دوبزل تؤجل الاكتتاب العام رغم نمو الإيرادات بنسبة 75% وتنتظر وضوح السوق
عندما أعلنت مجموعة دوبزل عن خططها للإدراج في سوق دبي المالي، بدا أن ذلك يمثل الإجابة المنتظرة منذ فترة طويلة على سؤال ظل يراود منظومة الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: هل يمكن لشركة محلية أن تبني وتوسع أعمالها بنجاح وتحقق خروجاً مالياً ملحوظاً في الأسواق العامة بالمنطقة؟ إلا أنه، قبل يوم واحد فقط من بدء بناء سجل الاكتتاب، أعلنت الشركة تأجيل الاكتتاب العام الأولي.
بالنسبة لأي شخص يعيش في الإمارات، تُعد دوبزل جزءاً أساسياً من الحياة اليومية. عندما ينتقل السكان إلى دبي، قبل أن يبدأوا حتى بفك حقائبهم، غالباً ما يكونون على دوبزل يبحثون عن الأثاث. تريد سيارة؟ دوبزل. شقة؟ بايوت—المملوكة أيضاً لدوبزل. تبحث عن وظيفة؟ العودة مرة أخرى إلى دوبزل.
يولّد المنصة حوالي 54 مليون جلسة شهرياً وتخدم أكثر من 18 مليون مستخدم نشط شهرياً في الإمارات والسعودية ومصر وأسواق الخليج الأخرى. وتمتلك حوالي 65٪ من حصة حركة المرور في إعلانات العقارات بالإمارات، وتسيطر على 87٪ من حصة إيرادات قطاع السيارات. وكون دوبزل جزءاً متأصلاً في الحياة اليومية، قد لا يدرك العديد من المستخدمين أنهم يتعاملون مع واحدة من أهم شركات التكنولوجيا التي يُمكن أن تُدرج في الأسواق العامة بالمنطقة.
من الناحية المالية، أظهرت دوبزل زخمًا ملحوظًا. فقد زادت الشركة إيراداتها السنوية بنسبة 75٪ خلال السنوات الثلاث الماضية، لتصل من 104 ملايين دولار في 2022 إلى 183 مليون دولار في 2024، بينما ارتفعت هوامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك المعدلة من 25٪ في السنة المالية 2022 إلى 34٪ في 2024، ووصلت إلى 46٪ في النصف الأول من 2025. هذا يمثل نشاطاً ناضجاً ومربحاً يولّد سيولة نقدية، ويجسد الإمكانات الكبيرة للشركات التكنولوجية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتمثل الإمارات حالياً 89٪ من إجمالي إيرادات دوبزل، مع وجود جهود توسعية نشطة في السعودية ضمن استراتيجية النمو الإقليمي.
في شرحها لتأجيل الاكتتاب، أشارت دوبزل إلى “التوقيت الأمثل” والحاجة إلى “تقييم” ظروف السوق. وبينما أفادت الشركة بوجود “تفاعل واهتمام قوي من المستثمرين”، أصبح المعنويات السائدة في الاكتتابات الإقليمية أكثر انتقائية. وتشير الاكتتابات الأخيرة مثل Alec Holdings، الذي انخفض أكثر من 6٪ منذ إدراجه، وأسماء بارزة مثل طلبات ولولو ريتيل، التي تتداول حالياً أقل من أسعار الاكتتاب، إلى هذا التوجه نحو تسعير أكثر انضباطاً.
وقال فرحان بادامي، مدير تطوير الأعمال في إيتور والمتحدث الرسمي باسم هذا البيان: “يبرز قرار دوبزل بتأجيل الاكتتاب العام مرحلة جديدة من النضج لأسواق رأس المال الخليجية. أصبح المستثمرون أكثر وعيًا بالقيمة، مع التركيز على النمو المستدام والربحية على المدى الطويل بدلاً من التهويل قصير الأجل. هذا التحول يمثل إعادة ضبط صحية في السوق، حيث ستحدد الأساسيات القوية الشركات التي ستنجح في الاكتتاب. الأداء المالي القوي لدوبزل يمنحها المرونة لاختيار اللحظة المناسبة لدخول السوق، وهو ما قد يعزز ثقة المستثمرين عند عودتها للاكتتاب”.
وبدعم من شركة Prosus NV، التي كانت قد التزمت باستثمار 100 مليون دولار في الاكتتاب، تحافظ دوبزل على أساسيات قوية وأكدت خططها لمراجعة الاكتتاب في “الوقت المناسب في المستقبل”.
أما بالنسبة لمنظومة التكنولوجيا الأوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن هذا التطور يعزز واقعًا جديدًا: الخروج المالي ممكن، لكنه يجب أن يكون مُسعَّراً بشكل صحيح. ومع استمرار تطور بيئة الاكتتابات في دبي والسعودية، فإن الانضباط الاستثماري وشفافية السوق يرفعان المعايير للاكتتابات المستقبلية. وفي النهاية، قد يكون قرار دوبزل بالانتظار للنافذة السوقية المناسبة أكثر قيمة من الاندفاع نحو الاكتتاب، مما يعكس تقدم المنطقة نحو أسواق عامة أكثر نضجًا وتقودها إرادة المستثمرين.

