أخبار عامة

الجرائم الالكترونية ….قتل واغتصاب وابتزاز وانتحار

كيف نحمي اولادنا من هذا الخطر قبل فوات الآوان

شهدت الجرائم الإلكترونية في الآونة الأخيرة توسعًا ملحوظًا وتنوعًا في أشكالها، مما ينذر بخطر كبير ويستدعي انتباه الجميع إلى عواقبها الوخيمة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية. تُعتبر هذه الجرائم من أبرز التحديات التي تواجه الإنسان المعاصر، نظرًا لاستخدامها أدوات متطورة يصعب القبض على مرتكبيها. تتم هذه الجرائم عبر جميع الأجهزة الرقمية التي يستخدمها الأفراد في حياتهم اليومية، وتستهدف بشكل خاص الأشخاص العاديين والشركات والمؤسسات الدولية، بالإضافة إلى الأنظمة المعلوماتية والاقتصادية الكبرى والدول ومؤسساتها، وغالبًا ما تشمل الأطفال أيضًا.

في ظل العالم الرقمي والتطور التكنولوجي السريع، وما يحمله للبشرية من خدمات، وتعزيز حياة الرفاهية، ولكن طفت مؤخرًا على السطح، آثارًا سلبية، وجرائم مستحدثة ناجمة عن الاستخدامات الخاطئة لشبكة المعلومات الدولية الإنترنت، أبرزها الوقائع الأخيرة لابتزاز الفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال “فبركة” صور لهن، قادت بعضهن للانتحار، وما سبقهم من جرائم مماثلة، وكذا هجمات الاختراق والقرصنة الإلكترونية، فضلا عن التزوير الإلكترونى، وهى الجرائم الثلاثة الأخطر بالنسبة للجرائم الالكترونية.

قليل من النساء اللواتي تعرضن للابتزاز يعرفن أن هناك قانونًا يجرم الانتهاكات الإلكترونية. وغالبًا ما تكون العادات والتقاليد والخوف من الوصمة الاجتماعية هي الأسباب التي تدفع البعض لمحاولة التعامل مع المبتزين بشكل مباشر أو عبر وسطاء لتجنب “الفضيحة“.

على الرغم من انتشار ظاهرة الابتزاز الإلكتروني بشكل مقلق ومعاناة العديد من النساء في مصر، إلا أنه لا توجد إحصاءات رسمية حول عدد الضحايا. ومع ذلك، كشفت دراسة أعدتها “لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات” في مجلس النواب المصري أن شهري سبتمبر وأكتوبر من عام 2018 شهدا تقديم 1038 بلاغًا عن جرائم إلكترونية، بما في ذلك جرائم الابتزاز الإلكتروني.

الجرائم الالكترونية … الابتزاز اللاخلاقي

لا شك أن الخوف المجتمعي ونقص الوعي القانوني يزيدان من تفاقم مشكلة الابتزاز الإلكتروني. فعدد قليل من النساء اللواتي تعرضن لهذا النوع من الابتزاز يدركن أن هناك قوانين تعاقب على الانتهاكات الإلكترونية. وغالبًا ما تكون العادات والتقاليد والخوف من الوصمة الاجتماعية هي الأسباب التي تدفع البعض لمحاولة التعامل مع المبتزين بشكل مباشر أو عبر وسطاء لتجنب “الفضيحة“.

تحولت الجريمة من شكلها التقليدي إلى شكلها الإلكتروني، وأصبح “الإنترنت” هو مسرح الجريمة، حيث يزخر بعالم من الجرائم الإلكترونية. وقد ازدادت العصابات التي تعتمد على الجرائم “أون لاين”، مما جعل الأطفال من بين أبرز ضحاياها نظرًا لصغر سنهم. تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ثلث الشباب في 30 دولة أفادوا بأنهم تعرضوا للتنمر عبر الإنترنت، حيث يتخلى شاب من كل خمسة عن الدراسة نتيجة لذلك

