التكنولوجيا الخلوية تقود ثورة السيارات الكهربائية في المملكة العربية السعودية
بقلم: فاضل عيسى، رئيس وحدة الشبكات في إريكسون الشرق الأوسط وأفريقيا
غالباً ما يصاب الناس بالدهشة عندما يعلمون بأن المركبات الكهربائية موجودة منذ نحو قرنين من الزمان، إذ يعود تاريخ هذه المركبات إلى القرن التاسع عشر، وذلك عندما أدت العديد من الابتكارات التقنية في مجال البطاريات والمحركات الكهربائية إلى تطوير سيارات كهربائية بسيطة وصغيرة الحجم. إلا أنه وللأسف لم تستمر شعبيتها لفترة طويلة، وذلك لأن المركبات التي تعمل بالبنزين سرعان ما أصبحت أقل تعقيداً مما كانت عليه في البداية، فضلاً عن انتشارها على نطاق واسع وبأسعار متيسّرة.
وقد بدأنا اليوم نشهد عودة السيارات الكهربائية بقوة إلى مشهد التنقل، وذلك بسبب زيادة الوعي الاجتماعي بشأن تأثيرات الوقود الأحفوري، والعديد من المبادرات الحكومية التي في مختلف أنحاء العالم للحد من الانبعاثات الكربونية. وفي حين كان الوقود الأحفوري يمثل شريان الحياة لاقتصادنا الحديث، إلا أن الجهود البيئية لتقليل انبعاثات الاحتباس الحراري عززت من أهمية استكشاف حلولٍ مبتكرة تقلل من الانبعاثات الكربونية وتتصدى لأزمة المناخ.
وتعد السيارات الكهربائية من أهم مناصري وداعمي هذه القضية عبر صناعة السيارات بأكملها، وذلك لما تنطوي عليه من مزايا اجتماعية واقتصادية هائلة. ونحن اليوم على أعتاب عصر يتسم بالوعي تجاه القضايا المناخية وأهمية لعب دور فعّال في مواجهة التغير المناخي، ومن هنا فإن المركبات الكهربائية تمثل لاعباً في غاية الأهمية على صعيد جهودنا لبناء مستقبل مستدام.
إمكانات هائلة بالنسبة للشعوب العربية
يمثل تعزيز التنقل الكهربائي بالنسبة لبلدان الشرق الأوسط، التي لطالما اعتمدت على الوقود الأحفوري لدعم تنميتها، عاملاً أساسياً لتسريع أجنداتها للانتقال من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة. وقد شهدنا في السنوات القليلة الماضية كيف تولي المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بتنويع اقتصادها بشكل مستدام، وتطوير أطر عمل مختلفة للطاقة النظيفة في إطار رؤية المملكة 2030. وقد أصبحت السيارات الكهربائية عنصراً حيوياً في استراتيجية المملكة، مع إعلان الحكومة هذا العام عن خططها لشراء 100,000 سيارة كهربائية، وإنشاء ثلاث مصانع للسيارات الكهربائية في المنطقة.
وسيحقق اعتماد السيارات الكهربائية مجموعة من الفوائد المهمة للمملكة، على رأسها خفض تكاليف الوقود، والتي ستتحول إلى دخل متاح للإنفاق في الاقتصاد المحلي. ونظراً لأنها تتمتع بكفاءة أعلى بكثير من محركات الاحتراق الداخلي التي تعمل بالبنزين، ستوفر هذه السيارات عائدات نقدية كبيرة بسبب توفير الوقود في جميع أنحاء البلاد. ولا شك بأن النفط قد أصبح مورداً محدوداً، ولهذا فإن المركبات الكهربائية قادرة على مساعدة المملكة العربية السعودية بشكل كبير في الحفاظ على مواردها من الطاقة.
السيارات المتصلة وذاتية القيادة – الآفاق الجديدة للسيارات الكهربائية
أدى ظهور المركبات الكهربائية على مدى السنوات القليلة الماضية، إلى إحداث تطورات مهمة في مجال التنقل المتصل السيارات ذاتية القيادة. وشهدنا كيف تم دمج إمكانات التنقل المتصل والقدرات المؤتمتة، المدعومة بتقنيات رقمية ناشئة، في صميم هذه الصناعة لدرجة بدأنا نلمس فيها بأنها تعيد تعريف مفهوم السيارات الكهربائية بشكل جذري.
