صنّفت الدراسة العالمية لشركة رولاند بيرجر بعنوان “مستقبل الرعاية الصحية” كلًا من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر ضمن فئة “روّاد الابتكار المستقبليين” في قطاع الصحة.
تصدرت المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، قائمة الدول الرائدة عالميًا في مستقبل الابتكار في القطاع الصحي، حيث احتلت هذه الدول مراكز متقدمة في أحدث دراسة عالمية أجرتها شركة رولاند بيرجر تحت عنوان “مستقبل قطاع الصحة 7: أنظمة الرعاية الصحية في المستقبل”، وقد استندت الدراسة إلى استطلاع رأي شمل أكثر من 5,200 مشارك من 25 دولة، بهدف الوقوف على تطلعات الأفراد ورؤيتهم لمستقبل أنظمة الرعاية الصحية في بلدانهم.
وأظهرت نتائج الدراسة وجود العديد من القواسم المشتركة بين تفضيلات المواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي ونظرائهم حول العالم. وأكدت أيضًا الأهمية البالغة التي تحظى بها الصحة في أولويات واهتمامات الأفراد والمجتمعات، إذ تبيّن أنها تُمثل أعلى أولوية على مستوى الإنفاق الحكومي والشخصي، سواء في دول الخليج أو على الصعيد العالمي.
وأعرب غالبية المشاركين في الدراسة على المستوى العالمي (بنسبة 75%) — بمن فيهم المواطنون في الدول الثلاث من مجلس التعاون الخليجي — عن تفضيلهم لأن تتبنى أنظمة الرعاية الصحية نهجًا وقائيًا يركّز على تجنب الأمراض قبل حدوثها، بدلاً من الاكتفاء بمعالجتها بعد ظهور الأعراض. وانسجامًا مع هذا التوجه، أبدت دول الخليج المشمولة في الدراسة تفضيلًا مماثلًا (بنسبة 70%) لإعطاء الأولوية للتدخلات الوقائية المرتبطة بأسلوب الحياة على حساب التدخلات الطبية العلاجية.
وعلى نحو مماثل، أظهرت كلٌّ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر توافقًا مع التوجّه العالمي نحو تحقيق العدالة في الحصول على خدمات الرعاية الصحية.
فقد عبّر المشاركون عن تفضيلهم لأنظمة صحية تضمن مساواة شاملة في فرص الوصول إلى الرعاية الصحية، بغضّ النظر عن القدرات المالية لكل مريض. وعند سؤالهم عن السبل المثلى لمواجهة الارتفاع المستمر في تكاليف الرعاية الصحية، اتفق جميع المشاركين على أن الأولوية يجب أن تكون لخفض أوجه القصور في الإنفاق وتعزيز كفاءته.
ومن أبرز النتائج اللافتة في الدراسة توجّه شعوب دول مجلس التعاون الخليجي نحو تبنّي رؤية مستقبلية متقدمة في مجال الرعاية الصحية. فعلى خلاف العديد من الدول الأخرى المشمولة في الاستطلاع، تميّزت المنطقة بانفتاحها الكبير على الابتكار والتطورات التكنولوجية، وهو ما يعكس — بل ويعزز — أجندات التحوّل الطموحة لكلٍّ من “رؤية السعودية 2030″، واستراتيجية “نحن الإمارات 2031″، والاستراتيجية الوطنية الثالثة للتنمية في قطر (2024–2030)، إلى جانب الاستراتيجية الوطنية الثالثة للصحة (NHS-3) المرتبطة بها.
وعند سؤال المشاركين عمّا إذا كانوا يفضلون استخدام أدوات قائمة على الذكاء الاصطناعي لما توفره من راحة وكفاءة في التفاعل مع منظومة الرعاية الصحية، أو يفضلون التواصل البشري المباشر، تصدّرت دول مجلس التعاون الخليجي نتائج الدراسة من حيث الانفتاح على تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد احتلّت دولة قطر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، المراتب الثانية والثالثة والرابعة على التوالي من بين 25 دولة شملتها الدراسة.
ومن اللافت أن سكان الدول الخليجية الثلاث أبدوا استعدادًا لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بما يزيد عن ضعف نظرائهم في أنظمة الرعاية الصحية المتقدمة الأخرى، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، التي أظهرت تفضيلًا أعلى للتواصل الإنساني المباشر في تعاملات المرضى.
وفيما يتعلق بالاستعداد لتبنّي الابتكار في قطاع الصحة، واصلت دول مجلس التعاون الخليجي تصدّرها عالميًا لهذا التوجه بفضل رؤيتها المستقبلية المتقدمة.
فقد جاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الأولى، ودولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثالثة من حيث تفضيل المرضى الحصول على إمكانية الوصول المبكر إلى العلاجات الجديدة، في حين احتلت المملكة العربية السعودية المركز الأول ودولة قطر المركز الثاني في دعم تبنّي أنظمة الرعاية الصحية للعلاجات المبتكرة في مراحلها الأولى.
وتنسجم هذه النتائج مع الزخم الإقليمي القوي في مجالات البحث والتطوير والابتكار، الذي يشكّل محورًا أساسيًا في تطوير منظومات الرعاية الصحية في دول المنطقة.
ومع توجه أنظمة الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم نحو المستقبل، سيكون من الضروري مواجهة مجموعة من التحديات القائمة التي بدأت بالفعل في ممارسة ضغوط متزايدة على القطاع الصحي، بما في ذلك التغيرات الديموغرافية، وارتفاع معدلات الأمراض غير السارية، والقيود المالية.
ولكي يتم تحقيق النجاح والاستدامة، يتعيّن على أنظمة الرعاية الصحية إدارة مختلف محركات الأداء الرئيسة للمنظومات عالية الكفاءة — مثل العدالة في الوصول إلى الخدمات، والتنسيق الفعّال، والتحول الرقمي، والصحة العامة، وإدارة الموارد، والحوكمة، والابتكار — مع تحقيق توازن دقيق بين الأولويات الاستراتيجية من جهة، وتطلعات الأفراد وقيم المجتمعات من جهة أخرى.
وقالت سارة بردى، مسؤولة قطاع الرعاية الصحية في شركة رولاند بيرجر الشرق الأوسط: “إن الريادة والرغبة الواضحة في تبنّي الابتكار في كلٍّ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر تمثل سمةً فريدة تُميز دول المنطقة التي تمتلك فرصة حقيقية لتوظيف الابتكار كأحد المحركات الرئيسة لمواجهة التحديات التي تواجه أنظمة الرعاية الصحية في وقتنا الحالي، وبناء أنظمة صحية عالية الأداء ومرتفعة القيمة في المستقبل — أنظمة تتفوق في تحقيق العدالة الصحية، وتحسين النتائج الصحية، وضمان الاستخدام المستدام للموارد، مع الاستجابة الفاعلة لاحتياجات الشعوب وتطلعاتهم.”