من بين أحدث أنواع الجرائم الإلكترونية، التي أُطلق عليها “القتل أون لاين”، تبرز القضية رقم 1820 لسنة 2024 في قسم أول شبرا الخيمة. وقد كشفت تحقيقات النيابة العامة عن العثور على جثة طفل يبلغ من العمر 15 عامًا داخل شقة في شبرا الخيمة. بدأت القضية عندما قام المتهم بتصوير نفسه مباشرة مع متهم آخر في الكويت وهو يرتكب جريمته، حيث قام بقتل الطفل واستخرج أحشاءه، ووضعها في أكياس بجواره بهدف زيادة مشاهداته على مواقع الدارك ويب.

هذه الجريمة التي أثارت اهتمام الرأي العام وقعت عبر “الدارك ويب”، وهو جزء عميق من “ديب ويب”. كلاهما محظور، والدخول إليهما يحمل عواقب وخيمة على من يقوم بذلك عبر الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، حيث يصبح الشخص هدفًا سهلًا للمواقع المتواجدة هناك. يحتوي “الدارك ويب” على كل ما هو مخالف للقوانين والأديان، مثل تجارة المخدرات والأسلحة، وتجارة الأعضاء، واستئجار القتلة. تتم هذه المعاملات من خلال الدفع باستخدام العملات الرقمية مثل بيتكوين وغيرها.

وفي قضية أخرى حدثت في منطقة عابدين، تعرفت فتاة على شاب عبر تطبيق للدردشة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتطورت بينهما علاقة عاطفية. خلال هذه العلاقة، أرسلت الفتاة صورًا لها بعد أن وعدها الشاب بالزواج. وعندما طلبت منه أن يقابل عائلتها للتقدم لخطبتها، تهرب منها وهددها بنشر تلك الصور على مواقع التواصل. مما اضطر الفتاة، التي لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها، إلى تقديم بلاغ لقسم شرطة عابدين، حيث تم القبض على الشاب، وأصدرت المحكمة حكمًا بالسجن لمدة عامين ضده

وفي منطقة المقطم، أنهت طفلة حياتها شنقًا بسبب تقليدها للعبة “ببجي”. وكشفت والدة الطفلة، التي تدعى قمر وتبلغ من العمر 8 سنوات، أن ابنتها كانت مدمنة على هذه اللعبة

ومن أبرز الحوادث التي تم رصدها مؤخرًا، جريمة تهديد لاعب نادي الزمالك أحمد سيد زيزو بالقتل، والتي تمت عبر فيديو انتشر على منصات التواصل الاجتماعي. حيث قام الجاني بنشر فيديو يهدد فيه اللاعب بالقتل إذا انتقل إلى نادٍ آخر منافس. وبعد القبض عليه من قبل الأجهزة الأمنية، ادعى أنه فعل ذلك “على سبيل المزاح” في محاولة للحصول على شهرة أو “تريند” عبر الإنترنت

انتشار جرائم النصب والاحتيال والابتزاز الإلكتروني في المنطقة العربية

وقال الدكتور عبد الفتاح درويش أستاذ علم النفس ووكيل كلية الآداب السابق بجامعة المنوفية، إن مجتمعنا المصري يتعرض لموجة من جرائم الابتزاز والاحتيال الإلكتروني والتي أصبحت أكثر انتشاراً في السنوات الأخيرة، بفضل التطور التكنولوجي وازدياد الاعتماد على الإنترنت في كافة جوانب الحياة اليومية

وتابع درويش، أن هذه الجرائم تتمثل في استغلال البيانات الشخصية للأفراد أو تهديدهم بها لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة، قد يشمل الابتزاز الإلكتروني تهديدات بنشر صور أو معلومات حساسة، بينما يعتمد الاحتيال الإلكتروني على أساليب مثل التصيد الإلكتروني أو انتحال الهوية

وتابع درويش، أن نسب انتشار جرائم النصب والاحتيال والابتزاز الإلكتروني في المنطقة العربية، فتشهد تصاعدًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وهو ما يتزامن مع زيادة الاعتماد على الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية.

