التطبيب عن بعد يُحدث نقلة نوعية لدى مرض السكري في المملكة
الرياض، جلف تك – كشف تقرير صادر حديثاً عن “وحدة المعلومات الاقتصادية” الخاصة بالـ “الإيكونوميست” أن عدد عيادات التطبيب عن بعد لمرضى السكري في المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة ارتفعت بنسبة 90٪ خلال العام الماضي . فيما كان يقدّر معدّل النمو السنوي لهذه العيادات الافتراضية سابقاً بـ 10%، وذلك بسبب عدم انتشار مفهوم التطبيب عن بعد بشكل واسع آنذاك.
وبحسب ما أورده التقرير، فإن لإنتشار جائحة كورونا (كوفيد-19) والقيود التي فرضتها العديد من الحكومات حينها لمواجهة انتشار الفيروس، دوراً كبيراً في إنعاش الطلب على خدمات التطبيب عن بعد لمرض السكري في عام 2020، خاصةً أن تلك القيود أدت إلى الحد من خدمات الرعاية السريرية غير العاجلة، وساهمت بالمقابل في رفع نسبة تعلم كيفية استخدام التطبيقات الرقمية.
وأظهر التقرير ارتفاع نسبة رضا غالبية مرضى السكري الذين تلقوا الاستشارات العلاجية عبر الجلسات الافتراضية، حيث ساهم التطبيب عن بعد في توفير نصائح مكنّت المرضى من الحفاظ على قدر جيد من التحكّم بنسبة الغلوكوز في الجسم، وذلك أثناء تواجدهم في المنزل، دون الحاجة إلى ذهابهم إلى العيادات والمراكز الصحية، والتعرَض إلى خطر الاصابة بفيروس كورونا.
ووفقاً لتقارير عام 2019 ، شهدت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ارتفاعاً في معدلات الإصابة بمرض السكري، حيث تم تشخيص إصابة واحد من كل خمسة بالغين في السعودية بمرض السكري (أي حوالي 18.3٪ من عدد السكان)، وشخص واحد من كل ستة في الامارات1 (أي حوالي 15.4٪ من عدد السكان).
وتأتي هذه الأرقام الإحصائية لمرضى السكري متوافقة مع العديد من الدراسات التي توقعت زيادة نسبة المصابين بمرض السكري في هاتين الدولتين، إضافةً إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية الخاصة بالمرض لأكثر من 500٪ والتي قدّرت قيمتها بنحو 24,3 مليار ريال سعودي في عام 2020 بالمملكة2 . هذا الأمر يؤكّد الحاجة المتزايدة لابتكار وسائل جديدة للإدارة المستدامة لخدمات الرعاية الصحية، وذلك لمواجهة الاعباء الاقتصادية المتزايدة على هذا القطاع.
وفي معرض تعليقه على نتائج التقرير الصادر عن الإيكونوميست، أشار البروفيسور د. بسام صالح بن عباس، استشاري قسم الغدد الصماء والسكري في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إلى أن “النمط المعيشي غير المستقر لاسيما في العادات الغذائية، أسهم في انتشار مرضى السمنة والسكري في المملكة العربية السعودية”. وأضاف عباس: “من الضروري تمكين المرضى من التحكم بمستوى السكر في الدم، لتقليل المضاعفات الصحية. ولحسن الحظ، أتاح التطور الحاصل في مجال التقنيات الطبية توفير أدوات لمراقبة مرض السكري عن بعد، إضافة إلبى مساعدة الأطباء على معرفة نسبة الغلوكوز لدى مرضاهم في أي وقت، من أجل تقديم المشورة الطبية القيمة عند الحاجة”.
وبالنسبة لخدمات التطبيب عن بعد، وجد تقرير وحدة المعلومات الاقتصادية أن الاستشارات العلاجية التي وفرتها تلك الخدمات تلعب دورًا هاماً فيما يعرف بمفهوم “الرعاية المتواصلة” وايضاً في الحفاظ على صحة المستفيدين منها، مع وجود فائدة إضافية، تتمثل في كونها خيارًا منخفض التكلفة، من خلال تقليل تكلفة رحلات السفر للعلاج، وتخفيف نسبة المواعيد التي يتم الغاءها، بسبب عدم القدرة للوصول إلى العيادات، والاستفادة بأقصى قدر من وقت الممارسين الطبيين.
من جهته، أشار هاني خساتي، المدير الإقليمي لأعمال رعاية السكري في شركة أبوت إلى أن “مرض السكري يعد من أكثر الأمراض غير المعدية انتشاراً في منطقة الشرق الأوسط”. وأردف خساتي قائلاً: “اليوم، تمكّن ادوات المراقبة المستمرة لمستويات الغلوكوز لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من التحكّم بالمرض بشكل أفضل، من دون الحاجة إلى الإجراءات التقليدية لمعرفة تلك المستويات مثل وخز الإصبع. كما تتيح القراءات الصادرة عن هذه الادوات للمرضى امكانية مشاركة المعلومات القيمة مع أطبائهم المعالجين بشكل طوعي، من خلال تقنيات رقمية آمنة قائمة على خدمات الحوسبة السحابية، حيث تقوم هذه الادوات بزيادة فعالية اختبارات HbA1c وتساهم في تحسين النتائج السريرية3,4، وتقلل من الحاجة إلى الذهاب بشكل شخصي إلى العيادات”.
الجدير بالذكر أن التقرير يتوقع ظهور نماذج هجينة لمفهوم الرعاية الصحية، خصوصاً مع تخفيف الاجراءات المتعلقة بالقيود المفروضة نتيجة جائحة كورونا. ومن خلال هذه النماذج، سيكون هناك فرصة أكبر لتحقيق توازن في عملية الحصول على الاستشارات الطبية، من خلال اتاحة الخيار لمرضى السكري بين الحصول على الخدمات العلاجية، إما بشكل شخصي أو عن بعد، خصوصاً مع انتشار ادوات المراقبة للمرض ذات الاستخدام السهل بشكل كبير.