كيف يساهم مشروع قانون تنظيم أوضاع اللاجئين في تعزيز حقوقهم في مصر؟
ابرز عدد من الأحزاب والنواب أهمية مشروع القانون الذي قدمته الحكومة بشأن لجوء الأجانب، في ظل الزيادة الملحوظة في أعداد اللاجئين في مصر. وأشاروا إلى أن هذا المشروع يتماشى مع المبادئ الدستورية والاتفاقيات الدولية، مما يسهم في توفير المزيد من التسهيلات للمستحقين، سواء في مجالات التعليم أو العمل وغيرها من الجوانب التي تضمن لهم حياة كريمة.
كما تعاملت القيادة السياسية المصرية بحذر شديد مع ملف اللاجئين، حيث قدمت لهم كافة التسهيلات والخدمات التي تُقدم للمواطنين المصريين. وقد أكدت مرارًا أن اللاجئين هم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصري، وأنهم يحظون بكامل الرعاية على الأراضي المصرية.
يهدف مشروع القانون إلى تنظيم أوضاع اللاجئين وحقوقهم وفقًا للاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر. ويتضمن ذلك إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين تكون الجهة المسؤولة عن جميع القضايا المتعلقة باللاجئين، بما في ذلك جمع المعلومات والبيانات الإحصائية، لضمان تقديم الدعم والمساندة الشاملة.
ينص المشروع على تأسيس لجنة دائمة لشؤون اللاجئين تتبع رئيس مجلس الوزراء، وتكون مختصة بفصل طلبات اللجوء والتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وضمان توفير جميع أشكال الدعم. يمكن تقديم طلب اللجوء إلى اللجنة من قبل الشخص المعني أو من ينوب عنه، على أن يتم البت في الطلبات خلال 6 أشهر للمقيمين بطرق قانونية، وسنة كحد أقصى لمن دخلوا البلاد بطرق غير قانونية.
مشروع قانون تنظيم أوضاع اللاجئين
يتمتع اللاجئ بمجموعة من الحقوق تشمل الحصول على وثيقة سفر، والحرية في ممارسة معتقداته الدينية، وحماية حقوقه في مسائل الأحوال الشخصية والميراث، بالإضافة إلى حقوقه في الملكية والتقاضي والعمل. كما يحق للطفل اللاجئ الحصول على التعليم والرعاية الصحية، وتلتزم الدولة بتوفير هذه الحقوق دون تحميله أي أعباء مالية إضافية.
يتعين على اللاجئ الالتزام بالقوانين المصرية وعدم الانخراط في أي أنشطة قد تهدد الأمن القومي أو النظام العام. كما يُحظر عليه المشاركة في الأنشطة السياسية أو الحزبية. يُرفض طلب اللجوء في حال ارتكاب طالب اللجوء لجريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب، أو إذا كان مدرجًا في قوائم الكيانات الإرهابية.
ينص المشروع على سحب صفة اللاجئ إذا ثبت أنه حصل عليها بناءً على معلومات غير صحيحة أو إذا ارتكب أي من المحظورات المنصوص عليها في القانون. كما يتوجب على من يدخل البلاد بطرق غير مشروعة تقديم طلب اللجوء خلال 45 يومًا من تاريخ الدخول، مع فرض عقوبات تشمل الحبس والغرامة على المخالفين.
قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، إن موافقة مجلس النواب على قانون تنظيم لجوء الأجانب في مصر تُعد خطوة تاريخية تعكس التزام الدولة المصرية بالقيم الإنسانية والمعايير الدولية. هذا القانون يضع إطارًا قانونيًا شاملًا لحماية اللاجئين وتنظيم وجودهم في البلاد، مما يضمن تلبية احتياجاتهم الإنسانية مع الحفاظ على الأمن القومي واستقرار المجتمع. وأكد أن هذه الخطوة تمثل بداية جديدة نحو تعزيز السياسات الإنسانية في مصر بما يتماشى مع التزاماتها الدولية، وتعكس روح التضامن التي تميز الشعب المصري عبر تاريخه الطويل.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن هذا القانون يعزز من مكانة مصر الإقليمية والدولية كدولة مسؤولة تدعم السلام وحقوق الإنسان. ومن خلال هذا التشريع، تقدم مصر نموذجًا متقدمًا في التعامل مع أزمة اللاجئين، حيث يضمن القانون حقوق اللاجئين في التعليم والرعاية الصحية والعمل وفقًا لضوابط محددة. كما يتيح القانون تنسيقًا فعالًا بين الحكومة المصرية والمنظمات الدولية، بما في ذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية بشكل أكثر كفاءة.
واشار فرحات إلى أن القانون يوفر فوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة لمصر، حيث يتيح للاجئين العمل بشكل قانوني تحت إشراف الدولة، مما يعزز الاقتصاد المحلي. كما يدعم القانون البنية التحتية للمجتمعات المستضيفة من خلال زيادة الاستثمارات الدولية المخصصة لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
وأكد فرحات أن هذا التشريع يعكس رؤية القيادة السياسية المصرية التي تضع البعد الإنساني في مقدمة أولوياتها، مشدداً على أن مصر ستظل دائماً ملاذاً آمناً لكل من يسعى للحماية والأمان في ظل الأزمات والنزاعات التي تعاني منها المنطقة. كما أشاد بدور مجلس النواب في مناقشة القانون واعتماده.
قال الدكتور محي عبدالسلام، الخبير الاقتصادي، إن مصر كانت دائمًا دولة مضيفة عبر التاريخ، حيث ترحب بالجميع وتوفر جميع الخدمات اللازمة لدعم اللاجئين، الذين يمثلون حوالي 10% من إجمالي السكان، بما في ذلك تقديم الدعم في مجالات الوقود وأشكال أخرى من المساعدات.
وأشار عبدالسلام إلى أن مصر تتعامل مع ملف اللاجئين بمرونة كبيرة، حيث بدأت الحكومة في إنشاء قاعدة بيانات شاملة لهذا الملف، والتي ستشكل الأساس للمطالبات الدولية المتعلقة باللاجئين.
وأكد الخبير الاقتصادي على الدور الطويل الأمد لمصر في استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، مشيرًا إلى أن الميثاق الدولي للاجئين ينص على مبدأ التضامن الدولي والمشاركة الجماعية لدعم الدول المستضيفة. وأوضح أن مصر تتحمل اليوم جزءًا كبيرًا من مسؤولية قضية اللاجئين على المستوى العالمي.
افاد محمود البدوي، المحامي والخبير في حقوق الإنسان، بأن مصر تبذل جهودًا كبيرة لضمان حصول اللاجئين على حقوق متساوية مع المواطنين، بما في ذلك التعليم المجاني والرعاية الصحية، وذلك استنادًا إلى الالتزامات الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 والبروتوكول الاختياري لعام 1967.
وأضاف البدوي أن مصر انضمت إلى العهد الدولي للاجئين في عام 2018 وشاركت في المنتدى العالمي للاجئين في جنيف عام 2019. كما تربطها مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين منذ عام 1954، مما يعزز من دورها في تحديد وضع اللاجئين.
وشدد على أهمية توثيق أعداد اللاجئين وتسجيل التكاليف التي تتحملها الدولة، مشيرًا إلى أن مصر تنفق أكثر من 10 مليارات دولار سنويًا على الخدمات المقدمة للاجئين.
أكد ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، على أهمية مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون الذي قدمته الحكومة بشأن إصدار قانون لجوء الأجانب، مشيراً إلى موافقة المجلس اليوم على المواد الثلاثة المتعلقة بالإصدار. وأوضح أن مصر، على مر تاريخها “القديم والحديث”، كانت دائماً بلداً مضيافاً يفتح أبوابه لكل من يلجأ إليها، ويعاملهم كما يعامل مواطنيها، مشدداً على أن التاريخ لم يسجل أبداً إقامة معسكرات للاجئين كما هو الحال في دول أخرى.
كما أشار رئيس حزب الجيل إلى أن مشروع القانون يمثل استحقاقاً دستورياً، حيث نصت مادته (91) على أن الدولة ملزمة بمنح حق اللجوء السياسي لكل أجنبي تعرض للاضطهاد بسبب دفاعه عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو العدالة، وأن تسليم اللاجئين السياسيين محظور.
أعرب الشهابي عن تأييده لإصدار هذا القانون، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها بعض الدول العربية والإفريقية، مما يضطر مواطنيها إلى النزوح واللجوء إلى مصر، التي يعتبرها العرب والأفارقة “بلدهم الثاني” تاريخياً. وأشار إلى أن إصدار القانون يأتي في الوقت المناسب، في ظل تزايد موجات النزوح والارتفاع الملحوظ في أعداد اللاجئين وملتمسي اللجوء المسجلين لدى مكتب المفوضية في مصر.
وصرح النائب عمرو هندي، عضو مجلس النواب، بأن قانون لجوء الأجانب يمثل خطوة هامة تُضاف إلى إنجازات مصر في مجال حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن “مصر دولة عظيمة احتضنت ملايين اللاجئين دون أن تقيم لهم معسكرات لجوء كما فعل الآخرون”.
وأضاف هندي أن مشروع القانون الذي قدمته الحكومة بشأن لجوء الأجانب يعكس التزام الدولة المصرية بدورها الرائد في وضع تشريع ينظم حقوق اللاجئين والتزاماتهم. وأكد أن مصر، كدولة كبيرة، تلتزم دائماً باتفاقياتها الدولية وتؤدي واجبها القومي تجاه الأمة العربية وواجبها الأخلاقي تجاه الإنسانية.
وأشار هندي إلى أن مشروع القانون أصبح من التشريعات الضرورية، خاصة مع تزايد أعداد الضيوف في مصر نتيجة الأحداث الجارية في المنطقة، مما يستدعي تنظيم قانوني لشروط وإجراءات إقامتهم، بالإضافة إلى ضرورة متابعة الإحصائيات المتعلقة بهم بشكل دائم.
وأكد النائب عمرو هندي أن هذا التشريع يهدف إلى الحفاظ على الأمن القومي المصري من جهة، وأيضاً إلى مراعاة حقوق اللاجئين عند التخطيط لموازنة الدولة، بما يضمن تقديم كافة أوجه الدعم والرعاية للمستحقين، وذلك من خلال إنشاء لجنة دائمة لشؤونهم.