أخبار عامة

أركان تقدم المؤسسة الحديثة في التحول الرقمي: التكرار، التحسين، الصمود

بقلم: بريثيكا شارون روزالين، المحلل المؤسسي لدي شركة مانيج انجن

على الرغم من أن التحول الرقمي يُحدث تغييرًا جذريًا للعديد من الشركات، إلا أنه يأتي بمجموعة جديدة من التحديات عند كل منعطف. فالتدفق المستمر للتقنيات المتطورة واعتمادها، ونقص استراتيجيات التقييم والإدارة الفعالة، وتزايد مخاطر الأمن السيبراني، وتدهور تجربة الموظفين — قائمة التحديات المؤسسية لا تنتهي.

لم يعد من الممكن مواجهة هذه التحديات بالبحث عن حلول سريعة أو الالتزام بالقواعد التقليدية فقط. بل يتعين علينا تجاوز الأساسيات وتبني تحول في العقلية، تحولٌ يُعطي أولوية لمبادئ التكرار والتفوق والمرونة لضمان النجاح المستدام.

تحديات التحول الرقمي

لقد تطور مفهوم التحول الرقمي مع مرور الوقت. اليوم، تتسارع المؤسسات نحو الاعتماد على العمليات القائمة على الذكاء الاصطناعي لتحقيق تحولها الرقمي. ومع ذلك، فإن جهود الكثير منها تثبت أنها أكثر ضررًا من نفعها.

هناك أسباب متعددة لفشل التحول الرقمي في المؤسسات، مثل: عدم القدرة على مواكبة تعقيد التقنيات الجديدة، القيود المالية، نقص العمالة الماهرة، سوء تجربة الموظفين، تزايد مخاطر الأمن السيبراني، عدم وضوح الاستراتيجيات، فقدان الهدف، وغيرها. لكن التحدي الأكثر إلحاحًا هو مقاومة المؤسسة الداخلية للتغيير وتصلبها الثقافي، وفقًا لدراسة أجرتها شركة Insights KSA في عام 2025 حول تحديات التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية، فإن ثقافة تجنب المخاطرة ومقاومة التغيير تُعتبر إحدى العوائق التي تحول دون تحول الشركات رقميًا في المملكة.

هذه الثقافة، التي تغذيها المخاوف والتردد داخل المؤسسة، ليست حدثًا عابرًا. بل أصبحت نمطًا متكررًا يتغلغل في صميم العملية التشغيلية، مهددًا الكفاءة العامة. يتطلب التغلب على هذا التحدي في التحول الرقمي اهتمامًا مستمرًا وإعادة هندسة كاملة للاستراتيجيات التقليدية. كما يتطلب تحولًا جذريًا في العقلية وتبني قيم حيوية في ثقافة المؤسسة.

قوة الأركان الثلاثة

على عكس استراتيجيات حل المشكلات التقليدية، قد تبدو فكرة تعميق مبادئ التكرار والتفوق والمرونة في العمل مجردة بعض الشيء. ومع ذلك، في المشهد الرقمي الحالي، يمكن اعتبار هذه المبادئ “المفتاح” الذي يُحقق النجاح المؤسسي من خلال مساعدتها في تجاوز التحديات التقنية.

التكرار

للوهلة الأولى، قد يُنظر إلى التكرار على أنه دورة لا تنتهي من الأنشطة الروتينية دون نتائج ملموسة. لكنه في الواقع قيمة أساسية تبني ذاكرة العضلات المؤسسية من خلال السماح بالممارسة المنتظمة والتكرار والضبط الدقيق لأي استراتيجية أو حل حتى تحقيق النتائج المرجوة واستيعابها داخليًا. عند تطبيقه بوعي، يمكّن التكرار المؤسسات من التحسين المستمر والابتكار.

كشفت دراسة حديثة لـ كي بي إم جي أن 80% من المؤسسات الكبيرة تسعى حاليًا إلى تحقيق تحولين أو أكثر في وقت واحد. وأكدت الدراسة أن “التحول بالنسبة للعديد من المؤسسات الحديثة يعني إعادة الاختراع المستمر”. وهذا يؤكد أهمية الجهود المتسقة والمتكررة ليس فقط في التكيف مع ظروف السوق المتغيرة، بل أيضًا في تمهيد الطريق للمبدأ التالي التحسين.

التحسين

عندما تكرر المؤسسة عملياتها وتُتقنها، فإنها تُهيئ نفسها تلقائيًا للتفوق. لذا، ليس من المستغرب أن تتوقع معظم المؤسسات من موظفيها المساهمة في تحسين العمليات. على سبيل المثال، في حالة التحول الرقمي، عندما يتم تبني تقنية جديدة، يتم اختبارها مرارًا وتكرارًا لفهم تأثيراتها على الأعمال. مع كل محاولة، تصقل المؤسسة فهمها لهذه الأداة/الحل الجديد، مما يمكنها من استخراج أقصى قيمة ورفع الكفاءة.

الصمود

لا تقتصر المرونة المؤسسية على مجرد الصمود في وجه الصعوبات التقنية والنجاة منها. بل تشمل أيضًا القدرة على التكيف والتعافي والتغلب على هذه المواقف بسهولة. في العصر الرقمي الحالي، حيث لا تنقص الاضطرابات التقنية غير المتوقعة، تُعد المرونة قيمة أساسية يجب تبنيها. يساعد النهج الاستباقي، خاصة في مجال الأمن السيبراني والامتثال، المؤسسات على الحفاظ على نفسها وتحقيق النجاح في النهاية. المرونة هي الأساس والنتيجة لاستراتيجية تحول رقمي سلسة.

الطريق نحو تقدم المؤسسة

يمكن لمعظم المؤسسات التي تواجه تحديات التحول الرقمي أن تحرر نفسها من هذه المعاناة باتباع الحلول التقنية والمبادئ التوجيهية القياسية. ومع ذلك، فإن الطريق نحو التقدم الحقيقي للمؤسسات لا يعتد إلا بمبادئ التكرار والتفوق والمرونة. ولتحقيق أقصى استفادة من مؤسساتهم، يجب أن يكون القادة الأعمال حريصين على السير في هذا الطريق نحو التقدم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى