أربع طرق توفر للشركات السعودية عامل “المرونة” خلال عام من عدم الاستقرار
بقلم: أحمد بدوي ، مهندس حلول الحوسبة السحابية بشركة «نيوتانيكس»
اثيرت مفاهيم عدة في السنوات ما قبل جائحة كورونا، حيث تردد بشكل سائد بكافة مؤتمرات تكنولوجيا الأعمال كلمة “التغيير اليسير”. كنا في حاجة ضرورية لتحقيق هذا المفهوم المبسط لعملية التغيير لتتوافق مع العالم المتغير بطبيعته. ويمكننا القول بأن “التغيير هو الامر المؤكد”.
واليوم قد ثبت أن جميع المتحدثين الذين أشاروا سابقا بأهمية القدرة على التكيف وخفة الحركة لمواجهة التحديات كانوا على حق، أو على أقل تقدير كانوا أكثر صوابًا. فمن المنطقي أن تكون الشركات لديها القدرة الكافية على التغيير لأننا أصبحنا اليوم نعيش في عالم غير قابل للتنبؤ مثل السابق. ولا تزال هناك عوامل تشكل تحديات قوية للأعمال مثل الجائحة والأوبئة والصراع الجيوسياسي والحروب التجارية و اختلاط وفوضي الموردين والتغيير المناخي ومستقبل كوكب الأرض وكيفية التعامل مع مشاكل الاستدامة. نعم، إنها تحديات كبيرة للغاية.
أفضل استخدام مصطلح “المرونة”، والقريب من مصطلع “التغيير اليسير” ولكنه أكثر دقة، ويمكنني توضيح أربع مجالات محددة توفر أقصى قدر من المرونة لحلول الشركات و التي ستدعم أعمالهم و تحفزهم علي البقاء و الازدهار.
مرونة رخص الاشتراك
بخلاف بعض الاستثناءات، كان الاتجاه واضحا بالإجماع نحو اتباع نظام ترخيص الاشتراك باعتباره الطريقة المفضلة للدفع مقابل توفير خدمات البرامج. اعتادت حلول البرامح للشركات أن تكون شبه موحدة لتناسب الجميع: ان تدفع كمستخدم قيمة الاشتراك مقدما لحلول ذات سعة زائدة ثم تقوم بالسداد لقيمة نفس السعة مقابل دعم الصيانة السنوي. والنتيجة: ضعف القيمة بالنسبة للمشتري، وعدم وجود ارتباط بين الاستخدام والسعر المدفوع، مع وجود سياسة تقييد استخدام لنفس المنتج مما يجعل من الصعب الابتعاد عن المورد الحالي. ولكن مع نظام الاشتراكات، فأنت تدفع الآن لكل خدمة مطلوبة: أي بناءً على معدل الاستهلاك وبدون أي غرامات على المحدودية أو الإفراط في الاستخدام. هذا النظام يوفر ذلك قيمة ملحوظة للمدير المالي للشركة وأيضًا القدرة على تجربة الأفكار والمشاريع بأقل قدر من المخاطر لأنه يمكن الاستعناء عنها أو إغلاقها بسرعة حسب نسبة المخاطر.
مرونة البنية التحتية للحوسبة السحابية
من المنطقي مواءمة عمليات تشغيل بيئات تكنولوجيا المعلومات مع بيئة اليوم الغير متوقعة ونظام الاعمال الهجينة. ولقد بدأ ذلك من قبل انتشار الجائحة، وقد شهدنا بالفعل تسارعًا واضحًا في استخدام تطبيقات الحوسبة السحابية العامة والخاصة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن حلول الحوسبة السحابية تدعم اَليات العمل عن بُعد فضلا عن التعاون مع ” البنية التحتية الافتراضية لسطح المكتب” (VDI) والدعم عن بُعد. وعادة ما تسير خدمات الحوسبة السحابية بخطوات موازية ومناسبة لأسعار الاشتراك، والتي ناقشنا مزاياها بالفعل. وبالمثل، تستخدم بعض الشركات الأنظمة الأساسية في الحوسبة السحابية بغرض تكثيف العروض الترويجية أو العروض الأخرى، استنادًا إلى التحليلات في الوقت الفعلي التي تساعد على تحديد الفرص وبدء الإجراءات السريعة. إنه رهان عادل على أن استخدام مناهج الحوسبة السحابة الهجينة التي تغطي أسس أيًا كان مستقبل العمل على المدى القريب والمتوسط سيكون الحل الأمثل. حلول الحوسبة السحابية سريعة الإعداد وسهلة فى التدويل والتوسع، ويمكن إزالتها بسهولة أيضًا. هذا هو المثال المثالي لهندسة تكنولوجيا المعلومات التي تلبي احتياجات العمل.
اقرا ايضا كاسبرسكي: 25% من شبكات الواي فاي المفتوحة في باريس خلال دورة الألعاب الأولمبية غير آمنة
مرونة القوى العاملة
بالنسبة للعديد من الشركات العاملة في اقتصاد المعرفة، إن لم يكن معظمها، ستستمر في اتباع نهج العمل بالحوسبة الهجينة حتى عندما يصبح الوباء شيئًا أقل رعباً وإلحاحًا. ومع ذلك، من الصعب معرفة كيفية حدوث ذلك بالضبط. تشهد بعض الشركات زيادة في عدد الموظفين العاملين في المكاتب بضعة أيام في الأسبوع (غالبًا أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس) ولكننا لا نعرف أنماط العمل التي ستظهر. هناك تحديات لهذا، ولكن هناك أيضًا فرص لأن لدينا ميزة لن تتكرر إلا مرة واحدة في العمر لبناء عالم جديد من نظم الأعمال. نحتاج إلى أشخاص يعملون من مواقع يشعرون فيها بالراحة والتحفيز والتوازن ونحتاج إلى إيجاد طرق جديدة لإطلاق العنان للتعاون المثمر فيما بينهم. وسيشمل ذلك السلوكيات الجديدة للموظفين، وتحديث التصميمات للمكاتب الجديدة، وإدارة المعرفة بأنظمة العمل الجماعي الجديدة. كل ذلك قد يحفزنا للشعور بعمل اكثر حرية، بعيدًا عن الأنظمة القائمة حاليًا والتنقل اليومي للعمل بشكل بائس والذي قد يبدو فجأة غير منطقي أو غير ضروري.
مرونة القيادة الإدراية
يحتاج مديري الشركات دائمًا إلى قيادة التغيير وإضفاء الثقافة المرغوبة لتنمية الأعمال و تطويرها ولكن هذا الأمر اليوم أصعب مما كان سابقًا من بعض النواحي. لا يمكن للمدير التنفيذي أن يقول فقط “هذه رؤيتنا للعام المقبل”، ناهيك عن السنوات الخمس المقبلة. بدلاً من بيع رؤية ثابتة، يحتاجون إلى مشاركة تجارب ومعارف التكيف مع التغيير. ليس من السهل الترويج لذلك ولكن من الضروري أن يعرف الجميع أن التغيير سيكون في أسلوب الحياة لبعض الوقت. فلا يعرف تجار التجزئة أن هناك طلبا للعودة لاتمام عمليات التسوق في الشوارع، ولا يمكن لشركات الضيافة أن تكون متأكدة مما يريده جمهورها. نحتاج جميعًا إلى التحلي بالتواضع والاستماع إلى نتاج ما فعلته جائحة كورونا بنا وما دفعت به لتغيير السلوك البشري. سيحتاج القادة إلى التخطيط بالطبع ولكن يجب عليهم أيضًا التعايش و الحاجة إلى تصحيح المسار بشكل منتظم. وهناك البعض في مجالات مختلفة يظهرون سلوك “مقاومة الانكسار” سواء بقصد أو بغير. كما كتب “نسيم نيكولاس طالب” في كتابه “ضد الكسر”: “إن الصدمات مفيدة لبعض القضايا والأشياء. قد تزدهر و تنمو عند تعرضها للتقلبات والعشوائية والاضطراب والضغوط إنها كحالة مغامرة فى حب عدم اليقين والسير فوق الاحبال… إن مقاومة الانكسار تتجاوز المرونة أو القوة. رغبة الصمود هي المقاوم للصدمات ويبقيه على حاله؛ المقاوم للإنكسار يتحسن”.
ولذا فنحن جميعًا نتطلع إلى المستقبل، واثقين فقط من أنه كما كتب عالم الرياضيات جون ألين بولوس، “عدم اليقين هو دليل وجود اليقين”. انها حقيقة نتحسسها اليوم و هي كما كانت في زمن هيراقليطس. ولكن بشرط ان نكون قادرين بما فيه الكفاية على الموائمة و المرونة مع أوضاعنا، فسننتهي من ذلك.