جارتنر: المؤسسات بحاجة لدمج الاستدامة في استراتيجيات الذكاء الاصطناعي
جمال علم الدين
استعرضت شركة جارتنر اليوم، وعلى لسان ستيفن دو، رئيس الأبحاث لدى جارتنر، الأثر المتنامي للاستدامة في الأعمال اليومية وحاجة المؤسسات
إلى دمج الاستدامة في الاستراتيجيات الحديثة، لا سيما تلك المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
وتواصل المؤسسات تسريع اعتمادها لتقنيات الذكاء الاصطناعي مدفوعة بالنجاح الذي حققته منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل “شات جي بي تي” (ChatGPT)،
وذلك من أجل تعزيز الابتكار في قطاع الأعمال وتحسين الكفاءة. ولكن غالباً ما يواجه قادة البنى التحتية والعمليات صعوبات في موازنة هذه التطورات مع الاستدامة البيئية،
إذ تميل المؤسسات التي تقوم بتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي إلى تجاهل الأثر البيئي للبنى التحتية للذكاء الاصطناعي التي لديها.
ومع تنامي مستويات التعقيد التي تتسم بها التقنيات والنماذج ومجموعات البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي،
فإن الآثار المادية والبصمة البيئية للبنى التحتية للذكاء الاصطناعي أصبحت تشكل مصدر قلق للقيادات في المستويات التنفيذية إذ أن آثار تجاهل متطلبات الاستدامة لا تقتصر على تحقيق أهداف الاستدامة التنظيمية فحسب،
ولكنها أيضاً تضع قادة البنى التحتية والعمليات تحت التدقيق. وتتطلب البنى التحتية للذكاء الاصطناعي بخلاف البنى التحتية للحوسبة التقليدية، معدات متخصصة، وأطر عمل برمجية خاصة بالذكاء الاصطناعي،
واستراتيجيات تشغيلية جديدة من أجل زيادة الكفاءة إلى أقصى الحدود الممكنة، مع القيام في ذات الوقت بتقليل الأثر البيئي.
وتمثل البنى التحتية المستدامة للذكاء الاصطناعي التوليدي نقلة نوعية مقارنة بممارسات الاستدامة البيئية التقليدية للبنى التحتية والعمليات.
ويتطلب هذا الحيز الجديد توافر إدارة فعالة لاستخدام الطاقة اللازمة للحوسبة الخاصة بوحدة معالجة الرسوميات
من أجل تحقيق أقصى قدر ممكن من الكفاءة وتحسين استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات الغازية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الحيز يحتّم كذلك اعتماد مهارات جديدة وتوجهات تشغيلية مثل (GreenOps) من أجل تحقيق أقصى قيمة ممكنة من الذكاء الاصطناعي.
ومع دخول الذكاء الاصطناعي التوليدي حقبة الوسائط المتعددة، يجب على قادة البنى التحتية والعمليات التفكير بطريقة استراتيجية والعمل بمرونة
من أجل تجاوز التغيرات في مشهد الذكاء الاصطناعي والبيئة التنظيمية الخاصة بالاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة.
وحتى يتمكن قادة البنى التحتية والعمليات المسؤولين عن مبادرات البنى التحتية للذكاء الاصطناعي من دمج الاستدامة في توجهاتهم، فإنه عليهم اتخاذ الخطوات التالية.
التعامل مع المقايضات البيئية لتحقيق استدامة الذكاء الاصطناعي
مع تحول المؤسسات من المراحل التجريبية إلى المراحل التشغيلية للذكاء الاصطناعي التي تتزامن مع جهودها لتسريع التحول الرقمي الخاص بها،
فإن العديد منها تقوم بنشر تطبيقات معززة بالذكاء الاصطناعي التوليدي في بيئات الإنتاج. ولكنها غالباً ما تسقط من حساباتها المقايضات البيئية المرتبطة
بذلك من قبيل إمكانية إعادة استخدام الأصول، وكثافة الكربون المتعلقة بالطاقة الكهربائية المطلوبة لمعالجة البيانات، وكميات المياه المطلوبة
من أجل تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي. ويواجه قادة البنى التحتية والعمليات تحديات في التوفيق بين استراتيجيات البنى التحتية للذكاء الاصطناعي وأهداف الاستدامة للمؤسسات،
حيث غالباً ما يتم الخلط بين البنى التحتية للذكاء الاصطناعي مع البنى التحتية للحوسبة العامة وتجاهل الآثار البيئية لها.