وأكد درويش، أن الدراسات تشير إلى أن هذا النوع من الجرائم يشكل تهديدًا متزايدًا في المنطقة، وقد أظهرت تقارير أن نسبة التهديدات الإلكترونية مثل الاحتيال والابتزاز ترتفع بشكل مستمر

أشار درويش إلى أن تقرير جامعة أكسفورد حول مؤشر الجريمة الإلكترونية قد صنف بعض الدول العربية كمنطقة تواجه تهديدات مرتفعة من حيث الأنشطة الإجرامية الرقمية، مثل الاحتيال عبر الإنترنت. وهذا يعكس ضعف الوعي الأمني والتقني في بعض هذه البلدان. لذا، يُعتبر تعزيز الوعي الرقمي وتطبيق التقنيات الأمنية من الخطوات الأساسية لمواجهة هذه الجرائم في المنطقة

وأكد النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أن اللجنة أقرت قوانين وعقوبات رادعة لمواجهة هذه الظاهرة

وطالب بدوي أي شخص يتعرض للابتزاز الإلكتروني بالإبلاغ عن ذلك إلى مباحث الإنترنت على الفور. فشعور الشخص الذي يقوم بالابتزاز بعدم خوف الضحية يجعله يتردد في الاستمرار في أفعاله. أما إذا استجاب الضحية للابتزاز، فقد يتبع ذلك سلسلة من محاولات الابتزاز الأخرى. لذا، من الضروري الإبلاغ بسرعة للجهات المختصة، خاصة أن مباحث التوثيق والمعلومات تمتلك إمكانيات تكنولوجية متقدمة قادرة على كشف مختلف أنواع الجرائم الإلكترونية

رغم إنفاق ملايين الجنيهات ضمن خطة التنمية المستدامة لمكافحة العنف ضد النساء، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في نقص التدريب والتأهيل اللازمين للعاملين في أقسام الشرطة والمختصين بتلقي الشكاوى، خاصة في قضايا العنف ضد النساء. وهذا يؤدي، بطبيعة الحال، إلى تراجع العديد من النساء عن تقديم البلاغات أو اللجوء إلى الجهات الرسمية لحمايتهن، حيث قد يزيد ذلك من معاناتهن ويعرضهن لنوع آخر من العنف النفسي والمعنوي.

ومع التطور المخيف والمتعاقب، للعالم الرقمي، وسيطرة مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية بشتى صورها، أصبح الاعتماد عليها بشكل واضح، وظهر مصطلح الجريمة الإلكترونية، وتصدى المشرع في عدد من الدول العربية للجريمة الإلكترونية وعلى رأسها المشرع المصري من خلال قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، إلا أنه مع ازدياد هذه النوعية من القضايا في المحاكم أصبح المتهمين أكثر وعيا مما قبل بسبب التوعية القانونية المستمرة حول جرائم الإنترنت، ما يؤدى معه إلى صدور أحكام بالبراءة.  

وفى الحقيقة تواجه مصر تحديات كبيرة في مكافحة الجرائم الإلكترونية نظرًا للتطور السريع للتكنولوجيا والتوسع الهائل في استخدام الإنترنت، ويعمل القانون المصري على تحديد مختلف أنواع الجرائم الإلكترونية وفرض عقوبات مناسبة على المرتكبين للحد من هذه الممارسات، ومع ذلك، تتطلب مكافحة هذه الجرائم جهودًا مشتركة من قبل الحكومة والقطاع الخاص والمواطنين، بما في ذلك تعزيز الوعي العام حول مخاطر الجرائم الإلكترونية وتطوير استراتيجيات فعالة للوقاية منها والتعامل معها، كما أنه يمكن أن يسهم استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وأنظمة المراقبة المتطورة في كشف الجرائم الإلكترونية بشكل أكثر فعالية ومكافحتها، ومع ذلك، يجب موازنة هذه التطورات مع حماية حقوق الخصوصية والحريات الشخصية للأفراد.    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى