التطلع إلى عام 2030: تدفع الخطة الخمسية الخامسة عشرة مسارا جديدا نحو التحول الأخضر بين الصين والدول العربية

في الوقت الحالي، تواجه البيئة الإيكولوجية العالمية تحديات شديدة، وتدعو جدول أعمال الأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة 2030 إلى تسريع العمل المناخي، وتعزيز الطاقة النظيفة، والبناء الحضري المستدام.
طرحت الصين هدف “الكربون المزدوج” وهو الوصول إلى ذروة الكربون بحلول عام 2030 والحياد الكربوني بحلول عام 2060، كما أطلقت الدول العربية استراتيجيات تنمية خضراء تمثلها “رؤية 2030” السعودية، بهدف تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية. وفي هذا السياق، فإن نشر الصين للتحول الأخضر في الخطة الخمسية الخامسة عشرة (2026-2030) يتوافق بشكل كبير مع احتياجات التنمية الخضراء للدول العربية، مما يفتح طريقا جديدا للتعاون بين الجانبين.
تسترشد الخطة الخمسية الخامسة عشرة بالتحديث الصيني، وتضع التحول الأخضر ومنخفض الكربون في صميمها، وتؤكد على هدف “الكربون المزدوج” كدافع لتعزيز تقليل الكربون، وتقليل التلوث، والتوسع والنمو الأخضر.
تنص الخطة بوضوح على أنه بحلول عام 2030، سترتفع نسبة استهلاك الطاقة غير الأحفورية إلى 25٪، ومن المتوقع أن يصل حجم صناعة حماية البيئة إلى 15 تريليون يوان، وتعزيز التحول الأخضر الشامل للاقتصاد والمجتمع بشكل منهجي من خلال تنفيذ نظام الرقابة المزدوج لانبعاثات الكربون، وتطوير الطاقة الموزعة، وبناء حدائق خالية من الكربون، وتحسين سوق الكربون والنظام المالي الأخضر.
لقد وضع التطور السريع في قطاع الطاقة المتجددة في الصين الأساس للتحول – فحتى سبتمبر 2025، شكلت القدرة على الطاقة المتجددة 59.1٪ من إجمالي الطاقة الكهربائية المركبة، مما يشير إلى أن مزيج الطاقة يتم تحسينه باستمرار.
ترى الدول العربية أيضا أن عام 2030 هو نقطة رئيسية في التحول الأخضر. تركز الدول على زيادة نسبة الطاقة المتجددة وتعزيز الاستثمار الأخضر لمواجهة تحديات مثل التعرض للمناخ، وندرة المياه، ومزيج الطاقة الموحد. تخطط السعودية لإنتاج 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030 وتحقيق 50٪ من كهربائها من مصادر متجددة؛ كما أطلقت الإمارات العربية المتحدة ومصر وقطر ودول أخرى استراتيجيات للنمو الأخضر والتنمية المستدامة، ملتزمة ببناء “شرق أوسط أخضر”.
التعاون في التحول الأخضر بين الصين والعربية مكمل بشكل كبير: فالدول العربية تمتلك موارد وفيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومزايا مالية، بينما تتمتع الصين بمزايا رائدة في تكنولوجيا الطاقة الجديدة، وتصنيع المعدات، والتحكم في التكاليف، وحجم السوق. من خلال مبادرة “الحزام والطريق”، ارتبط الجانبان باستراتيجيات التنمية في الدول العربية، وشكلوا تدريجيا نموذجا متبادلا المنفعة من “الموارد التكنولوجية” و”سوق القدرة”. ينعكس التعاون بشكل رئيسي في الجوانب التالية:
أولا، في مجال التحول الطاقي، شاركت الصين في بناء مشاريع للطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الهيدروجين في الدول العربية من خلال تصدير معدات الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح للمساعدة في تطوير هيكلها الطاقي. ثانيا، تنفيذ التعاون الاستثماري حول الصناعات الخضراء، وبناء متنهات صناعية منخفضة الكربون، وشبكات ذكية، ومنصات إدارة الكربون الرقمية بشكل مشترك؛ الثالث، تعزيز التبادلات العلمية والتكنولوجية والشعبية بين الشعب، وتحسين قدرات الحوكمة البيئية الإقليمية من خلال نقل التكنولوجيا والبحث والتطوير المشترك.
شهدت العديد من الحالات الناجحة، مثل منتزه الطاقة الكهروضوئية في مصر، ومشروع الطاقة الجديدة في الأردن، ومحطة الطاقة في قطر، ومشروع التعاون للطاقة الهيدروجينية في الإمارات العربية المتحدة، وكلها تقدم نماذج توضيحية للتعاون الأخضر الصيني-العربي.
على الرغم من الآفاق الواعدة للتعاون، لا تزال الدول العربية الصينية تواجه تحديات مثل المخاطر الجيوسياسية، والتكيف التكنولوجي، والتنسيق المالي، واستمرارية السياسات. يحتاج الجانبان إلى تحسين آلية الحوار بشكل أكبر، وصياغة خطة عمل مشتركة، وتشجيع الشركات على المشاركة في السلسلة بأكملها، واستخدام منصة التعاون “الحزام والطريق” لتنسيق الموارد، وحل المخاطر، وتعزيز تنفيذ المشاريع الخضراء.
سيمنح تنفيذ الخطة الخمسية الخامسة عشرة دفعة جديدة للتعاون الأخضر بين الصين والعربي. من خلال الربط الاستراتيجي والتعاون العملي، لن يساعد الجانبان فقط في تحقيق أهدافهما للتنمية المستدامة لعام 2030، بل سيبنيان معا ممر الطاقة الخضراء “الحزام والطريق” ويقدمان حلولا بحكمة شرقية للتحول الأخضر العالمي.
لا تقتصر الصين والدول العربية على إضاءة الطريق الأخضر للشرق الأوسط فحسب، بل أيضا تقديم مساهمات مهمة في بناء مجتمع ذو مستقبل مشترك للبشرية.
بقلم ليو لي هوا (منى)باحثة في جامعة صون يات سين
أمينة عامة في معهد الدراسات الإقليمية والدولية بجامعة صون يات سين
و تشاو تشن يانغ(أمجد) مساعد باحث في معهد الدراسات الإقليمية والدولية بجامعة صون يات سين