ومن أجل التعامل مع هذه المقايضات وتحقيق استدامة الذكاء الاصطناعي، فإنه يجب على قادة الذكاء الاصطناعي أخذ الخطوات التالية بعين الاعتبار:
تشييد/إنتاج البنى التحتية للذكاء الاصطناعي: تشتمل هذه المرحلة على الأثر البيئي لتصنيع المعدات والبرمجيات الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
وتتضمن الآثار السلبية استهلاك الموارد الطبيعية وانبعاثات غازات الدفيئة واستهلاك الطاقة. ويجب على قادة البنى التحتية والعمليات مراجعة تقارير البصمة الكربونية للإنتاج (PCF) من أجل مقارنة الأثر الضمني للكربون والمواد في العديد من المنتجات.
عمليات البنى التحتية للذكاء الاصطناعي: يشتمل تشغيل البنى التحتية للذكاء الاصطناعي على قدر كبير من استهلاك الطاقة وانبعاثات غازات الدفيئة وذلك خلال مراحل إعداد البيانات وتدريب النماذج ونشرها.
ويجب على قادة البنى التحتية والعمليات ضمان حصول جميع الأنظمة على شهادات (Energy Star) و(EPEAT) و(TCO)،
ولذلك يجب استخدام أدوات التحليل والقياس عن بعد لضمان التتبع الآني لأداء الطاقة.
نهاية البنى التحتية للذكاء الاصطناعي: تنتهي دورة حياة الموارد الخاصة بالبنى التحتية للذكاء الاصطناعي مع إعادة التدوير أو التخلص من النفايات الإلكترونية الأمر الذي له آثاره البيئية والاجتماعية.
ويجب على قادة البنى التحتية والعمليات إعادة استخدام الآلات وإعادة نشرها مجدداً في البيئة حيثما كان
ذلك ممكناً من أجل إطالة دورة حياة الأصول إلى أقصى الحدود الممكنة. ومن المهم كذلك ضمان أن يكون مزودو خدمات التخلص من نفايات تكنولوجيا المعلومات حاصلين على شهادات (e-stewards) و(R2) من أجل اعتماد نهج التخلص المسؤول من النفايات.
يتسم الذكاء الاصطناعي/الذكاء الاصطناعي التوليدي بتعقيده، وهو يتطلب استثمارات ملموسة في تحديثات البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات ورفع سوية المهارات
من أجل استخدامه في عمليات البيئات المؤسسية. ويجب على قادة البنى التحتية والعمليات المسؤولين عن مبادرات البنى التحتية للذكاء الاصطناعي توضيح أهداف الاستدامة البيئية لكل مرحلة في دورة حياة البنى التحتية للذكاء الاصطناعي.
ويشتمل ذلك الأمر على الأهداف الواضحة لخفض البصمة الكربونية، وتحسين استخدام الموارد واستهلاك الطاقة وتكاليفها.
ويمكن للمؤسسات من خلال اتخاذ هذه الخطوات توفيق مبادرات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها مع أهداف الاستدامة على نحو أفضل وتقليل الأثر البيئي،
مع القيام في ذات الوقت بدفع عجلة الابتكارات التقنية. كما يجب على قادة البنى التحتية والعمليات المشاركة في التخطيط الاستراتيجي المتعلق بجميع جوانب البنى التحتية للذكاء الاصطناعي،
ومن ضمنها المشتريات والتطوير والنشر وتخصيص الموارد واقتصاديات إعادة التدوير وترسيخ الثقافة البيئية.
ويمكن للمؤسسات من خلال اتباع نهج شامل ضمان أن تسهم مبادرات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في دفع الابتكار والكفاءة، وكذلك ضمان التوافق مع أهداف الاستدامة البيئية الأوسع.