التعاون التكنولوجي يعطي دفعة جديدة للتعاون بين الصين والدول العربية

قبل أكثر من ألفي عام، فتح طريق الحرير القديم المجال أمام تبادل السلع الزراعية بين الصين والدول العربية؛ أما اليوم، فإن التبادلات في مجال العلوم والتكنولوجيا الزراعية تعزز بشكل أكبر من التفاعل الصيني العربي، وتضخ حيوية جديدة في تنمية الدول الواقعة ضمن “مبادرة الحزام والطريق”، وتقدم دفعة للتقدم الاجتماعي وتحقيق رفاهية الشعوب.
في عام 2024، وقعت وزارة الزراعة والشؤون الريفية في جمهورية الصين الشعبية مع جامعة الدول العربية “مذكرة تفاهم بشأن التعاون الزراعي”، حيث تهدف إلى تعميق التعاون بين الجانبين في مجالات زراعة المحاصيل، ومكافحة الأوبئة التي تصيب النباتات والحيوانات، وتربية الماشية والدواجن والمنتجات المائية، والتجارة الزراعية.
في السنوات الأخيرة، عززت الصين والدول العربية تبادلاتهما التجارية في المجال الزراعي، ووسّعتا تعاونهما في التكنولوجيا الزراعية، مستفيدتين من آليات مثل القمة الصينية العربية، ومنتدى التعاون الصيني العربي، ومعرض الصين والدول العربية، مما رفع مستوى التعاون الزراعي بين الجانبين إلى آفاق جديدة.
ووفقًا لبيانات وزارة الزراعة والشؤون الريفية الصينية، فقد تجاوز إجمالي حجم التجارة الزراعية بين الصين والدول العربية 5 مليارات دولار أمريكي في عام 2022، أي ضعف ما كان عليه في عام 2016. وقد وقعت الصين حتى الآن وثائق تعاون زراعي مع 11 دولة عربية، وأقامت آليات عمل مشتركة معها.
عملت الصين أيضًا على توسيع وارداتها من السلع غير النفطية من الدول العربية، خاصة واردات المنتجات الزراعية وبدأت مصر في تصدير البرتقال الطازج إلى الصين منذ عام 2015، وقد أصبحت الآن أكبر مصدر للبرتقال الطازج إلى الصين؛ كما زادت كمية وقيمة واردات الصين من التمور من السعودية سنويًا. وفقًا لبيانات الجمارك الصينية ،فإن أكبر موردي التمور للصين هم الإمارات والسعودية وإيران والتي تشكل مجتمعةً 99% من إجمالي الواردات للتمور.
تُعدّ الدول العربية شريكًا مهمًا للصين في التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا الزراعية. وفي السنوات الأخيرة، رسّخت مجموعة من الشركات الصينية وجودها في الدول العربية، وعملت على تعميق التبادلات مع الشركات والمؤسسات المحلية في المجال الزراعي، حيث بدأت تقنيات الزراعة الذكية القادمة من الصين تُطبَّق تدريجيًا في الدول العربية، وتُؤتي ثمارها، مما أوجد زخمًا جديدًا في التعاون الزراعي الصيني العربي.
نجح مركز عرض تقنيات الثروة الحيوانية الذي أنشأته الصين في موريتانيا في زراعة ما يقرب من ألف فدان من الأعلاف، محولًا أرضًا قاحلة إلى واحة خضراء. كما قام المركز بمشاركة تقنيات تحسين التربة والري الموفر للمياه مع الكوادر الفنية الزراعية في موريتانيا والإمارات والسودان، مما ساعد هذه الدول على زراعة الأعلاف في مساحات تجاوزت عشرة آلاف فدان، ليصبح هذا المركز نموذجًا بارزًا للتعاون الزراعي بين الصين والدول العربية.
في عام 2019، قامت جامعة عين شمس في مصر بالتعاون مع جامعة نينغشيا في الصين بإنشاء مختبر للري الذكي الموفر للمياه، حيث تم بناء مركزين للتجارب في مزرعة المركز الوطني للأبحاث ومزرعة صحراوية للبحوث الزراعية في مصر بإجمالي مساحة يبلغ 50 فدانا. ت
تيح هذه المشاريع نظام ري يوفر أكثر من 20٪ من المياه بالمقارنة مع التقنيات المحلية وتقلل التكلفة بنسبة 30٪، مما يساعد في تعزيز قدرة مصر على توفير المياه في الزراعة والغابات ورفع الإنتاجية الزراعية الشاملة. هذا التعاون لا يقتصر فقط على مشاريع البحث المشتركة، بل يشمل أيضًا تبادل الزيارات بين الأساتذة والطلاب لتعزيز تبادل المواهب.
