عين على إفريقيا.. استثمارات سعودية ضخمة تتجه للقارة السمراء
أقيمت قمة “أفريقيا الجديدة” ضمن المؤتمر السنوي الثامن لـ”مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض، حيث أتيحت الفرصة لعدد من صناع القرار والوزراء والمسؤولين من مختلف أنحاء العالم لاستكشاف الفرص الاقتصادية الكبيرة في القارة الأفريقية. وتهدف القمة إلى تشجيع المستثمرين ورؤوس الأموال على إقامة تحالفات وشراكات تتجاوز الحدود، مما يسهم في تعزيز نمو الدول الأفريقية.
تعتبر قمة “أفريقيا الجديدة” بمثابة تمهيد للقمة الرسمية التي ستبدأ أعمالها يوم الثلاثاء، وقد شكلت منصة لاستكشاف الفرص الفريدة المتاحة في مختلف مناطق القارة، التي تُعتبر مصدراً غنياً لاحتياطيات المعادن والغاز والنفط، بالإضافة إلى الأراضي الزراعية. كما تحتفظ القارة بنسبة كبيرة من الموارد الطبيعية في العالم، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة.
تعتبر أفريقيا موطنًا لمعظم المعادن الثمينة، حيث تمتلك حوالي 30% من احتياطيات المعادن العالمية. وتساهم دول مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا والجزائر وأنغولا وليبيا بأكثر من ثلثي الثروة المعدنية في القارة، وذلك بفضل احتياطياتها الكبيرة من النفط، باستثناء جنوب أفريقيا التي تتميز بوفرة الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.
تدرك حكومة المملكة العربية السعودية أهمية القارة الأفريقية، وقد نظمت قمة سعودية – أفريقية في نوفمبر 2023، بهدف تأسيس تعاون استراتيجي بين الجانبين في مختلف المجالات، مما يعزز المصالح المشتركة ويساهم في تحقيق التنمية والاستقرار.
استثمارات سعودية ضخمة تتجه للقارة السمراء
خصصت المملكة أكثر من مليار دولار لدعم القارة الأفريقية من خلال “مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية”. كما يخطط “الصندوق السعودي للتنمية” لاستثمار 5 مليارات دولار في مشاريع تنموية في الدول الأفريقية على مدار السنوات العشر القادمة. من جهة أخرى، استثمرت شركة “أكوا باور” أكثر من 7 مليارات دولار في إنشاء محطات للطاقة المتجددة في عدة دول أفريقية. وأعلنت الشركة في بيان يوم الأحد أنها تتوقع أن تصل محطة “ريدستون” للطاقة الشمسية المركزة في جنوب أفريقيا إلى طاقتها الإنتاجية القصوى البالغة 100 ميغاواط خلال الأيام القليلة المقبلة، كما أشارت إلى أن محطة “كوم أمبو” للطاقة الشمسية في مصر قد حققت طاقتها الكاملة البالغة 200 ميغاواط.
مع انطلاق قمة “أفريقيا الجديدة”، توقع وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، أن تصل استثمارات القطاع الخاص السعودي في قارة أفريقيا إلى 25 مليار دولار خلال العقد المقبل. وأوضح أنه يتم حالياً العمل على تنفيذ استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار من هذا المبلغ، مشدداً على الدور الحيوي الذي تلعبه أفريقيا في مواجهة التحديات العالمية، وأن شراكة المملكة مع القارة تتطور بسرعة.
كما أشار الجدعان إلى بعض المبادرات الرئيسية التي بدأت المملكة في تنفيذها، مثل تخصيص أكثر من مليار دولار لـ “مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية” في أفريقيا، بالإضافة إلى تخصيص 5 مليارات دولار من “الصندوق السعودي للتنمية” لدعم مشروعات تنموية خلال السنوات العشر القادمة، حيث بدأ تنفيذ هذه المشاريع. كما تم تخصيص 10 مليارات دولار من بنك التصدير والاستيراد السعودي لتقديم منتجات تمويلية على مدى العقد المقبل.
في جلسة حوارية، أكد وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن المملكة ستتعاون مع الدول الأفريقية لخلق فرص استثمارية متميزة. وأوضح أن السعودية لديها استثمارات ومساعدات تنموية تقدر بالمليارات في القارة الأفريقية، وقد زادت هذه الاستثمارات لتصل إلى حوالي 45 مليار دولار، مما يغطي معظم الدول الأفريقية.
وأشار الفالح إلى أهمية التعاون المشترك لتطوير الاقتصاد وجذب الاستثمارات من الشركات السعودية، التي تتميز بالكفاءة والطموح وتعمل بشكل جيد لتحقيق الأهداف المرجوة.
كما أشار إلى أن ثلث الموارد المعدنية في العالم موجود في أفريقيا، وأن معظم هذه الموارد لم يتم استغلالها بعد. واعتبر أن الاقتصاد العالمي يدخل مرحلة جديدة حيث ستصبح المعادن هي المحرك الرئيسي للتطور الاقتصادي. وأضاف: “نحن بحاجة إلى دمج المساعدات الإنمائية مع الاستثمارات. لا نرغب في تقديم المساعدة لأفريقيا فقط، بل نريد العمل معها لخلق فرص للمستثمرين.”
أكد الفالح أن القارة الأفريقية يجب أن تعتمد على نفسها، وأنها بحاجة إلى تعزيز الشفافية في السياسات. وأشار إلى أن المملكة ستقدم تقنيات جديدة تسهم في التحول في أفريقيا، موضحاً أن القارة تمتلك إمكانيات كبيرة تجعلها مصدراً رئيسياً لتصدير الغذاء إلى جميع أنحاء العالم إذا تم استغلال هذه الإمكانيات بشكل صحيح.
وأضاف وزير الاستثمار: “يمكن لأفريقيا أن تصبح سلة الخبز والغذاء للعالم، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً لما تمتلكه القارة من موارد هائلة في هذا المجال”.
كما أوضح الفالح أن المملكة تتمتع بقدرات رائدة في مجال التقنية، مشيراً إلى وجود مستشفيات افتراضية للعلاج عن بُعد، ولفت إلى التحديات العديدة التي تواجه إنشاء المدن الذكية وتطبيق التقنيات الحديثة فيها.
القطاع الخاص
على صعيد آخر، شهدت الجلسات الحوارية نقاشات غنية أكدت على أهمية الاستقرار السياسي والإصلاحات كعوامل حاسمة لنمو القارة الأفريقية، بالإضافة إلى ضرورة اعتماد وسائل أكثر نظافة في استخدام الطاقة.
وأكد الدكتور سيدي ولد التاه، رئيس البنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، على أهمية تحديد أنواع المخاطر والأطراف المسؤولة عنها، وذلك لضمان نجاح المشروعات الخاصة بالقطاع الخاص. واعتبر أن تحديد المخاطر يعد خطوة أساسية لإيجاد الحلول والتفاوض بشأنها.
وأضاف: “في البداية، كان البنك يركز على القطاع الخاص فقط، ولكن بعد ذلك بدأ يهتم بمشروعاته أيضاً. لدينا قناعة بأن المخاطر في أفريقيا ليست واقعية وأنها منخفضة جداً. ولتحقيق نجاح الأعمال، يجب أن تكون هناك مشروعات مدعومة من البنوك، بالإضافة إلى وجود إطار قانوني وتشريعات وسياسات واضحة لجميع الأطراف المعنية.”