قد تثير كثيراً من الجدل.. دراسة جديدة: كلما انخفضت قدراتك المعرفية أصبحت أكثر تفاؤلاً
جمال علم الدين
في نتيجة قد تثير كثيراً من الجدل، وجدت دراسة بريطانية حديثة أن الإنسان يزداد تفاؤلاً كلما قلت قدراته المعرفية.
وحسب مجلة “ميديكال إكسبريس”، غالباً ما ينظر إلى التفاؤل على أنه سمة إيجابية مرتبطة بالصحة الجيدة وطول العمر. ومع ذلك، تشير دراسة حديثة إلى أنه قد يكون هناك جانب سلبي، عندما يتعلق الأمر بالقدرات المعرفية.
وتضمنت الدراسة حجم عينة كبير مع الأخذ في الاعتبار عدة عوامل، مثل: العمر والتعليم والحالة الاجتماعية والاقتصادية.
اختبارات معرفية ومستوى التفاؤل
وأجرى الباحثون سلسلة من الاختبارات المعرفية للمشاركين، لقياس ذاكرتهم وانتباههم ومهاراتهم في حل المشكلات.. وقاموا أيضا بتقييم مستويات التفاؤل لدى المشاركين باستخدام مقاييس نفسية ثابتة.
وحسب موقع “روسيا اليوم“، كشفت النتائج المنشورة في دورية “Personality and Social Psychology Bulletin”، من جامعة باث البريطانية، عن وجود علاقة ارتباط سلبية بين التفاؤل والقدرات المعرفية.
التفاؤل المفرط
وكان المشاركون الذين سجّلوا درجات أعلى في مقاييس التفاؤل يميلون إلى الأداء بشكل أسوأ في الاختبارات المعرفية، مقارنة بأولئك الذين لديهم مستويات أقل من التفاؤل.
اقرا ايضا نتائج دراسة تأثير برنامج “وصول” في تمكين المرأة السعودية العاملة:
وتظهر النتائج أن التفاؤل المفرط يرتبط في الواقع بالمهارات المعرفية المنخفضة، مثل القدرة اللفظية، والقدرة على التفكير المنطقي وحل المشكلات بمعزل عن المعرفة المكتسبة، والقدرة على الحساب، واستخلاص الاستنتاجات والوصول إليها بناءً على بيانات ومعلومات رقمية، والذاكرة.
مَن يتمتعون بقدرات معرفية عالية
في حين أن أولئك الذين يتمتعون بقدرات معرفية عالية يميلون إلى أن يكونوا أكثر واقعية وتشاؤماً في توقعاتهم بشأن المستقبل.
تفسير هذه النتائج
وقال الدكتور كريس داوسون من كلية الإدارة بجامعة باث: “إن انخفاض القدرة المعرفية يؤدي إلى مزيدٍ من التحيزات الذاتية. الناس يخدعون أنفسهم إلى حد ما”.
وفي حين أن الأسباب الدقيقة لهذا الارتباط ليست مفهومة بالكامل بعد، يقترح الباحثون عدة تفسيرات محتملة. أحد الاحتمالات هو أن الأفراد المفرطين في التفاؤل قد يكونون أكثر عرضة للتغاضي عن العقبات أو التحديات المحتملة، ما يؤدي إلى الافتقار إلى التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات.
وقد يكون هناك تفسير آخر وهو أن المتفائلين قد يعتمدون أكثر على الحدس والمشاعر الغريزية بدلا من الانخراط في التفكير المنهجي والتحليلي.. وهذا الاعتماد على الحدس قد يعيق قدرتهم على التفكير النقدي واتخاذ القرارات العقلانية.
وكانت القرارات المتعلقة بالقضايا المالية الرئيسة، مثل التوظيف أو الاستثمارات أو المدخرات، وأي خيار ينطوي على المخاطر وعدم اليقين، عرضة بشكل خاص لهذا التأثير وتشكل آثاراً خطيرة على الأفراد.
التفاؤل بمكاسب مالية
وأشار الدكتور داوسون، إلى أن: “التوقعات المالية المتفائلة بشكل غير واقعي يمكن أن تؤدي إلى مستويات مفرطة من الاستهلاك والديون، فضلاً عن عدم كفاية المدخرات. ويمكن أن تؤدي أيضاً إلى الدخول المفرط في الأعمال التجارية والفشل اللاحق”.
وفحصت الدراسة بيانات من دراسة استقصائية في المملكة المتحدة شملت أكثر من 36 ألف أسرة، ونظرت في توقعات الناس بشأن رفاهيتهم المالية وقارنتها مع وضعهم الفعلي.
ووجدت الدراسة أن أولئك الذين يتمتعون بأعلى القدرات المعرفية شهدوا زيادة بنسبة 22% في احتمالية “الواقعية” وانخفاضاً بنسبة 35% في احتمالية “التفاؤل الشديد”.
التفاؤل ليس أمراً سيئاً.. ولكن
ومن المهم أن نلاحظ أن هذه الدراسة لا تشير إلى أن التفاؤل أمرٌ سيئ بطبيعته أو أن جميع الأفراد المتفائلين لديهم قدرات معرفية أقل. بل إنه يسلط الضوء على العيوب المحتملة للتفاؤل المفرط والحاجة إلى اتباع نهج متوازن في التفكير.
ويمكن أن يكون التفاؤل سمة قيمة في عديد من جوانب الحياة، حيث يوفر الدافع والمرونة والعقلية الإيجابية. ومع ذلك، من المهم أيضا تنمية مهارات التفكير النقدي والانخراط في تقييمات واقعية للمواقف.
وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم العلاقة بين التفاؤل والقدرات المعرفية بشكل أفضل.
ويمكن للدراسات المستقبلية استكشاف ما إذا كانت هناك مجالات أو سياقات محددة قد يكون فيها التفاؤل أكثر فائدة أو يضر بالأداء المعرفي.