ومن المقرر أن تكون السيارات الكهربائية المتصلة وذاتية القيادة تذكرة الدخول إلى حقبة جديدة من التنقل، تتسم بسيارات صديقة للبيئة ومعقولة التكلفة وتتمتع بالكفاءة. وستعمل القدرات المتقدمة، كنظام التحذير من الاصطدام، وفرملة الطوارئ المستقلة، على تقليل الحوادث والوفيات، ومساعدة الدول في بناء قطاع نقل أكثر أماناً. وتضمن أجهزة الاستشعار الذكية التي تجمع البيانات وتحلل ظروف الطريق، تقليل الازدحام المروري وتقليل وقت السفر، مما يساعد بشكل كبير على تقليل الانبعاثات.
التكنولوجيا الخلوية تمكّن مفهوم التنقل الكهربائي المتصل
تشير إحدى إحصائيات شركة (Statista)، إلى أنه من المتوقع أن يصل حجم سوق السيارات المتصلة إلى 166 مليار دولار بحلول عام 2025. وبما أنها مدعومة بالتقنيات الرقمية التي تعتمد على الاتصال الخلوي، كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، فإن البنية التحتية القوية للشبكة ستكون حجر الزاوية في تعزيز هذه الصناعة. كما يساهم توفر شبكة قوية في توسيع نطاق التنقل بالسيارات ذاتية القيادة، إذ أنها تتيح اتصال بيانات مباشر وسريع ومتقدم عريض النطاق بين المركبات.
وقد أضحى اتصال الجيل الخامس اليوم عاملاً داعماً رئيسياً ومحركاً للنمو في مجال التنقل المتصل. ويرجع ذلك إلى أن اتصال الجيل الخامس يتمتع بزمن استجابة منخفض للغاية، وقدرة عالية تتيح إمكانيات مؤتمتة متنوعة، وتعزز الابتكار في مجال التنقل المتصل. وبما أنها أكثر موثوقية بكثير من شبكات الجيل السابق، تضمن شبكة الجيل الخامس تسليم المعلومات الحساسة للوقت في وقت أسرع بكثير، فضلاً عن أنها تتيح التحكم عن بعد في المركبات والأساطيل، وبأوقات استجابة قصيرة وموارد مضمونة.
مستقبل مشرق
تمضي السيارات في اتجاه مستمر لتصبح أكثر اتصالاً و معتمدة اكثر على الكهرباء والأتمتة من أي وقت مضى، ونحن نعمل حالياً على تطوير حلول تشمل إنترنت الأشياء والسحابة لضمان ازدهار صناعة السيارات المتنقلة في السنوات القادمة. كما أننا نعلم جيداً بأن الشبكات معقدة نوعاً ما، ولهذا فقد ركزنا جهودنا على وضع معيار يجعل الشبكات الخاصة بالمركبات المتصلة في المستقبل أكثر سهولة وأبسط إدارة. ونحن بلا شك نستعد الآن للمرحلة الثورية التالية لقطاع التنقل، لا سيما مع جهودنا لابتكار حلول لربط مليارات السيارات في مختلف أنحاء العالم.
ونحن نتطلع إلى مساعدة المملكة العربية السعودية على تطوير صناعة التنقل المتصل والكهربائي، من خلال العمل بالتعاون مع شركائنا الإقليميين. وبما أن المملكة تهدف لأن تكون نسبة السيارات الكهربائية فيها 30% بحلول عام 2030، فإننا مصممون على المضي قدماً في مساعدة مزودي خدمات الاتصالات في المنطقة على اغتنام هذه الفرصة الكبيرة، لتتمكن من تحقيق عائدات جديدة عبر توفير اتصال الجيل الخامس، ودعمهم في تقديم اتصالات تتضمن خدمات ذات قيمة مضافة، مثل تكامل الأنظمة وتحليلات البيانات.