تُعدّ التقنيات الزراعية نموذجًا مصغرًا لتبادل ونقل التكنولوجيا بين الصين والدول العربية. ومنذ تأسيس المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا في عام 2015، تم إنشاء ثمانية مراكز ثنائية لنقل التكنولوجيا بشكل مشترك في دول مثل المملكة العربية السعودية والأردن، حيث ساعدت في دفع تطبيق مجموعة من التقنيات والمعدات المتقدمة والملائمة التي تلبّي احتياجات التنمية المستدامة في الدول العربية واهتماماتها.
وخلال الدورة الخامسة من مؤتمر التعاون في نقل التكنولوجيا والابتكار بين الصين والدول العربية، التي عُقدت في سبتمبر 2023، أعلنت الصين عن 300 تقنية متقدمة وقابلة للتطبيق لصالح الدول العربية، شملت مجالات مثل زراعة المحاصيل، وحماية البيئة الإيكولوجية، واستخدام الموارد والطاقة، والسيطرة على التلوث.
كما قامت الصين بتدريب ما يقرب من عشرة آلاف مسؤول وفني زراعي من الدول العربية، وأنشأت مراكز لعرض التقنيات الزراعية ومختبرات مشتركة في هذه الدول، مما وفّر قاعدة قوية من الكفاءات البشرية لدعم التنمية الزراعية لدى الطرفين.
وفي القمة الصينية العربية الأولى، طرحت الصين “ثمانية إجراءات مشتركة للتعاون العملي” مع الدول العربية، من بينها “العمل المشترك لتحقيق الأمن الغذائي” و”العمل المشترك للابتكار الأخضر”. ومن خلال الدعم التكنولوجي، تعزز الصين والدول العربية التعاون في تطوير الزراعة الحديثة، وخاصة في مجالات الصناعات الزراعية الخاصة بالمناطق الجافة، والتكامل بين الزراعة والصناعة والخدمات، وتقنيات توفير المياه، بما يسهم في دفع تحول منظومة الغذاء العالمية، وتحسين مستوى الأمن الغذائي والتغذية على الصعيد العالمي.
بقلم: بقبل أكثر من ألفي عام، فتح طريق الحرير القديم المجال أمام تبادل السلع الزراعية بين الصين والدول العربية؛ أما اليوم، فإن التبادلات في مجال العلوم والتكنولوجيا الزراعية تعزز بشكل أكبر من التفاعل الصيني العربي، وتضخ حيوية جديدة في تنمية الدول الواقعة ضمن “مبادرة الحزام والطريق”، وتقدم دفعة للتقدم الاجتماعي وتحقيق رفاهية الشعوب.
في عام 2024، وقعت وزارة الزراعة والشؤون الريفية في جمهورية الصين الشعبية مع جامعة الدول العربية “مذكرة تفاهم بشأن التعاون الزراعي”، حيث تهدف إلى تعميق التعاون بين الجانبين في مجالات زراعة المحاصيل، ومكافحة الأوبئة التي تصيب النباتات والحيوانات، وتربية الماشية والدواجن والمنتجات المائية، والتجارة الزراعية.
في السنوات الأخيرة، عززت الصين والدول العربية تبادلاتهما التجارية في المجال الزراعي، ووسّعتا تعاونهما في التكنولوجيا الزراعية، مستفيدتين من آليات مثل القمة الصينية العربية، ومنتدى التعاون الصيني العربي، ومعرض الصين والدول العربية، مما رفع مستوى التعاون الزراعي بين الجانبين إلى آفاق جديدة.
ووفقًا لبيانات وزارة الزراعة والشؤون الريفية الصينية، فقد تجاوز إجمالي حجم التجارة الزراعية بين الصين والدول العربية 5 مليارات دولار أمريكي في عام 2022، أي ضعف ما كان عليه في عام 2016. وقد وقعت الصين حتى الآن وثائق تعاون زراعي مع 11 دولة عربية، وأقامت آليات عمل مشتركة معها.
