أخبار عامةاقتصاد

السعودية تحدّث نظام الاستثمار لجذب الأجانب

أشاد قادة قطاع الاستثمار الإقليمي والدولي بجاذبية السوق السعودية للاستثمارات، مستندين إلى قيم الشفافية والنزاهة، بالإضافة إلى الامتداد الإقليمي للسوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذه العوامل تعزز من حجم السوق على الصعيد العالمي،

حيث تُعتبر المملكة واحدة من الاقتصادات الكبرى وتندرج ضمن دول “مجموعة الـ20”. كما تبرز المملكة التزامها بدعم الشراكات بين المستثمرين الأجانب والمحليين.

خلال مشاركتهم في مؤتمر النسخة الثامنة من “مبادرة مستقبل الاستثمار“، الذي انطلقت فعالياته يوم الثلاثاء الماضي في الرياض تحت شعار “أفق لا متناهي: الاستثمار اليوم لصياغة الغد”، ناقش قادة قطاع الاستثمار الإقليمي والدولي آفاق النمو والتحديات التي تواجه الاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. جاء ذلك في ظل التحديات العالمية والفرص الاستثمارية الواعدة، رغم الاضطرابات والتوترات التي تعاني منها المنطقة والعالم.

شهدت إحدى جلسات المؤتمر حضور أبرز قادة قطاع الاستثمار على المستويين الإقليمي والدولي، حيث شارك فيها متعب الشثري، رئيس قسم الاستثمار الإقليمي في صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وأنول رانجان، الرئيس التنفيذي لمجموعة “بروكفيلد للاستثمار الخاص”، وإدوارد وينتر، المدير الإداري لصناديق البنية التحتية في “بلاك روك” بمنطقة الشرق الأوسط، ونيكولاس مورو، الرئيس التنفيذي لإدارة الأصول العالمية في “HSBC”.

وفي بداية الندوة، تناول الشثري التحديات التي يواجهها صندوق الاستثمارات السعودي، مشيراً إلى أن الاستثمار في الأسواق الإقليمية، وخاصة في السعودية، يواجه صعوبات تتعلق بطبيعة الملكيات العائلية للشركات، التي غالباً ما تتردد في بيع أو التنازل عن ممتلكاتها. كما أشار إلى أن صندوق الاستثمارات العامة يدير 13 قطاعاً رئيساً، حيث يعمل فريق متخصص على تطوير كل قطاع.

أكد أن الصندوق يواصل جهوده لتيسير دخول الاستثمارات إلى المملكة وتطوير بيئة استثمارية سلسة بالتعاون مع شركاء من القطاعين العام والخاص في السعودية.

كما أشار الشثري إلى استثمار الصندوق السيادي الأخير في شركة “أديس” للنفط، حيث استغل الصندوق الفروق السعرية بين بورصة لندن والسوق السعودية لتحويل الشركة إلى ملكية خاصة وإعادة تمويلها بمبلغ 540 مليون دولار. وأوضح أن القيمة السوقية لشركة “أديس” بلغت اليوم ما بين 6 و6.5 مليار دولار، مما يعكس نجاح استراتيجية الصندوق في دعم وتوسيع نطاق الشركات المحلية.

التنافسية الاستثمارية

ناقش رئيس قسم الاستثمار الإقليمي في صندوق الاستثمارات العامة السعودي أهمية تعزيز التنافسية في المنطقة فيما يتعلق بصفقات الأسهم الخاصة والبنية التحتية. وأوضح أن التنافسية الاستثمارية تساهم في استثمار أفضل ما لدى المديرين والشركات. وأضاف: “إذا نظرنا إلى منطقة الشرق الأوسط اليوم، بما في ذلك مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، وحتى العراق، نجد أنها تسير نحو النمو”. وأشار إلى أن تعزيز التنافسية في هذه البلدان سيكون له تأثير إيجابي على شعوب المنطقة والمستثمرين على حد سواء.

وأشار الشثري إلى أن “فرص الاستثمار كانت محدودة في الماضي، ولكن المستقبل يحمل أمامنا إمكانيات كبيرة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبالأخص في السعودية“. كما أكد على أهمية القوانين الجديدة للإفلاس، التي تمثل خطوة هامة نحو تعزيز بيئة استثمارية مستقرة وجذابة، وتعتبر جزءاً من جهود المملكة لتطوير مناخ اقتصادي مستدام يجذب الاستثمارات المحلية والدولية.

