الذكاء الاصطناعي….هل يتحكم في مستقبل الأعمال والمؤسسات المالية؟
سيطر الذكاء الاصطناعي على مجريات النقاشات بين قادة المال والأعمال، وأصبح بمثابة البوصلة التي توجه مديري الشركات الكبرى في إعادة صياغة استراتيجياتهم الاستثمارية.
وقد أشار كبار المديرين التنفيذيين إلى أهمية الاستفادة من هذه التقنية الحديثة في اتخاذ القرارات الاستثمارية، خاصة في مجال إدارة الأصول. واعتبروا أن الاتجاه السائد بين الأقطاب المالية هو زيادة حجم رؤوس الأموال لتحقيق الرقمنة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
جاء ذلك خلال ندوات مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في نسخته الثامنة، الذي يُعقد في الرياض تحت شعار “أفق لا متناهٍ… الاستثمار اليوم لصياغة الغد”، والذي يستمر حتى يوم غدٍ الخميس، بمشاركة حوالي 7000 من قادة الأعمال وصناع السياسات الدوليين، لمناقشة التحديات العالمية والفرص الاستثمارية الواعدة رغم الاضطرابات والتوترات التي تشهدها المنطقة والعالم.
أكد وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، أن سياسة بلاده في دعم استقرار الإقليم أصبحت تحظى باحترام رجال الأعمال، مما دفعهم للتوجه إلى السعودية بحثاً عن الفرص في مشاريعها التنموية.
وأشار إلى أن “المستثمرين يسعون للحصول على عوائد جيدة، وخطط طويلة الأمد، وقيادة جريئة في اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى بيئة صحية للأعمال، ومجتمعات شابة، وبيئة داعمة للقطاع الخاص، وكل هذه العناصر متوفرة في السعودية، ولهذا السبب هم هنا”.
وفي نفس السياق، أشار رئيس مجلس إدارة مؤسسة “مبادرة مستقبل الاستثمار”، ياسر الرميان، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إلى أن “المبادرة أصبحت قوة تحويلية وساهمت في تسهيل صفقات تجاوزت قيمتها 125 مليار دولار”. كما أوضح أن مؤشر أولوية مبادرة مستقبل الاستثمار، الذي تم إطلاقه هذا الأسبوع، يسلط الضوء على القضايا العالمية الملحة مثل عدم الاستقرار الاقتصادي، وارتفاع تكاليف المعيشة، والتفاوت في الرعاية الصحية، والفجوات الاجتماعية، والتوترات السياسية التي تتجاوز الحدود.
اقتصاديات الجغرافيا السياسية
في سياق التركيز على الذكاء الاصطناعي، أشار الرميان إلى أن “الذكاء الاصطناعي بمفرده يمكن أن يضيف 20 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، مما سيؤدي إلى تحويل الصناعات وزيادة الإنتاجية ومعالجة التحديات الحيوية”.
وأضاف أنه بحلول عام 2027، سيصبح الذكاء الاصطناعي محركاً اقتصادياً أساسياً، حيث يعد بأدوات قادرة على حل المشكلات وتعزيز الإنتاجية، مما سيؤثر على جميع القطاعات، بدءاً من الرعاية الصحية وصولاً إلى الطاقة.
يعتقد الرميان أن السعودية تمتلك موقعاً متميزاً يؤهلها لتصبح مركزاً عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، وليس فقط إقليمياً. ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، منها الاستفادة الفعالة من الطاقة بتكاليف منخفضة، بالإضافة إلى المساحات الواسعة التي تمتلكها، وامتلاكها لمعظم التقنيات المتعلقة بالطاقة المتجددة، فضلاً عن موارد الوقود الأحفوري.
وفي إطار “مبادرة مستقبل الاستثمار”، اجتمع كبار المديرين التنفيذيين ورؤساء المؤسسات في جلسات حوارية تناولت موضوع “اقتصاديات الجغرافيا السياسية”، حيث تم مناقشة أهمية الاستثمار في الاقتصاديات والمشاريع التنموية، وضرورة توفير قوانين وأنظمة تشريعية تجذب المستثمرين الدوليين، والاستفادة من التقنيات الحديثة لتحقيق النمو.
حذر ستيفن شوارتزمان، الرئيس التنفيذي لمجموعة “بلاك ستون”، من تراجع إمدادات الكهرباء نتيجة الاستهلاك الكبير الناتج عن استخدامات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. وأشار إلى أن بعض الدول ذات الاقتصادات الكبيرة قد تواجه نقصاً في الكهرباء بسبب النمو السريع في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي جلسة كان إيلون ماسك ضيفاً افتراضياً فيها على منصة المبادرة، أوضح أن الذكاء الاصطناعي يمثل تحديات يجب التعامل معها بجدية. وأكد أنه بحلول عام 2029، سيكون بإمكان الابتكارات الجديدة “أداء أي مهمة يقوم بها البشر”. وتوقع أنه بحلول عام 2040، سيتجاوز عدد الروبوتات الشبيهة بالبشر عدد البشر، حيث سيصل العدد إلى ما لا يقل عن 10 مليارات روبوت، بأسعار تتراوح بين 20 و25 ألف دولار. لذا، دعا ماسك إلى ضرورة إيلاء مزيد من الاهتمام للذكاء الاصطناعي نظراً للتأثير الكبير الذي يتوقع أن يحدثه في المستقبل القريب.
تخيل عالماً يتفوق فيه عدد الروبوتات الإنسانية على عدد البشر، وهو ما توقعه إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة “تيسلا”، ليصبح واقعاً بحلول عام 2040.
جاءت توقعات ماسك خلال مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي السنوي الذي عُقد في الرياض، السعودية، يوم الثلاثاء الماضي. حيث قال: “أعتقد أنه بحلول عام 2040، سيكون هناك على الأرجح عدد أكبر من الروبوتات الإنسانية مقارنة بالبشر، وستمتلك كل دولة ذكاءً اصطناعياً أو عدة ذكاءات، وسيكون هناك عدد هائل من الروبوتات، يفوق بكثير عدد البشر.”
ووفقاً لمؤشر سكان العالم التابع لمكتب الإحصاء الأميركي، فإن عدد البشر حالياً يبلغ حوالي 8.2 مليار.
عدد الروبوتات الإنسانية
في قمة “أول-إن” 2024 التي نظمها بودكاست “أول-إن” في سبتمبر الماضي، أشار إيلون ماسك إلى أنه “إذا كان لدينا روبوتات إنسانية، ولا يوجد حد حقيقي لعددها، وتستطيع العمل بذكاء عالٍ، فإن الاقتصاد لن يعرف حدودًا.”
ومع ذلك، يختلف بعض الخبراء مع ادعاء ماسك بأن ثورة الروبوتات الذكية تلوح في الأفق. حيث صرح المؤلف والعالم غاري ماركوس لموقع “ديكريبت” قائلاً: “يمتلك إيلون تاريخًا من التوقعات المبالغ فيها بشأن الذكاء الاصطناعي، وهذا ليس استثناءً.”
كما تحدث رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز الشريف خلال المنتدى، مؤكدًا على ثقته في شباب بلاده والذكاء الاصطناعي كعوامل رئيسية لبناء مستقبل واعد.