أخبار عامة

اختتام المرحلة الثانية من دورة “الحفظ الإنشائي للمباني التراثية” بنجاح

اختتم المركز الدولي لدراسة حفظ وترميم الممتلكات الثقافية (إيكروم)، عبر مركزه الإقليمي في الشارقة، مؤخرا المرحلة الثانية من الدورة التدريبية المتقدمة عبر الإنترنت بعنوان “الحفظ الإنشائي للمباني التراثية”، التي شارك فيها أكثر من 125 متدرب من 27 دولة، ما يشير إلى الاهتمام المتزايد بالموضوع الذي يستهدفه التدريب، والانتشار الواسع للأنشطة التدريبية التي ينفذها مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة كجزء من برنامج التدريب وتأهيل القدرات.

وهدفت هذه الدورة التدريبية إلى تطوير المهارات والمعارف التي تساعد المشاركين على القيام بالحفاظ على القيمة التاريخية للمباني التراثية مع تحسين سلامتها الهيكلية. من خلال التدريب على التقييم الإنشائي والتشخيص المتقدم، وتوفير الخبرة العلمية والعملية في تصميم وتنفيذ التدخلات الهيكلية اللازمة.

وتعزيز هذه المعارف من خلال وجهات نظر وتجارب عالمية رائدة تم سوقها ضمن دراسات حالة تناولت عدد من تحديات الحفظ المعقدة حول العالم، بهدف تمكين المشاركين في نهاية المطاف من قيادة عملية الحفاظ على التراث وإحداث التأثير المنشود والفعال على هذه العملية.

وفي تصريح له بهذه المناسبة يقول الأستاذ ناصر الدرمكي، نائب مدير مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة “يتابع مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة أداء مهمته في تعزيز كفاءات المعنيين بالتراث الثقافي من مرممين ومدراء ومختصين وباحثين وطلاب لتحسين معارفهم ومهاراتهم من أجل إدارة التراث الثقافي، وحفظه وإحيائه من أجل حاضر ومستقبل أفضل للمجتمع، انسجاماً مع التوجهات الاستراتيجية لمنظمة إيكروم ورؤية حكومة إمارة الشارقة تجاه المنطقة العربية”.

بينما يشير المهندس أنور سابق، مدير الدورة التدريبية، ومسؤول مشاريع الاستشارات الفنية وبرامج التدريب في مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة إلى “أن

الهدف المنشود من تنظيم هكذا تدريب عن بعد في موضوع الحفظ الانشائي هو الوصول إلى شريحة واسعة من المستفيدين وخاصة في المواضع الأكثر طلباً للحفظ الانشائي، حيث التحديات الطبيعية والبشرية التي تتهدد سلامة المباني التاريخية، وكذلك تقديم الحفظ الانشائي بمفهومه بمنهجيته المتكاملة معززة بمشاريع وحلات دراسية متنوعة وغنية من قبل خبرات دولية موثوقة تلتزم بالجودة العالية وأخلاقيات المهنة وتتكيف مع خصوصية التراث في كل منطقة لتحقيق المعرفة للمتكلمين باللغة العربية.”

تشارك الدكتور المهندس مروان الهيب والدكتور المهندس أيمن حرز الله عملية التدريب الذي استمر لمدة  11 يوما في هذه الدورة. والجدير بالذكر أن الدكتور حرز الله هو خبير في التصميم الإنشائي والزلزالي في مؤسسة غروتشي في إيطاليا، ولديه خبرة واسعة في تعزيز وترميم المباني التاريخية والفنية والأثرية، بينما يعمل الدكتور مروان الهيب كمدير مشاريع ومدرس وباحث في جامعة لورين في فرنسا، منذ ما يزيد عن 41 عاما من الخبرة العملية في مجالات الهندسة الإنشائية وتقييم المخاطر.

في الجزء الأول من الدورة التدريبية، تناول الدكتور مروان الهيب تقنيات الترميم الإنشائي، بما فيه تكنولوجيا البناء وخصائص المواد. وركزت المناقشات في محاضراته على سلوك العناصر الإنشائية، كالأعمدة والجدران والعوارض، لا سيما في أعمال البناء بالحجر واستعرض المشكلات الشائعة في المباني التاريخية، كالهبوط التفاضلي للأساسات وأضرار المياه، إلى جانب تقنيات الترميم وتحديات استخدام المواد الحديثة.

وتضمنت محاضراته دراسات حالة سلّطت الضوء على تكامل مبادئ الهندسة مع جهود الحفاظ على التراث، مبرزةً أهمية التعاون بين خبراء الترميم والمهندسين الإنشائيين للحفاظ على سلامة المباني التاريخية.

ويتحدث الدكتور الهيب عن تجربته كمحاضر في هذه الدورة قائلاً “هدفت هذه الدورة التدريبية إلى تقديم مستوى متقدم في الحفظ الانشائي للمباني التاريخية، حيث توجهنا في محاضراتنا، التي تضمنت مبادئ هندسية وحالات دراسية، لتعزيز كفاءات المهندسين في فهم السلوك الإنشائي كي يتمكنوا من الحفاظ على المباني التراثية.” ويضيف “عبر هذا النشاط الذي نظمه مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة، يتاح المجال لوصول المهتمين من المنطقة العربية إلى مناهل المعرفة الدولية ضمن إطار تدريبي احترافي وميسر.”

في الجزء الثاني من الدورة التدريبية، تناول الدكتور أيمن حرز الله، مكونات مشاريع الحفاظ الانشائي ضمن سياق صيرورة الحفاظ عموماً ومن خلال استعراض عدد من الأمثلة ودراسات الحالة، ركز على فلسفة الحفاظ على المباني التراثية وتطبيق التقنيات التقليدية والحديثة لمقاومة الزلازل. وشملت المواضيع التي تناولها تحليل المواد، وحسابات السلامة، مع التركيز على أهمية التعاون بين خبراء الترميم والمهندسين الإنشائيين. وقدم عروضًا عملية ودراسة حالة لترميم قصر إيطالي يعود إلى القرن السادس عشر، ومشروع نقل مسلة أثرية من إيطاليا إلى إثيوبيا، بالإضافة إلى دراسات حالة لمشاريع متميزة مثل مشروع مدرسة الأشرفية، في محيط المسجد الأقصى بالقدس، ومشروع دير سانت كاترين في مصر. وأكدت الجلسات على أهمية المعرفة المتخصصة والحفاظ على النزاهة التاريخية في جهود الترميم.

ويقول الدكتور حرز الله: “شكلت هذه الدورة التدريبية فرصة طيبة بالنسبة لي، كخبير في الحفاظ الانشائي والمعماري، كي أشارك  بعض الخبرات التي نضجت في مؤسسة كروتشي على مدى أكثر من 36 عام في ترميم المباني التاريخية بكافة أشكالها وحجومها وفي سياقات جغرافية واجتماعية متنوعة. وأتاحت لنا هذه الدورة مشاركة المنهجيات المنضبطة وأحدث التقنيات والعلوم في الحفاظ الانشائي والمعماري مع الحاضرين، إذ لطالما كانت منظمة إيكروم ملتقى لتداول الخبرات ونقل المعرفة.”

اختتمت الدورة التدريبية بيوم مخصص لنقاش حالات دراسية طرحها المتدربون كل من بلده وموقع عمله، حيث اطلع المتدربون من خلالها على تجارب بعضهم البعض واستمعوا إلى نصائح المدربين بشأن إدارة هذه الحالات ليقوم كل متدرب بتكييف النصائح حسب السياق الخاص لديه. ومن النقاط المهمة التي أثيرت من قبل المشاركين ضرورة توفر دورات تدريبية متخصصة إضافية تركز على تدعيم المباني، وخاصة الهياكل الخرسانية الحديثة المصنفة كمواقع تراثية في المنطقة العربية، وترميم المباني الحجرية والخشب والمواقع الترابية.

بالمحصلة، أغنت التساؤلات والمقترحات التي جرى تداولها خلال المحاضرات عملية التدريب، وساهمت بوضع رؤى وتصورات عملية لتوجيه نشاطات التدريب المستقبلية التي ينفذها مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة كجزء من برنامج التدريب وتأهيل القدرات، والذي يهدف إلى تزويد المهنيين بالمعرفة النظرية والمهارات العملية للحفاظ على مواقع التراث الثقافي وإدارتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى