مؤتمر أديبك 2024 يناقش دور الذكاء الاصطناعي في انتقال الطاقة
تنطلق اليوم فعالياتُ معرض ومؤتمر أبوظبي للبترول أديبك 2024 والذي من المُنتظر أن يركز على الدور النوعي للذكاء الاصطناعي في دفع عجلة الانتقال في قطاع الطاقة مع تبني وجهات نظر جديدة
أكد مسؤولون وخبراء في مجال الطاقة العالمي على ضرورة تعزيز التكامل والتعاون بين قطاع الطاقة وقطاعات التكنولوجيا، والاستفادة من هذا التعاون لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي. كما أشاروا إلى أهمية قطاع النفط والغاز في مزيج الطاقة وضرورته في العقود القادمة.
وجاءت هذه التصريحات تزامناً مع انطلاق النسخة الأربعين من معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2024)، الذي يُعقد في الفترة من 4 إلى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بمشاركة واسعة من مسؤولين ورؤساء شركات ومنظمات دولية وعالمية.
دعا الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة «أدنوك» ومجموعة شركاتها، إلى تعزيز التكامل والتعاون بين قطاعات التكنولوجيا والطاقة والاستثمار للاستفادة من الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي توفرها الاتجاهات العالمية الرئيسية الثلاث: نهوض دول الجنوب العالمي والأسواق الناشئة، والتغيرات النوعية في منظومة الطاقة، والنمو السريع في مجال الذكاء الاصطناعي.
حلول متكاملة
وأشار إلى أن هذه الاتجاهات تمثل فرصاً شاملة تتطلب حلولاً متكاملة، وأن الاستفادة من هذه الفرص تتطلب تكاملاً غير مسبوق لتسريع النمو المستدام. كما أكد على أهمية توجيه الاستثمارات، وتحسين البنية التحتية للطاقة وشبكات الكهرباء، ووضع سياسات تمكينية، حيث تعتبر هذه العوامل أساسية لتحقيق أقصى استفادة من الإمكانات التي توفرها الاتجاهات الثلاث.
كما أوضح أن عدد سكان كوكب الأرض سيزداد بمقدار 1.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، معظمهم في دول الجنوب العالمي، ونتيجة لذلك، تزداد ضرورة نمو وتحول أسواق الطاقة، وإحداث نقلة نوعية في نظم الطاقة، مشيراً إلى أن قدرة طاقة الرياح والطاقة الشمسية ستنمو سبع مرات، وأن الغاز الطبيعي المسال سينمو بنسبة 65 في المائة، موضحاً أن استخدام النفط سيستمر كمصدر للوقود وكمادة أساسية لصناعة العديد من المنتجات الضرورية والحيوية، وأن الطلب على الكهرباء سيتضاعف بالتزامن مع تزايد المناطق الحضرية في العالم.
الذكاء الاصطناعي والطاقة
وأشار إلى أن احتياجات الذكاء الاصطناعي ستزيد الطلب على الطاقة بشكل كبير، مؤكداً أن «الذكاء الاصطناعي يعد أحد أبرز الابتكارات في العصر الحالي، وهو يتمتع بالقدرة على تسريع وتيرة التغيير، ويعيد تشكيل حدود الإنتاجية والكفاءة، ولديه القدرة على دعم تحقيق نقلة نوعية في منظومة الطاقة ودفع النمو منخفض الكربون».
أشار إلى أن “النمو السريع في مجال الذكاء الاصطناعي أدى إلى زيادة ملحوظة في الطلب على الطاقة الكهربائية، وهو ما لم يكن متوقعًا قبل 18 شهرًا، عند إطلاق خدمة (شات جي بي تي). وأوضح أن كمية الطاقة المستهلكة نتيجة إدخال أمر واحد إلى (شات جي بي تي) تعادل عشرة أضعاف ما يتم استهلاكه عند إجراء بحث عبر (غوغل)”.
وأضاف: “مع تزايد استخدام أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن نشهد زيادة في عدد مراكز البيانات المخصصة لهذا المجال لتلبية احتياجاته الحسابية الضخمة والمتنامية. ومن المتوقع أن يتضاعف عدد هذه المراكز خلال السنوات الست المقبلة، مما سيتطلب ما لا يقل عن 150 غيغاواط من القدرة المركبة للطاقة الكهربائية بحلول عام 2030، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2040”.
