أخبار عامةعقارات

“السياحة المفرطة”.. تحدٍ جديد يهدد وجهات أوروبا الخلابة

برزت أزمة “السياحة المفرطة” على الساحة العالمية مجددًا، لأول مرة منذ جائحة كورونا التي بدأت في عام 2020. يُستخدم هذا المصطلح لوصف ظاهرة تزايد أعداد السياح في وجهات شهيرة مثل البندقية وبرشلونة ودوبروفنيك وأمستردام، حيث تفاقمت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ، مما أدى إلى تنظيم مظاهرات واحتجاجات من قبل سكان تلك المناطق.

حسب المعهد الوطني للإحصاء، استقبلت إسبانيا، التي تُعتبر ثاني أكثر الدول زيارة بعد فرنسا، 85 مليون زائر أجنبي في عام 2023، مما يمثل زيادة بنسبة 18.7% مقارنة بالعام السابق. وكانت كتالونيا، وعاصمتها برشلونة، هي المنطقة الأكثر جذبًا للسياح، حيث استقبلت 18 مليون سائح، تلتها جزر البليار بعدد 14.4 مليون سائح، ثم جزر الكناري التي استقبلت 13.9 مليون سائح.

تعاني الوجهات السياحية الشهيرة حول العالم، بدءًا من روما الإيطالية وصولًا إلى دوبروفنيك الكرواتية، من تدفق كبير للسياح، مما أدى إلى ظهور مشكلات تتراوح بين الازدحام وتكدس النفايات وارتفاع أسعار الإيجارات.

وقد قامت بعض المدن، مثل فينيسيا، بتجربة فرض رسوم دخول مؤقتة، بهدف تقييم ما إذا كان طلب الزوار على دفع مبلغ رمزي خلال زيارتهم اليومية سيساهم في معالجة هذه القضايا. وبعد تجربة استمرت 29 يومًا، من المقرر أن تستمر المدينة الإيطالية في تطبيق هذه الرسوم اعتبارًا من عام 2025.

مؤخراً، أعلن عمدة مدينة إشبيلية الإسبانية عن نيته فرض رسوم على السياح الذين يزورون الميدان المركزي (بلازا دي إيسبانا). وفي سياق متصل، تخطط الحكومة اليونانية لفرض رسوم دخول على سفن الركاب السياحية التي تتوجه إلى جزرها اعتباراً من العام المقبل.

فهل ستساهم هذه الرسوم في معالجة مشكلات هذه المدن؟

يأمل المسؤولون أن تسهم هذه الخطوة في تهدئة السكان المحليين الذين يشعرون بالاستياء من آثار السياحة المفرطة، خاصة بعد خروج الآلاف إلى الشوارع للاحتجاج على هذه القضية في عدة مدن إسبانية، بما في ذلك البر الرئيسي وجزر الكناري ومايوركا.

يؤكد الباحث في مجال السياحة والأستاذ الجامعي كريستيان لايسر أن الأموال قد تكون جزءًا من الحل، شريطة أن تعود بالفائدة على السكان المحليين. ومع ذلك، هناك حلول أخرى محتملة، تتضمن تحسين إدارة الحشود التي تقضي عطلاتها ودراسة ما يُعتبر مشكلة في توزيع الزوار.

وعن تأثير فرض رسوم الدخول على جمع الأموال وعدد الزوار، أوضح لايسر أن ذلك يعتمد على قيمة الرسوم وما إذا كان الوصول إلى هذه الأماكن قد تم تقييده، وهذان الأمران مختلفان تمامًا.

يمكن أن تكون الرسوم مفهومة، حيث إن الزوار الذين يقيمون في الفنادق يدفعون ضرائب ورسوم، وغالبًا ما يتم استثناء السياح خلال ساعات النهار من هذه الرسوم، مما يؤدي إلى ارتباك، إذ يستفيد السياح خلال النهار من البنية التحتية والمعالم السياحية بنفس الطريقة التي يستفيد بها الزوار المقيمون، ولكن دون دفع أي مقابل.

أفضل طرق التعامل

وفيما يتعلق بأفضل السبل للتعامل مع هذا الوضع، أشار لاسير إلى إمكانية التحكم في الطلب من خلال تخصيص حصص مع نظام حجز، على سبيل المثال، مما يعني السماح بحد أقصى 30 ألف شخص لزيارة فينيسيا يوميًا.

ومع ذلك، لضمان عدم حرمان الأشخاص من زيارة المدينة وإتاحة الفرصة لهم للتخطيط لزياراتهم، يمكن تطبيق نظام حجز متزامن، كما تفعل العديد من الوجهات السياحية.

المسألة لا تتعلق فقط بمعاناة السكان المحليين من كثرة السياح في مكان واحد في وقت واحد، بل إن السياح أيضًا يشعرون بتجربة مختلفة إذا كان الوضع مريحًا والأماكن ليست مزدحمة.

جزر الكناري

أصدر السكان المحليون الغاضبون، الذين نظموا احتجاجات ضخمة ضد السياحة في جزر الكناري في وقت سابق من هذا العام، تحذيرًا جديدًا للمسافرين البريطانيين هذا الأسبوع، مؤكدين أنهم سيستهدفون “المناطق السياحية الرئيسية” خلال عطلة الصيف.

وعبر المحتجون مرة أخرى عن استيائهم من عدم اتخاذ خطوات كافية للاستجابة لمطالبهم.

في 20 أبريل الماضي، خرج عشرات الآلاف إلى شوارع تينيريفي، حيث يُعتقد أن حوالي 200 ألف شخص شاركوا في المظاهرات التي جرت في مختلف أنحاء الأرخبيل.

تهدف هذه الاحتجاجات، التي نظمتها مجموعات متنوعة مثل “أصدقاء الطبيعة في تينيريفي” (ATAN)، إلى الضغط على المجالس المحلية لتقديم تشريعات جديدة تهدف إلى حماية الجزر من تأثيرات صناعة السياحة المتزايدة. ومع ذلك، تدعي هذه المجموعات أن مطالبها لم تلقَ استجابة، مما دفعها للاستعداد لمظاهرة جديدة قد تكون أكثر حدة.

في سردينيا، قام عمدة أولبيا بحظر السباحة الليلية والتخييم على الشاطئ وإشعال النيران. بالإضافة إلى ذلك، تم تحديد موعد لإنهاء الموسيقى في وقت متأخر من الليل، حيث يجب أن تتوقف في الساعة الخامسة صباحًا. قد يبدو هذا الإجراء متساهلاً للبعض، إلا أن القواعد في مناطق أخرى من المنطقة أكثر صرامة.

في ساساري، يتعين على الموسيقى أن تتوقف عند الساعة الثانية صباحًا، بينما في المناطق السياحية مثل بلاتامونا وبورتو فيرو وأرجينتييرا، يكون الموعد النهائي هو الساعة الثالثة صباحًا، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى