أخبار عامة

21 ألف كلم على ظهر الإبل..”شمال نجد”.. رحلة قبل 100 عام تنثر عبيرها “مكتبة المؤسس”

حياة البادية والتجمعات البدوية وعاداتها وتقاليدها وشخصيات في كتاب وثائقي لـ”ألويس موسيل”


متابعة جمال علم الدين

تواصل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، إصدار كتبها النوعية التي تتناول بالبحث والتفصيل ملامح مهمة من تاريخ المملكة العربية السعودية قبل مرحلة التأسيس وبعدها، وذلك من خلال الكتب التي ألفها عدد كبير من المستشرقين والرحالة الغربيين خلال زيارتهم للجزيرة العربية عبر مراحل تاريخية متعددة.

وأصدرت المكتبة حديثاً كتابا بعنوان: “شمال نجد: يوميات رحلة استكشافية على ظهور الإبل” من تأليف: ألويس موسيل (1868- 1944م)، وترجمة: عطية بن كريم الظفيري (الطبعة الأولى، أكتوبر 2023).

يتضمن الكتاب الواقع في (390) صفحة سبعة فصول، يتناول فيها المؤلف رحلته منذ البدء حتى نهايتها، حيث قام برحلته إلى “نجد” في عام (1333هـ / 1915م).

وتحددت عناوين الفصول، كالآتي: من الجوف: دومة الجندل إلى الثعلبية، من الثعلبية إلى جنوب وادي الرمة، من مخيم شمّر إلى موقق، من موقق إلى العلا، من العلا إلى لينة على امتداد التخوم الجنوبية للنفود، في ديار قبيلة الظفير وصحراء الدهناء، من لينة إلى النجف عن طريق الحج القديم.

ويضم الكتاب ثمانية ملاحق تناول فيها المؤلف بالرصد والتوصيف طريق الحج من الكوفة، وصفحات من تاريخ زرود وضواحيها، والثعلبية، ومحطة فيد في التاريخ، وخالد بن الوليد في بزاخة، وصفحات من تاريخ تيماء، وملحوظات تاريخية حول واقصة وضواحيها، وغيرها من الموضوعات، إضافة إلى عدد من الصور النادرة للأماكن التي شاهدها خلال رحلته.

وتتبدى أهمية الكتاب في كونه يشكل مصدرًا مهمًّا في معرفة حياة البادية والتجمعات البدوية وعاداتها وتقاليدها؛ حيث يقول لوسيل في مقدمة كتابه: “خلال رحلاتي في الصحراء العربية عام 1909 رسمت خريطة لحدود النفود الشمالية والغربية، وقررتُ أن أستكشف في وقت لاحق الأطراف الجنوبية والشرقية للصحراء، والمضيّ قدمًا -من خلال طريق الحج- إلى الكوفة لكي أكمل رسم خريطتي لشمال الجزيرة العربية، ويمثل الكتاب الحالي سجل هذه الاستكشافات التي جرت عام 1915”.

كتاب “لوسيل” يضم مادة جمعها من المخطوطات والمواد المطبوعة، ومن الأقوال الشفهية التي استقاها بشكل شخصي من الشخصيات التي قابلها في جزيرة العرب، ومن تعرفه على شيوخ القبائل العربية وصداقته لهم.

وسجل لوسيل في رحلته كل الأماكن التي عبر بها من الجوف إلى الثعلبية، ومنها إلى شمال وادي الرمة ثم إلى حائل وموقق، والعلا وتخوم النفود الكبير الجنوبية ثم إلى ديار قبيلة الظفير على طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرّمة، ومن هنا فقد قدم دراسة ميدانية عززت مكانتها استيعابه اللغة العربية، وآفاقه الفكرية الواسعة من اهتمامه بالمعالم الطبوغرافية والآثارية، وقد قسم رحلته قسمين: الأول: دراسة مسحية ميدانية على أرض الواقع، والقيام بقياس المسافات وتحدي المعالم الطبوغرافية، والثاني: الغوص في بطون الكتب العربية الجغرافية والتاريخية القديمة، ومقارنة هذه المواضع والمعالم الجغرافية بما ورد بالكتب المرجعية التي تجاوزت الثلاثين مرجعاً منها: ياقوت الحموي، والطبري، والمقدسي، والواقدي، وابن حوقل، والبكري، والأصفهاني وابن الأثير وغيرهم.

والبروفيسور ألويس موسيل أو (موسى بن نمسا) أو الشيخ (موسى الرويلي) عالم نمساوي – تشيكي لاهوتي، اهتم بكتاب العهد القديم والكتب اليونانية والرومانية والآرامية، والكتب العربية الجغرافية والتاريخية والأدبية القديمة في العصر الذهبي للحضارة العربية – الإسلامية، درّس في جامعة فيينا في النمسا، وفيما بعد درّس في جامعة تشارلز في براغ (جمهورية التشيك) قسم الدراسات الشرقية.

قطع في سبيل العلم مسافة 21 ألف كيلو متر من الرحلات الصحراوية على ظهر بعير، وأصدر أكثر من (50) كتابًا، بما في ذلك ستة مجلدات مصورة نشرتها الجمعية الجغرافية الأمريكية، ونحو (1200) مقال علمي، وأكثر من (500) قصيدة نسخها وترجمها، والآلاف من صور المواقع الأثرية والمناظر الطبيعية والأشخاص وبيوت شعر البدو، والخرائط الطبوغرافية والمسوحات للأقاليم التي لم يرها الغرب من قبل، والاكتشاف المثير لقصر عمرة، وهو يعد الآن من مواقع التراث العالمي.

وكتب “موسيل” ونشر باللغات التشيكية والإنجليزية والعربية والألمانية، وعين عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق، وكان يجيد 15 لغة حديثة وقديمة، وتعرف في رحلاته الصحراوية الطويلة على اللهجات العامية لمختلف القبائل البدوية وقام بين عامي 1895-1917م بإحدى عشرة رحلة ميدانية إلى المنطقة العربية شملت مواقع في فلسطين، ومصر، وبلاد الشام، وشمال الجزيرة العربية.

قال عنه العلامة الشيخ حمد الجاسر: “هذا المستشرق من أوسع المستشرقين اطلاعاً على أحوال بلاد العرب في عصرنا الحاضر”.

يذكر أن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ركزت في ترجماتها على كتب الرحلات التي تمثل أفقاً مهماً في مجالات الثقافة والمعرفة والبحث، لهذا عنيت المكتبة بإصدارها وترجمتها، خاصة ما يهتم منها بتاريخ المملكة العربية السعودية قبل التأسيس وبعده، وتهتم كذلك بتاريخ شبه الجزيرة العربية وعاداتها وتقاليدها، حيث انتشرت هذه الرحلات عبر فترات زمنية تقع ما بين القرن السادس عشر حتى العشرين الميلادي، وينتمى كتابها إلى عدة بلدان أوروبية وشرقية مثل: ألمانيا، والنمسا، والهند، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، واليابان.

ومن أبرز هذه الكتب المترجمة التي صدرت ضمن برنامج النشر العلمي والترجمة بالمكتبة: “شهور في ديار العرب” من تأليف العلامة مسعود عالم، وياباني في مكة، لتاكيشي سوزوكي، و”في شبه الجزيرة العربية المجهولة” من تأليف آر إي تشيزمان، و”فيلبي الجزيرة العربية” لإليزابيث مونرو، و”شبه الجزيرة العربية في كتابات الرحالة الغربيين في مائة عام” لألبرخت زيمة، و”في شبه الجزيرة العربية المجهولة” من تأليف آر إي تشيزمان، و: “فيلبي الجزيرة العربية” من تأليف إليزابيث مونرو، و”شبه الجزيرة العربية في كتابات الرحالة الغربيين في مائة عام” من تأليف البرخت زيمة و”الحج إلى مكة” لليدي إيفيلينكوبلد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى