استراتيجية التسويق ورؤي المستقبل
يجب أن يكون لكل قطاع في المنظمة خطة استراتيجية خاصة تتماشى مع الخطة الاستراتيجية العامة للمنظمة، بحيث تكملها، مثل الخطط الاستراتيجية للتسويق والإنتاج والموارد البشرية وغيرها. بالنسبة لخطة التسويق الاستراتيجية، يجب أن تعمل كخارطة طريق للمنظمة أو للشخص المعني، بهدف تحديد أهداف تسويقية واضحة تهدف إلى الترويج لمنتج أو خدمة أو للمنظمة نفسها.
لبدء إعداد هذه الخطة، ينبغي في المرحلة الأولى صياغة رؤية ورسالة وقيم المنظمة، والتي قد تكون قد أُعدت مسبقًا في الخطة الاستراتيجية العامة. تعبر رؤية المنظمة (Vision) عن تصور الإدارة العليا للمستقبل الذي ترغب في تحقيقه، ويجب أن تكون هذه الرؤية واقعية وقابلة للتحقيق، وليست مجرد أماني. أما رسالة المنظمة (Mission) فهي تعكس الأنشطة التي تقوم بها لتحقيق رؤيتها المستقبلية، موضحةً الغرض من وجودها وثقافتها وطريقة تعاملها مع عملائها، وينبغي أن تكون الرسالة محددة ودقيقة، وليست عامة أو واسعة. وبالتالي، فإن دور الاستراتيجية هو العمل من خلال الرسالة لتحقيق الرؤية. أما قيم المنظمة (Values) فتمثل المعتقدات الأساسية التي تعبر عن ثقافتها.
تتضمن المرحلة الثانية إجراء تحليل تسويقي باستخدام أدوات التحليل الاستراتيجي مثل تحليل “سوات” (SWOT) ومصفوفة بوسطن ومصفوفة ماكينزي وغيرها، بهدف التعرف على نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر المرتبطة بالمنظمة. وفي المرحلة الثالثة، يتم تحديد الأهداف التسويقية التي تركز على الأنشطة التسويقية للمنظمة، مع وضعها في إطار زمني محدد وبشكل كمي ومنطقي وقابل للقياس، بحيث تكون واقعية وقابلة للتحقيق دون وجود تعارض بينها.
ثم في المرحلة الرابعة، يبدأ العمل على إعداد محتوى الاستراتيجية من خلال تحديد السوق والفئة المستهدفة وفقاً لمفهوم تجزئة السوق. بعد ذلك، يتم تحديد القيمة التي يقدمها المنتج أو الخدمة للمستهلك، مما يسهم في وضعها في موقع تنافسي متميز في السوق. كما يتم إعداد عرض البيع الفريد (USP) الذي يبرز المميزات التنافسية للمنتج أو الخدمة. بعد ذلك، يتم صياغة محتوى تعريفي عن المنتج أو الخدمة، يتضمن القيمة المقترحة (Value Proposition) التي تلتزم المنظمة بتقديمها، موضحاً كيف سيستفيد العميل منها ويحقق رغباته مقارنة بالمنتجات الأخرى.
بعد ذلك، يتم تطوير استراتيجية التسويق في شكل خطة استراتيجية تشمل الأهداف التي تسعى المنظمة لتحقيقها. تمثل الأهداف بعيدة المدى قائمة بالمهام التي يجب إنجازها لتحقيق الاستراتيجية، بينما تشير الأهداف إلى الإجراءات المحددة التي يجب اتخاذها ضمن جدول زمني لتحقيق تلك الأهداف بعيدة المدى.
علاوة على ذلك، ينبغي أن تتضمن الخطة وصفًا للسوق المستهدف، والميزة التنافسية، والقيمة التي سيحصل عليها العميل من استخدام المنتج أو الخدمة. كما يجب إضافة خطط المزيج التسويقي، وخطة خدمة العملاء، وخطة الطوارئ لضمان استمرارية أداء المنظمة والتعامل مع أي أحداث أو ظروف غير متوقعة قد تؤثر سلبًا عليها. بالإضافة إلى ذلك، يتعين إعداد ميزانية تقديرية لخطة التسويق الاستراتيجية، تشمل تقديرات الإيرادات والمصاريف التسويقية للسنوات المحددة في الخطة، بحيث تكون هذه التقديرات عامة وليست مفصلة كما هو الحال في خطة التسويق السنوية.
لكي يكون التخطيط الاستراتيجي التسويقي ناجحاً، يجب أن تتعاون فيه جهود الإدارات الأخرى وأن تحظى بدعم الإدارة العليا. كما ينبغي أن تتناغم الخطة الاستراتيجية للتسويق مع الخطة الاستراتيجية العامة للمنظمة، بالإضافة إلى ضرورة توفر كوادر مؤهلة لتنفيذها. ويتطلب الأمر أيضاً وجود نظام معلومات إداري يقدم بيانات شاملة عن المنظمة من مصادر داخلية وخارجية، ويقوم بمعالجتها وتخزينها لضمان استمرارية استخدامها.