أكد على عدم وجود مصدر واحد للطاقة يمكنه تلبية هذا الطلب، موضحاً أن تحقيق ذلك بشكل مستدام يتطلب مزيجاً متنوعاً من مصادر الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والطاقة النووية، والغاز الطبيعي المسال. كما أشار إلى أهمية توفير بنية تحتية متطورة وزيادة الاستثمارات في هذا المجال.
وأبرز أن الطاقة تُعتبر العمود الفقري للاقتصاد، ومحركاً رئيسياً للنمو والازدهار، ومُمكناً أساسياً لكافة جوانب التنمية البشرية. وشدد على أن العالم يحتاج الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى مزيد من الطاقة مع تقليل الانبعاثات، لتلبية احتياجات عدد أكبر من الناس.
موارد كافية من النفط والغاز
أكد سهيل المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية في الإمارات، على أهمية «الاستثمارات في النفط والغاز» لدعم الطلب في السوق. وأوضح قائلاً: «نحن ملتزمون بالاستثمار في زيادة إنتاج الموارد في المستقبل لضمان توافر كميات كافية من النفط والغاز للعالم».
من جانبه، انتقد هارديب سينغ بوري، وزير البترول والغاز الطبيعي في الهند، ما وصفه بـ«زملائه ذوي الدوافع الأيديولوجية» الذين يسعون لإنهاء إنتاج الوقود التقليدي. وأشار إلى أنه «بينما نعمل على تسريع الانتقال إلى الطاقة الخضراء، سنظل بحاجة إلى مصادر الطاقة التقليدية بأسعار معقولة لمدة عقدين على الأقل، إن لم يكن أكثر».
في وقت لاحق، أعرب المدير التنفيذي لشركة «أدنوك» مصبح الكعبي عن قلقه من أن «التوترات المتزايدة والحروب التجارية قد تؤثر على مستقبل انتقال الطاقة».
استثمارات كبيرة
من جانبه، أشار الرئيس التنفيذي لشركة «بي بي» موراي أوكينكلوس، وكذلك الرئيس التنفيذي لشركة «شل» وائل صوان، إلى أن التوترات في منطقة الشرق الأوسط تمثل أبرز المخاطر التي تواجه أسواق الطاقة.
وقد أدت زيادة التوترات بين إسرائيل وإيران منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى إثارة القلق بشأن احتمال انقطاع الإمدادات في الخليج، الذي ينتج ويصدر حوالي 20% من النفط والغاز على مستوى العالم، مما ساهم في ارتفاع أسعار النفط.
فيما يخص الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، أشار أوكينكلوس إلى أن أكبر التحديات التي تواجه الولايات المتحدة تتمثل في الحاجة إلى إصلاحات تنظيمية تتيح إصدار تصاريح للاستثمارات الجديدة في قطاع الطاقة، وخصوصاً في مشاريع الطاقة المتجددة والمنخفضة الكربون.
كما أوضح أوكينكلوس أن العالم سيحتاج إلى استثمارات كبيرة جديدة في مجالي النفط والغاز لضمان استمرارية الإمدادات، بغض النظر عن الاستقرار المحتمل في الطلب خلال السنوات القادمة.
تسلط الدورة الحالية من “أديبك” الضوء على إمكانيات تطبيقات الذكاء الاصطناعي، الذي يعد محوراً رئيسياً للعديد من النقاشات والتقنيات المعروضة. كما تستكشف الدورة دور الابتكار التكنولوجي والتقنيات الناشئة في إنشاء منظومة طاقة أكثر كفاءة ومرونة واستدامة، مع التركيز على إبراز التطبيقات العملية الواعدة وفوائدها الملموسة في دعم الانتقال في قطاع الطاقة العالمي.
خلال “أديبك 2024″، يناقش الخبراء وقادة القطاع الفرص المتاحة لتطبيق الحلول والابتكارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، بهدف تلبية احتياجات قطاع الطاقة، مما يسهم في تقليل الانبعاثات ودعم الانتقال نحو مستقبل آمن وعادل ومستدام في هذا القطاع.