الذكاء الاصطناعي …..والتحوّل الرقمي بالسعودية
يتسارع التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية في إطار أهداف “رؤية 2030”، حيث يظهر الذكاء الاصطناعي كعنصر أساسي في إعادة تشكيل الصناعات وزيادة الكفاءة وتعزيز الابتكار عبر مختلف القطاعات. من الخدمات العامة إلى الشركات الخاصة،
تسعى المملكة بنشاط إلى دمج الذكاء الاصطناعي لتحسين اتخاذ القرارات وتبسيط العمليات والحفاظ على سيادة البيانات. ومع ذلك، فإن الطريق نحو أن تصبح المملكة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات عدة، مثل قضايا التكاليف، وفجوات المهارات، وتحديث البنية التحتية، التي تمثل عقبات أمام المنظمات التي تسعى إلى تبني الذكاء الاصطناعي بشكل واسع.
تتولى شركة “دِل تكنولوجيز“، التي تُعتبر لاعباً بارزاً في مجال الذكاء الاصطناعي في المنطقة، قيادة الجهود لمواجهة التحديات المرتبطة بهذا المجال بشكل مباشر.” خلال معرض “جايتكس” في دبي، يتحدث محمد أمين، النائب الأول لرئيس شركة “دِل تكنولوجيز” في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، عن استراتيجية الشركة في مجال التحول الرقمي باستخدام الذكاء الاصطناعي، موضحاً كيف تسهم الشركة في تحقيق طموحات المملكة في هذا المجال من خلال توفير بنية تحتية متطورة وحلول مخصصة وتنمية المهارات. ويشير أمين إلى أن “دِل” كانت قد توقعت التغيرات في الصناعة منذ أكثر من عامين واستعدت لذلك.
الذكاء الاصطناعي… أولوية استراتيجية للسعودية
يشهد تبني الذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية نمواً سريعاً، و”دِل” في موقع مثالي لدعم طموحات المملكة لتصبح رائدة عالمياً في هذا المجال، كما يوضح محمد أمين. ويضيف أن “الذكاء الاصطناعي ليس مجرد اتجاه مؤقت، بل هو عنصر أساسي في التحول الرقمي بالمملكة”. ويشير إلى أن “91% من الشركات ترغب في وضع استراتيجية للذكاء الاصطناعي، لكن 51% منها لا تعرف من أين تبدأ”، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة للدعم والإرشاد في هذا المجال.
في رد على سؤال حول كيفية تقليص هذه الفجوة، تقدم شركة «دِل» حلولاً مخصصة للذكاء الاصطناعي تتناسب مع الاحتياجات الفريدة للمنظمات السعودية، سواء في مجالات الرعاية الصحية أو المالية أو القطاع العام. تركز هذه الاستراتيجيات على تحقيق نتائج قابلة للقياس، وهو عنصر أساسي في عروض الذكاء الاصطناعي التي تقدمها الشركة. كما يؤكد على أن التحدي لا يقتصر فقط على تنفيذ الذكاء الاصطناعي، بل يشمل أيضاً توجيه المنظمات خلال عملية التحول. ويشير إلى أن “الذكاء الاصطناعي ليس مجرد مسألة تكلفة؛ بل يتعلق بإعادة تشكيل العمليات التجارية لتحقيق النتائج المرجوة”.
التكلفة… والمواهب… ورحلة الذكاء الاصطناعي
رغم الإمكانيات الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، تواجه المنظمات تحديات كبيرة تتعلق بإدارة التكاليف والوصول إلى المواهب المناسبة. ، أشار محمد أمين إلى هذه التحديات، موضحاً أن “أكبر عقبتين أمام بدء رحلة الذكاء الاصطناعي هما التكلفة والموارد البشرية. يتطلب الأمر استثماراً في المواهب والتدريب، بالإضافة إلى إدارة التكاليف الأولية اللازمة لتنفيذ الذكاء الاصطناعي”.
تتبنى شركة «دِل» نهجاً يعتمد على التنفيذ التدريجي للذكاء الاصطناعي، مما يمكّن المنظمات من التوسع بشكل تدريجي مع التحكم في التكاليف. ويصف أمين هذه العملية بأنها “رحلة تبدأ بتكاليف مرتفعة، ولكن مع نضوج نظام الذكاء الاصطناعي واكتساب الأفراد للمعرفة، تبدأ التكاليف في الانخفاض”. كما يشير إلى أن خدمات «دِل» تهدف إلى مساعدة المنظمات في فهم حالات الاستخدام المحددة للذكاء الاصطناعي، بدءاً من تقييم العمليات الحالية ومواءمة استراتيجيات الذكاء الاصطناعي مع الأهداف التجارية.
أثر الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى مختلف الصناعات، ظهرت مخاوف بشأن فقدان بعض الوظائف. يتناول أمين هذا الموضوع قائلاً: «بالتأكيد، ستختفي بعض الوظائف، لكن في المقابل ستظهر العديد من الفرص الجديدة. ستتغير طبيعة العمل، ولكن ستتزايد الفرص المتاحة». ويشدد على أهمية إعادة التدريب والتكيف الذاتي، مشجعاً الأفراد على الاستمرار في التعلم والتكيف مع المتغيرات.
ويعترف بأنه «حتى بعد سنوات من العمل في هذا المجال، لا زلت أتعلم شيئاً جديداً كل يوم. التكيف الذاتي أمر حيوي في هذه المرحلة الجديدة من الذكاء الاصطناعي». كما يدعو الشباب إلى تبني مفهوم التعلم المستمر ليظلوا قادرين على المنافسة في سوق العمل المتغير بسرعة.
وقعت شركة “دِل تكنولوجيز” اتفاقية تعاون مع “أرامكو السعودية” والأكاديمية الوطنية لتقنية المعلومات في يوليو الماضي، بهدف تقديم برامج تدريبية متقدمة للطلاب السعوديين، بالإضافة إلى شهادات مهنية تهدف إلى تطوير مجموعة من المواهب الماهرة القابلة للتوظيف في مجالات التقنية بالمملكة. تأتي هذه المبادرة في إطار جهود مشتركة لتمكين المواهب المحلية وتزويدها بمهارات متقدمة في مجالات العلوم والتقنية.
وبموجب هذه الاتفاقية، تم تصميم البرنامج التدريبي “ITXcelerate”، الذي سيستمر حتى نهاية العام، لتزويد الخريجين السعوديين الجدد في مجالات هندسة الكمبيوتر وعلوم الكمبيوتر وتقنية المعلومات بشهادة مهنية معتمدة من “دِل” في مجالات مثل إدارة التخزين، وعلوم البيانات، والذكاء الاصطناعي. كما يوفر البرنامج خبرة عملية مع فرص وظيفية وتوجيه مباشر في الموقع. يهدف البرنامج إلى تجاوز المفاهيم النظرية من خلال تزويد المواهب المحلية بالمهارات والمعرفة اللازمة لتحقيق النجاح والازدهار في عالم اليوم الذي يعتمد على البيانات.
الموجة الثانية من الذكاء الاصطناعي
يمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي المرحلة التالية في تطور الذكاء الاصطناعي، حيث يتميز بقدرته على إنتاج محتوى لم يتم إنشاؤه بواسطة البشر. ويصف أمين الذكاء الاصطناعي التوليدي بأنه “الثورة الثانية للذكاء الاصطناعي”، مشيراً إلى إمكانياته التحويلية. ومع ذلك، اعترف أيضاً بالتحديات التي تواجهه، خاصة من حيث التكلفة والتعقيد.
يمتد تأثير الذكاء الاصطناعي ليشمل إعادة تشكيل العمليات التجارية، وليس مجرد تحسين الكفاءة التقليدية. ويعتقد محمد أمين أن المستقبل سيشهد قيادة الذكاء الاصطناعي للعمليات التجارية، حيث ستكون الآلات هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات بينما يقدم البشر التوجيه. ويعبر عن قناعته بأن “البشر اليوم يتخذون القرارات بمساعدة الآلات، ولكن في المستقبل، ستتولى الآلات اتخاذ القرارات مع توجيه من البشر”.