من جانبه، أوضح أنول رانجان أن شركته تتمتع بتاريخ طويل في منطقة الشرق الأوسط، حيث بدأت عملياتها هناك منذ التسعينيات، واستثمرت حتى الآن 12 مليار دولار، خصوصاً في السعودية والإمارات. وأكد أن الشراكات المحلية تلعب دوراً أساسياً في تقليل المخاطر وتوفير فهم أعمق للسوق.

أوضح أن الشراكة الأخيرة التي أبرمتها شركة “بروكفيلد” مع صندوق الاستثمارات العامة تعزز من ثقة الشركة في زيادة استثماراتها في السعودية. حيث ستتيح لها هذه الشراكة تجاوز المخاطر المرتبطة بالأسواق الناشئة وتوفير فرص جديدة في مجالات الأسهم الخاصة والبنية التحتية.

وأشار رانجان إلى أن أحد التحديات التي تواجه المستثمرين الدوليين هو تصور المخاطر في المنطقة، حيث يعتقد بعضهم أن الأسواق تحمل مخاطر أكبر مما هي عليه في الواقع. ومع ذلك، تعتبر شركته السعودية وجهة استثمارية مستقرة، تتمتع بحوكمة جيدة وشركات ذات جودة عالية.

رؤية السعودية

تحدث إدوارد وينتر عن دور شركة “بلاك روك” في جذب الاستثمارات الدولية، مشيراً إلى أن السوق السعودية تشهد حالياً تقدماً ملحوظاً في فتح مجالات جديدة للاستثمار. وأوضح أن شركتهم تتبنى نموذج شراكات محلية مع شركات مثل “أرامكو” و”أدنوك”، مما ساهم في تعزيز النجاح الاستثماري، ويساعد في تسريع تطوير سوق الصكوك والسندات المحلية، بالإضافة إلى تسهيل دخول رؤوس الأموال إلى المملكة.

كما أضاف وينتر أن شركته تمكنت من استثمار أكثر من 30 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط من خلال مجموعة من المشاريع في قطاعات متنوعة، مؤكداً أن “رؤية السعودية 2030” والإصلاحات الاقتصادية قد عززت من مكانة المملكة كوجهة مثالية لجذب الاستثمارات الدولية.

أوضح أن شركة “بلاك روك” تسعى لتعزيز رأس المال المحلي وتطوير أدوات التمويل، مثل سوق الصكوك وسوق الدين المحلي، بهدف تسهيل عملية الاستثمار وتحقيق أهداف النمو الاقتصادي في المنطقة.

السوق السعودية

من جانبه، أشار نيكولاس مورو إلى أهمية الشفافية كعامل أساسي لجذب الاستثمارات وحماية حقوق المستثمرين. وشرح أن السوق السعودية تشهد تطوراً ملحوظاً في هذا المجال، مدعومة بزيادة عدد الاكتتابات العامة وإدراج مؤشرات جديدة، مثل مؤشر هونغ كونغ كصندوق متداول في السوق السعودية.

وأشار مورو إلى أن “HSBC” تعمل في السعودية منذ عام 2004، وقد شهدت تحولات إيجابية ملحوظة على مر السنوات، حيث أظهرت المملكة التزاماً واضحاً بتعزيز البيئة الاستثمارية بما يضمن حقوق المستثمرين ويساعد في جذب الاستثمارات الدولية.

وفي ختام حديثه، أضاف: “نلاحظ زيادة كبيرة في عمليات الاكتتاب العام، حيث أصبحت السعودية الآن في المرتبة السابعة عالمياً من حيث القيمة السوقية”، مشدداً على أن الصندوق السيادي السعودي يلعب دوراً مهماً في دعم هذا الاتجاه.

وتسعى السعودية إلى رفع حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة إلى 4 أضعاف بحلول عام 2030، في خطوة تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية على خطتها لتنويع اقتصاد المملكة وتقليل الاعتماد على النفط.

ويأتي هذا الإصلاح في إطار جهود السعودية لتوفير بيئة استثمارية أكثر جاذبية تتماشى مع طموحات رؤية السعودية 2030 التي تسعى لخلق قطاعات اقتصادية جديدة مثل التكنولوجيا واستكشاف المعادن، وتدريب الكفاءات الوطنية في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى