أخبار عامة

إستراتيجي أند الشرق الأوسط: الدول العربية على أعتاب حقبة جديدة من التفوّق الرياضي

فينتشينزو موسوميشي
  • دورة ألعاب التضامن الإسلامي الرياض 2025، والألعاب الآسيوية المقبلة في الدوحة والرياض، تبرزان طموح المنطقة نحو مستقبل رياضي مزدهر
  • تقرير جديد يسلط الضوء على الجهود التي تبذلها الدول العربية ومساعيها في بناء منظومات متكاملة لرعاية وإعداد الجيل القادم من رياضيي النخبة

تشهد الرياض هذا الأسبوع انطلاق دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025، في وقت تواصل فيه المملكة تعزيز استثماراتها الرياضية ضمن رؤية 2030، ما يعكس الدور المتنامي للرياضة كركيزة للتنمية الوطنية ومبعث فخر للمملكة والمنطقة بأسرها.

وفي ظل هذا الحراك الرياضي المتسارع، أصدرت إستراتيجي أند الشرق الأوسط تقريرًا جديدًا بعنوان «من الطموح إلى الذهب … العرب على طريق المجد في الألعاب الأولمبية »، يبيّن الكيفية التي يمكن من خلالها للدول العربية توظيف الرياضة كقوة دافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويقدّم خارطة طريق نحو تحقيق تفوّق رياضي مستدام.

وأشار التقرير إلى أن الدول العربية تمكّنت من تحقيق ما يقارب 71 ميدالية في الدورات الخمس الماضية للألعاب الأولمبية الصيفية، معظمها في مسابقات ألعاب القوى والرياضات القتالية. وتُشكّل هذه الدول ما يقارب 5.4% من سكان العالم، وقد حققت 1.4% من مجموع الميداليات الأولمبية في المدة ذاتها، وهو ما يبرز الآفاق الرحبة أمامها لتعزيز إنجازاتها الرياضية في الأعوام المقبلة.

الرياضة ركيزة للتنمية الوطنية

تتجاوز مكاسب الرياضة حدود الإنجاز والمجد والشهرة والاعتراف العالمي، إذ تمثّل أداة فاعلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز جودة الحياة. فالنجاح في ميادين الرياضة يعيد رسم صورة الدولة عالميًا، ويحفّز الأفراد على تبنّي أنماط حياة صحية، ويعزّز روح المشاركة والتلاحم، ويُلهِم الشباب ليكونوا جزءًا من مسيرة التطوّر الوطني.

وتفتح الرياضة كذلك آفاقًا واسعة للنمو الاقتصادي والتجاري، إذ إن الفوز على الساحة الدولية يجذب الاستثمارات والرعايات العالمية إلى المنظومات الرياضية الوطنية. ومع تزايد قاعدة المشاركة الشعبية، تُستحدث وظائف جديدة في مجالات التدريب وعلوم الأداء الرياضي والبنية التحتية والسياحة وتنظيم الأحداث والفعاليات.

ووفقًا لتقديرات مؤسسة «سبورت إنجلاند» في المملكة المتحدة فإن كل جنيه إسترليني يُستثمر في الرياضة المجتمعية يُحدث قيمة اقتصادية واجتماعية تتجاوز الأربعة جنيهات.     

ومن جانبه، صرّح جوني يعقوب، الشريك في شركة إستراتيجي أند الشرق الأوسط، قائلاً:« الرياضة قوة موحِّدة تعزّز الاقتصادات وتدعم تماسك المجتمعات. وإن بناء بيئة رياضية عالية الأداء لا يقتصر على حصد الميداليات، بل يزرع مشاعر الفخر والاعتزاز والقدرة على الصمود والانتماء المشترك».

مواصلة بناء الزخم الرياضي الإقليمي

وفي سياق متصل، أوضح التقرير أن استضافة الفعاليات الرياضية الكبرى كانت على مرّ التاريخ دافعًا رئيسًا لارتقاء الدول في أدائها الرياضي، إذ أظهرت النتائج أن الدول المستضيفة للألعاب الأولمبية تحقّق في المتوسط نحو 20 ميدالية أكثر من الدورة السابقة، وغالبًا ما تسجّل أفضل حصيلة لها على الإطلاق. غير أن استدامة هذا النجاح تتطلب رؤية بعيدة المدى تعزّز منظومات تطوير الرياضيين وتحسين التدريب وترسيخ مبادئ الحوكمة.

ويبرز التركيز الاستراتيجي وإصلاح منظومات الحوكمة بوصفهما ركيزتين أساسيتين للتقدّم الرياضي. ففي عام 2019، أنشأت فرنسا وكالة الرياضة الوطنية، مدعومةً باستثمار سنوي يبلغ 125 مليون دولار أمريكي يُخصَّص لدعم نحو 1000 رياضي أولمبي واعد، ما أثمر عن إحراز 64 ميدالية في ألعاب باريس 2024، في أفضل أداء أولمبي حديث تشهده البلاد.

وأشار التقرير إلى بروز منظومات رياضية متكاملة في عدد من الدول العربية تُعنى برعاية الرياضيين منذ المراحل التأسيسية وحتى الاحتراف العالمي. ففي المملكة العربية السعودية، تعمل أكاديمية مهد الرياضية على صقل المواهب الشابة في مختلف الألعاب الأولمبية بالاستفادة من الخبرات العالمية. وفي قطر، تواصل أكاديمية أسباير وبرنامج المدارس الأولمبية الوطني إشراك عشرات الآلاف من الطلبة كل عام في أكثر من 25 رياضة أولمبية، بما يعزّز قاعدة المشاركة المدرسية.

أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فيوفّر برنامج “رياضيي الخدمة الوطنية” فرصة للرياضيين النخبة لمواصلة تدريباتهم وتطوير مهاراتهم الرياضية خلال فترة الخدمة، إلى جانب تمكينهم من المشاركة في مسابقات محددة تسهم في رفع تصنيفهم العالمي، وتؤهلهم للبطولات الدولية الكبرى. وفي مصر، يركّز مشروع الموهبة الحركية لإعداد أبطال أولمبيين على اكتشاف ودعم المواهب الواعدة في رياضات رفع الأثقال والمصارعة والتايكوندو.

وأوضح فينتشينزو موسوميشي، المدير في إستراتيجي أند الشرق الأوسط، أن «المنطقة تمتلك فرصًا كبيرة غير مستثمرة، بفضل مواردها البشرية والطبيعية وإصرارها على تعزيز حضورها في الرياضة العالمية. ويُعدّ الالتزام المتواصل والتنسيق الفعّال بين المؤسسات ركيزتين أساسيتين لتحويل الطموح إلى إنجاز. ومن خلال خارطة طريق شاملة تمتد من القاعدة إلى تطوير المواهب وصولًا إلى الأداء العالي، يمكن ترجمة هذه الإمكانات إلى نجاحات متكرّرة على منصات التتويج العالمية».

خارطة طريق لتحقيق التميّز الرياضي

يضع التقرير تصورًا شاملًا للدول العربية لتعزيز منظوماتها الرياضية وبناء قاعدة مستدامة للنجاح، من خلال ثلاث مراحل أساسية لتطوير الرياضيين والارتقاء بمستواهم.

ففي المرحلة التأسيسية، يوصي التقرير بغرس حب الرياضة لدى الأطفال والناشئين منذ الصغر، وتنمية المهارات الأساسية، وتشجيع الممارسات البدنية لبناء قاعدة واسعة من الناشئين تكون منطلقًا لاكتشاف المواهب المستقبلية. وتؤدي الأندية والمدارس والجامعات والبرامج المجتمعية دورًا محوريًا في هذه المرحلة، إذ يؤكد التقرير أن الاستثمار في النشاط الرياضي والتربية البدنية يحمل فوائد اجتماعية وصحية بالغة الأهمية.

أما في مرحلة صقل المواهب، فيسلّط التقرير الضوء على أهمية اكتشاف الرياضيين الموهوبين مبكرًا وتوفير التدريب والتوجيه والرعاية المناسبة لهم خلال مراحلهم التأسيسية. ومن خلال تطبيق منظومات متكاملة في المدارس والأندية والبرامج الوطنية، تستطيع الدول العربية بناء مسارات رياضية أكثر استدامة، تشجّع الرياضيين على مواصلة رحلتهم، وتخفّف من المخاوف المرتبطة بالمسار المهني الرياضي.

وأخيرًا، في مرحلة التميّز والأداء العالي، يؤكد التقرير على عاملين جوهريين يشكّلان أساس النجاح المستدام في ختام رحلة تطوير المواهب الرياضية، ألا وهي: المشاركة في المنافسات الكبرى، وخصوصًا تلك المقامة محليًا، والاستمرار في دعم البحث العلمي والابتكار في مجالات علوم الرياضة لرفع مستويات الأداء وإطالة مدة مسيرتهم المهنية الرياضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى