور الرياضات الإلكترونية في دعم الاقتصاد الفردي وتحقيق أرباح كبيرة للاعبين المحترفين. وعلى الرغم من ذلك، فإن الألعاب التقليدية تمثل أيضًا فرصة كبيرة للنمو الاقتصادي لكل من الأفراد والدول.
اكد الدكتور حسام عثمان، نائب رئيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، أن الهيئة تولي اهتمامًا خاصًا بتصميم وصناعة الإلكترونيات. كما ترعى الهيئة مؤتمر الألعاب الإلكترونية المخصص لمطوري الألعاب، والذي يُعقد سنويًا في مصر منذ ثلاث سنوات.
وأشار “عثمان” إلى أنه رغم أهمية هذه الصناعة، إلا أنها تفتقر إلى استراتيجية مستقلة خاصة بها، حيث تُعتبر جزءًا من الاستراتيجيات العامة للجهاز، التي تركز على إعداد برامج ومسارات تدريبية تتعلق بهذا النوع من الصناعة. ويعود ذلك إلى ترتيب الأولويات وقياس التأثير الاقتصادي.
وأضاف “عثمان” أن هناك دعمًا قائمًا بالفعل للشركات الناشئة لتشجيعها على الانخراط في سوق الألعاب الإلكترونية، حيث حققت بعض الشركات نجاحات ملحوظة في هذا المجال.
أشار “عثمان” إلى المبادرة الرئاسية التي أطلقها رئيس الجمهورية خلال مؤتمر الشباب، والتي تهدف إلى تدريب 10 آلاف شاب مصري وإفريقي، بالإضافة إلى إنشاء 100 شركة مصرية وإفريقية متخصصة في الألعاب والتطبيقات الرقمية، وفقًا لاهتمامات كل شاب. من بين 4500 شاب إفريقي و5500 شاب مصري، أبدى حوالي 2000 شاب اهتمامًا بالألعاب الإلكترونية. وبالمثل، اهتمت 50 شركة إفريقية و50 شركة مصرية بهذا المجال، حيث كانت هناك ثماني شركات فقط تركزت على تطوير الألعاب الإلكترونية، من بينها شركتان تعملان في مجال الألعاب التعليمية. كما اهتمت 42 شركة بالتطبيقات الرقمية في مجالات مثل السياحة، والنقل، والتكنولوجيا المالية، وغيرها.
كما أوضح أنه بالنسبة لمسارات التدريب، فإن لدى الهيئة مبادرات مثل: أشبال مصر الرقمية، وبناة مصر الرقمية. إذ تهتم الهيئة والوزارة بالفنون الرقمية Digital Art، وبتدريب الشباب عليها وعلى كل ما يتعلق باحتياجات.
توصل عثمان إلى أهمية تحليل النتائج التي أسفرت عنها الدراسة، بالإضافة إلى دراسة توصيات المجلس، بهدف وضع استراتيجية مخصصة للألعاب الإلكترونية بناءً على القيمة الاقتصادية المضافة. كما أشار إلى ضرورة فتح مجال التعهيد، وأهمية الأخذ بتوصيات مجلس الشيوخ لتعزيز الاهتمام بالألعاب الإلكترونية كقطاع مستقل يتطلب استراتيجية خاصة، استنادًا إلى تأثيره الاقتصادي والاجتماعي.
حملة خليجية للتوعية من اضطراب الألعاب الإلكترونية
أطلق مجلس الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي حملة توعوية حول اضطراب الألعاب الإلكترونية تحت عنوان “لعيب_لكن”، في إطار جهوده لتعزيز الوعي الصحي وتعليم كيفية الاستخدام المتوازن والصحي لهذه الألعاب. تهدف الحملة إلى تقديم إرشادات ونصائح للاعبين وأسرهم حول كيفية الاستمتاع بالألعاب الإلكترونية بشكل صحي ومعتدل.
وأشار المجلس إلى أن الألعاب الإلكترونية تمثل جزءًا من حياة أكثر من 100 مليون شخص حول العالم، وأن الوعي يمكن أن يسهم في تحقيق توازن بين اللعب والحياة الاجتماعية والدراسية والصحية والنفسية. كما أوصى بعدم تجاوز مدة اللعب أكثر من ساعتين يوميًا، لتفادي التأثيرات السلبية على الحياة الشخصية، مثل زيادة مشكلات القلق والاكتئاب، وقلة النوم والخمول.
شهد قطاع الألعاب الإلكترونية تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت مستويات الألعاب وبرزت الرياضات الإلكترونية كوسيلة لتحقيق دخل للعديد من الأفراد والنوادي الرياضية. ومع ذلك، لا يزال هذا القطاع لا يحظى بالاهتمام الكافي في الدول العربية.
عند مناقشة الآثار الاقتصادية الكبيرة للألعاب، يتبادر إلى الذهن دور الرياضات الإلكترونية في دعم الاقتصاد الفردي وتحقيق أرباح كبيرة للاعبين المحترفين. وعلى الرغم من ذلك، فإن الألعاب التقليدية تمثل أيضًا فرصة كبيرة للنمو الاقتصادي لكل من الأفراد والدول.
على مدار العقد الماضي، كانت لعبة “جي تي إيه 5” (GTA 5) هي المنتج الترفيهي الأكثر ربحية على مستوى العالم، حيث تجاوزت أرباحها ثلاثة أضعاف تكاليف إنتاجها، محققة أكثر من 6 مليارات دولار بتكلفة لم تتجاوز 260 مليون دولار، ولا تزال هذه الأرقام في تزايد مستمر.
تشين جيانغ، أستاذ في كلية هندسة الإلكترونيات وعلوم الكمبيوتر بجامعة بكين، يشير إلى أن “الصين تعتبر الألعاب الإلكترونية فرصة اقتصادية، وليست مجرد هواية شبابية”، مضيفاً أن “هذه الألعاب أصبحت جزءاً من سياسة الصين المتعلقة بالابتكارات”.
ويتابع الأكاديمي الصيني قائلاً: “منذ عام 2003، تم الاعتراف بالألعاب الإلكترونية كرياضة رسمية من قبل الإدارة العامة للرياضة في الصين، مما منح هذا القطاع أولوية واهتماماً خاصاً، خاصة مع توافر متطلبات الصناعة وزيادة الاهتمام الأكاديمي به”.
ومع ذلك، يعتقد جيانغ أن “المنافسة الشديدة في مجال الألعاب الإلكترونية، خصوصاً من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، بالإضافة إلى طموحات دول جديدة مثل سنغافورة وماليزيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ستزيد من الضغوط على الصين”. لكنه يعود ليؤكد أن “وجود عدد كبير من اللاعبين في الصين يعد ميزة لا يمكن لأي دولة أخرى في العالم منافستها فيها”.
أثر اقتصادي مباشر
تتمتع الألعاب الإلكترونية بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم، وهي تُعتبر من المنتجات الترفيهية التي تستمر في تحقيق المبيعات لسنوات طويلة بعد إصدارها، دون الحاجة إلى إنفاق متكرر عليها. يمكن الاكتفاء بتكاليف تطوير اللعبة لمرة واحدة، مع إمكانية إجراء بعض التحديثات وإصلاح الأخطاء لاحقًا.
لم يقتصر تأثير الألعاب الإلكترونية على الاقتصاد الأمريكي فقط، رغم وضوح هذا التأثير بفضل حجم تجارة الألعاب والشركات الأمريكية العاملة في هذا المجال، بل بدأت العديد من الدول الأخرى في الاهتمام بقطاع الألعاب بهدف تحقيق تنمية اقتصادية مشابهة.
أكثر من مجرد تأثير اقتصادي
لا يمكن حصر دور الألعاب في الجانب الاقتصادي فحسب، بل تلعب أيضًا دورًا حيويًا في تشكيل الصورة العالمية للثقافات المحلية، وقد تسهم في جذب السياحة إلى المناطق التي تُعرض فيها هذه الألعاب. على سبيل المثال، لعبة ويتشر 3 (The Witcher 3) حققت نجاحًا عالميًا وساهمت في تسليط الضوء على بولندا، مما أدى إلى انتعاش اقتصادها وجعلها تُعرف بجنة مطوري الألعاب في أوروبا.
وينطبق الأمر نفسه على أوكرانيا، التي قدمت سلسلة ألعاب ميترو (Metro 2033) بالإضافة إلى العديد من الألعاب الأخرى، مما كان له تأثير كبير في تعزيز الاقتصاد الأوكراني وجذب الانتباه إليه، ليصبح أحد القطاعات الاقتصادية البارزة في البلاد.
كانت الحكومة الألمانية من أبرز المهتمين بهذا القطاع، حيث سعت لدعم تطوير الألعاب والاستثمار فيه بشكل مباشر، آملة في إصدار المزيد من الألعاب الناجحة ومحاكاة نجاح لعبة “بولدر غيت 3” (Baldur’s Gate 3) التي حصلت على عدة جوائز نقدية مرموقة، رغم أنها لم تحقق النجاح التجاري المتوقع نظرًا لأنها موجهة لفئة معينة من اللاعبين.
نمو إقليمي:
تسعى دول الشرق الأوسط إلى تعزيز موقعها كمركز رئيسي في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، حيث يشهد هذا القطاع نمواً سريعاً في أعداد المستهلكين والمنتجين والمطورين، مدعوماً بالتطور التكنولوجي الرقمي والدعم الحكومي المخصص له.
من المتوقع أن تصل إيرادات الألعاب الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2027 إلى ضعف ما كانت عليه في عام 2021، لتبلغ حوالي 6 مليارات دولار. كما تم استثمار نحو 392 مليون دولار في هذا القطاع بين عامي 2015 و2021 من خلال 170 صفقة.
تشير تقديرات شركة “نيكو بارتنرز” إلى أن إيرادات الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تشمل السعودية والإمارات ومصر كأهم الأسواق، بلغت 1.8 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 2.8 مليار دولار في عام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 10%. كما تم تقدير عدد اللاعبين بـ67.4 مليون لاعب في عام 2022، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 87.3 مليون لاعب في عام 2026 بمعدل نمو سنوي يبلغ حوالي 6%.
الالعاب الالكترونية من الناحية العقائدية
اشار مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إلى أن الإسلام يتيح الترويح عن النفس، لكنه وضع ضوابط صارمة لحماية الدين والروح والمال والوقت، وضمان السلامة الشخصية والاجتماعية. ومن أبرز هذه الضوابط هو تحريم المقامرة.
وأوضح المركز أن المراهنات التي تُمارَس عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات، حيث يقوم المشاركون بدفع أموال للحصول على جوائز بينما يخسر آخرون، تُعتبر تجسيدًا واضحًا للقمار المحرم.
وأكدت دار الإفتاء أن المسلمين متفقون على حرمة القمار والرهان بالمال، ولكن يُسمح بما دلّ الدليل على جوازه، مثل المسابقات في الفروسية والرمي والفقه، بشرط أن يكون المال المخصص للمسابقة من خارج المتسابقين، أو من أحد المتسابقين دون الآخر، أو من جميع المتسابقين مع وجود طرف ثالث دون شرط دفع مال.
أما إذا كان المال مشروطًا من كل طرف ولم يُدخل هذا الطرف الثالث، فإنه يُعتبر من القمار المحرم. والرهانات المعروفة حاليًا، سواء كانت على سباقات الخيل أو غيرها، تُعد من القمار المحرم شرعًا، حيث لا توجد نصوص تبيحها، بل تشير النصوص الشرعية إلى حرمتها لما يترتب عليها من مفاسد كبيرة، إذ أدت إلى ضياع أموال كثيرة.