الاتحاد الإفريقي يخطط لإطلاق وكالة تصنيف ائتماني خاصة بدول القارة
تحتل قضايا ديون أفريقيا مكانة بارزة في جدول أعمال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث تواجه حوالي 20 دولة أفريقية منخفضة الدخل خطر الإفلاس أو مستويات مرتفعة من الديون.
وقد ساهم ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم في تفاقم هذه الأزمة، مما جعل من الصعب تقليص الديون بعد جائحة كورونا.
وفي الوقت الراهن، يطالب وزراء المالية الأفارقة بإنشاء وكالة تصنيف ائتماني خاصة بالقارة لتحسين التقييمات، في حين تشير التقارير إلى أن الوكالات الدولية غالباً ما تعكس تحيزات سلبية تجاه الدول الأفريقية.
على مدار السنوات الأخيرة، أعرب وزراء المالية الأفارقة عن قلقهم المتزايد بشأن تصنيفاتهم الائتمانية، مؤكدين على ضرورة إنشاء مؤسسة تصنيف خاصة بالقارة.
هذا الأسبوع، يجتمع خبراء إقليميون في نيروبي، عاصمة كينيا، لمناقشة سبل تحسين التقييمات الائتمانية. يأتي ذلك في وقت تشير فيه التوقعات إلى أن الاتحاد الأفريقي سيطلق وكالة التصنيف الائتماني الأفريقية “AfCRA” العام المقبل، بعد أن تم العمل على إنشائها منذ عام 2022.
تميل الدول الأفريقية إلى تحمل تكاليف أعلى لرأس المال مقارنة بنظيراتها ذات الملفات الاقتصادية المماثلة، لكن من الصعب تحديد مدى تأثير ذلك على التصورات الخاطئة أو المخاطر السياسية والاقتصادية الفريدة. تدعي وكالات التصنيف أنها تعتمد إطار عمل صارم لتقييم استدامة الديون لجميع الدول. ومع ذلك، فإن الشكاوى التي يطرحها صانعو السياسات في أفريقيا ليست بلا مبرر. وقد يتيح استخدام نماذج تصنيف أكثر موضوعية للدول الأفريقية توفير ما يصل إلى 75 مليار دولار من المدفوعات الزائدة على الفوائد والقروض المفقودة.
لا تُعتبر وكالة تصنيف الائتمان التي يديرها الأفارقة حلاً سحرياً كما ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز”، وذلك لعدة أسباب تناولتها الصحيفة. أولاً، تعاني القارة من ضعف الحوكمة وقلة عمق السوق، بالإضافة إلى تعقيدات إعادة هيكلة القروض، وهي عوامل رئيسية تسهم في تفاقم مديونيتها. كما أن الوكالات الثلاث الكبرى قد تُعتبر كبش فداء سهلاً في هذا السياق.
ثانياً، تعتمد قدرة الدولة على سداد ديونها على عوامل تتجاوز النماذج الاقتصادية فقط، مما يجعل تقييم القضايا السياسية أمراً ضرورياً. ثالثاً، قد تفتقر وكالة تصنيف الائتمان الأفريقية إلى مصداقية المستثمرين إذا اعتُبرت منحازة بشكل مفرط للمقترضين المحليين.
وترى أنه من الحكمة أيضاً أن تعزز الوكالات الثلاث الكبرى وجودها في هذه القارة الشابة التي تشهد نمواً سريعاً، والتي تجذب اهتماماً متزايداً من قبل المستثمرين.
أفريقيا والفجوة الاستثمارية
تواجه أفريقيا فجوة استثمارية كبيرة تتطلب معالجة تغير المناخ وتعزيز الإنتاجية، مما يستدعي ضرورة وجود كلف تمويل عادلة ودقيقة. وحتى في حال أصبحت تقييمات التصنيف الائتماني في أفريقيا أكثر دقة، فإن الأسباب الرئيسية لارتفاع كلف الاقتراض ستظل قائمة.
حثت الصحيفة وزراء المالية الأفارقة على عدم الانشغال عن الإصلاحات العامة الضرورية، رغم التحديات التي تواجهها، مثل تحسين تحصيل الضرائب وإلغاء الدعم المفرط. كما دعتهم إلى مواصلة جهود إعادة هيكلة الديون متعددة الأطراف، مشيرة إلى أن “المسألة تتجاوز بكثير ما يمكن لوكالات التصنيف الائتماني في أفريقيا القيام به لمعالجة مشكلات التدفق النقدي في القارة”.
وأكد المشاركون على أهمية وجود آليات إشراف مناسبة وبيئة تنظيمية تعزز المنافسة، خاصة في أسواق رأس المال، مع ضرورة تقليل الحواجز أمام دخول وكالات التصنيف الائتماني الجديدة.
وأشار أودوندو إلى أن “التصنيف الائتماني يعد أمراً حيوياً، وأن وجود وكالات محلية هو الخيار الأمثل”.
تسيطر ثلاث وكالات دولية على 90% من سوق التصنيف الائتماني في أفريقيا، وهي “موديز” و”أس أند بي غلوبال” و”فيتش”، حيث تمتلك هذه الوكالات معاً نحو 95% من السوق العالمي.
تعتبر وكالات التصنيف الائتماني مؤسسات تقوم بتقييم قدرة المقترض على سداد الديون، سواء بشكل عام أو بالنسبة لدين معين.
يعتبر التصنيف الائتماني ضرورياً بشكل أساسي إذا كانت المؤسسة تسعى لجمع الأموال من الأسواق المالية.
وأشار سام أوموكوكو، المدير التنفيذي لشركة “ميتروبول كوربوريشن” المحدودة، إلى الحاجة إلى وكالة إقليمية للتصنيف الائتماني توفر وسائل لرأس المال الميسر والملائم.
وفي تقرير صدر عن الاتحاد الأفريقي في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، تم الإشارة إلى أن الوكالات الرائدة حالياً ترتكب “أخطاء جسيمة في تقييماتها”، حيث تعتمد على تقييمات ضيقة لا تأخذ بعين الاعتبار المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، مما يؤثر سلباً على تدفق رأس المال داخل المنطقة.
كما أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، أهونا إزيكونوا، في ذلك الوقت على ضرورة تعزيز الوكالة لصالح الشعب الأفريقي لتحقيق تطلعات التنمية، مشيرة إلى إمكانية تسعير المخاطر بشكل عادل.