السعودية .. تحذيرات متزايدة بشأن “روبلوكس” اللعبة الأشهر جذباً للأطفال

تواصل لعبة “روبلوكس” الإلكترونية تسجيل حضور لافت بين الأطفال والمراهقين حول العالم، حيث تجاوز عدد مستخدميها النشطين شهريًا مئات الملايين، وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 80% منهم تقل أعمارهم عن 16 عامًا.
ورغم ما توفره المنصة من ترفيه وتفاعل اجتماعي افتراضي، تتصاعد في المقابل التحذيرات من مخاطرها المحتملة على الصغار، خصوصًا ما يتعلق بالسلامة الرقمية وحماية الخصوصية.
المختص السعودي في المجال التقني، تركي المحمود، أوضح أن هذا الانتشار السريع يضع على عاتق الأسر مسؤولية مضاعفة لمراقبة استخدام أبنائهم للمنصة، والتأكد من تفعيل أدوات الرقابة الأبوية وتوجيههم نحو الاستخدام الآمن.
وأكد المحمود أن “روبلوكس” تعكس جاذبية الألعاب التفاعلية الحديثة، لكنها في الوقت ذاته تفرض تحديات تتطلب وعيًا أكبر من الآباء والأمهات، لضمان أن تبقى التجربة في إطارها الترفيهي الآمن بعيدًا عن أي مخاطر رقمية محتملة.
الخطر الأول: التواصل مع الغرباء
أوضح المختص التقني تركي المحمود أن أبرز التحديات في “روبلوكس” يتمثل في خاصية التواصل مع الغرباء عبر الدردشة المفتوحة، لافتًا إلى أن الدراسات الخاصة بسلامة الأطفال على الإنترنت تؤكد أن كثيرًا من الحوادث تبدأ من هذا الباب.
وبيّن أن الأطفال قد يتلقون طلبات صداقة أو دعوات للعب من أشخاص مجهولين، ورغم وجود فلاتر للكلمات المسيئة، إلا أن الثغرات تبقى قائمة، إذ يمكن التحايل عليها باستخدام الرموز والاختصارات.
وأضاف المحمود أن تقارير صادرة عن أولياء أمور ومدارس في بعض الدول وثّقت حالات تنمّر إلكتروني داخل المنصة، تسببت في ضغوط نفسية على بعض الأطفال وارتفاع مستويات القلق لديهم، وصولًا إلى تراجع رغبتهم في الدراسة. وتشير استطلاعات سلامة الإنترنت إلى أن ما بين ثلث ونصف الأطفال على منصات الألعاب يتعرضون لمضايقات رقمية، و”روبلوكس” ليست استثناءً من ذلك.
الخطر الثاني: المحتوى غير المناسب
أشار المحمود إلى أن أحد أبرز المخاطر يكمن في طبيعة المحتوى داخل “روبلوكس”، حيث تعتمد المنصة على عوالم افتراضية يصممها المستخدمون أنفسهم، وهو ما يجعل عملية الرقابة الفورية على جميع هذه العوالم أمرًا بالغ الصعوبة.
وأوضح أن تقارير متفرقة رصدت ظهور عوالم تحتوي على إيحاءات غير لائقة أو محاكاة لسلوكيات عنيفة ومخيفة، إضافة إلى محادثات تحمل تلميحات جنسية. ورغم أن نسبة هذه الحالات محدودة مقارنة بحجم المحتوى الكلي، إلا أن وجودها يمثل خطرًا لا يمكن تجاهله على الأطفال والمراهقين.
الخطر الثالث: المشتريات داخل اللعبة
ولفت المحمود إلى أن جانبًا آخر من المخاطر يتعلق بالمشتريات الافتراضية داخل “روبلوكس”، حيث تعتمد اللعبة على عملة رقمية تسمى “Robux”، غالبًا ما لا يدرك الأطفال قيمتها الحقيقية.
وبيّن أن العديد من الأهالي فوجئوا بصدور فواتير مرتفعة نتيجة عمليات شراء متكررة وسريعة أجراها أطفالهم داخل اللعبة، خصوصًا ممن هم دون سن 13 عامًا، في ظل العروض والمكافآت التي تدفع إلى الشراء الاندفاعي.
الخطر الرابع: الإدمان الرقمي وتأثيره على النوم والتركيز
أوضح المحمود أن قضاء وقت طويل أمام الشاشة يعد من المخاطر الإضافية، إذ توصي توصيات طب الأطفال بحد أقصى يومي للجلوس أمام الشاشات، بينما تصميم الألعاب الاجتماعية يدفع الأطفال للبقاء لفترات أطول. ويشير إلى أن زيادة ساعة واحدة فقط عن المعتاد قد تقلل الانتباه، وتؤثر على جودة النوم، وتزيد من التشتت أثناء أداء الواجبات المدرسية.
آليات لتقليل المخاطر
وأكد المحمود أن منع اللعبة نهائيًا قد لا يكون ممكنًا في بعض الحالات، لكنه أوصى بعدة خطوات للتقليل من مخاطرها، أبرزها قفل الدردشة أو تخصيصها للأصدقاء فقط، ومنع الانضمام لعوالم غير مناسبة للعمر وتحديد وقت اللعب بحيث لا يتجاوز ساعة واحدة يوميًا.
وتثقيف الطفل بضرورة الإبلاغ فورًا عن أي سلوك مزعج أو محتوى غير لائق دون خوف.
ويذكر المحمود أن “روبلوكس” مثلها مثل أي منصة رقمية، تحمل فرصًا للتعلم والترفيه، لكنها تتطلب وعيًا ورقابة مستمرة من الأهل لضمان بيئة لعب آمنة، بحيث تبقى المتعة الرقمية بعيدة عن المخاطر الخفية.