عملت الصين أيضًا على توسيع وارداتها من السلع غير النفطية من الدول العربية، خاصة واردات المنتجات الزراعية وبدأت مصر في تصدير البرتقال الطازج إلى الصين منذ عام 2015، وقد أصبحت الآن أكبر مصدر للبرتقال الطازج إلى الصين؛ كما زادت كمية وقيمة واردات الصين من التمور من السعودية سنويًا. وفقًا لبيانات الجمارك الصينية ،فإن أكبر موردي التمور للصين هم الإمارات والسعودية وإيران والتي تشكل مجتمعةً 99% من إجمالي الواردات للتمور.
تُعدّ الدول العربية شريكًا مهمًا للصين في التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا الزراعية. وفي السنوات الأخيرة، رسّخت مجموعة من الشركات الصينية وجودها في الدول العربية، وعملت على تعميق التبادلات مع الشركات والمؤسسات المحلية في المجال الزراعي، حيث بدأت تقنيات الزراعة الذكية القادمة من الصين تُطبَّق تدريجيًا في الدول العربية، وتُؤتي ثمارها، مما أوجد زخمًا جديدًا في التعاون الزراعي الصيني العربي.
نجح مركز عرض تقنيات الثروة الحيوانية الذي أنشأته الصين في موريتانيا في زراعة ما يقرب من ألف فدان من الأعلاف، محولًا أرضًا قاحلة إلى واحة خضراء. كما قام المركز بمشاركة تقنيات تحسين التربة والري الموفر للمياه مع الكوادر الفنية الزراعية في موريتانيا والإمارات والسودان، مما ساعد هذه الدول على زراعة الأعلاف في مساحات تجاوزت عشرة آلاف فدان، ليصبح هذا المركز نموذجًا بارزًا للتعاون الزراعي بين الصين والدول العربية.
في عام 2019، قامت جامعة عين شمس في مصر بالتعاون مع جامعة نينغشيا في الصين بإنشاء مختبر للري الذكي الموفر للمياه، حيث تم بناء مركزين للتجارب في مزرعة المركز الوطني للأبحاث ومزرعة صحراوية للبحوث الزراعية في مصر بإجمالي مساحة يبلغ 50 فدانا.
تتيح هذه المشاريع نظام ري يوفر أكثر من 20٪ من المياه بالمقارنة مع التقنيات المحلية وتقلل التكلفة بنسبة 30٪، مما يساعد في تعزيز قدرة مصر على توفير المياه في الزراعة والغابات ورفع الإنتاجية الزراعية الشاملة. هذا التعاون لا يقتصر فقط على مشاريع البحث المشتركة، بل يشمل أيضًا تبادل الزيارات بين الأساتذة والطلاب لتعزيز تبادل المواهب.
تُعدّ التقنيات الزراعية نموذجًا مصغرًا لتبادل ونقل التكنولوجيا بين الصين والدول العربية. ومنذ تأسيس المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا في عام 2015، تم إنشاء ثمانية مراكز ثنائية لنقل التكنولوجيا بشكل مشترك في دول مثل المملكة العربية السعودية والأردن، حيث ساعدت في دفع تطبيق مجموعة من التقنيات والمعدات المتقدمة والملائمة التي تلبّي احتياجات التنمية المستدامة في الدول العربية واهتماماتها.
وخلال الدورة الخامسة من مؤتمر التعاون في نقل التكنولوجيا والابتكار بين الصين والدول العربية، التي عُقدت في سبتمبر 2023، أعلنت الصين عن 300 تقنية متقدمة وقابلة للتطبيق لصالح الدول العربية، شملت مجالات مثل زراعة المحاصيل، وحماية البيئة الإيكولوجية، واستخدام الموارد والطاقة، والسيطرة على التلوث.
كما قامت الصين بتدريب ما يقرب من عشرة آلاف مسؤول وفني زراعي من الدول العربية، وأنشأت مراكز لعرض التقنيات الزراعية ومختبرات مشتركة في هذه الدول، مما وفّر قاعدة قوية من الكفاءات البشرية لدعم التنمية الزراعية لدى الطرفين.
وفي القمة الصينية العربية الأولى، طرحت الصين “ثمانية إجراءات مشتركة للتعاون العملي” مع الدول العربية، من بينها “العمل المشترك لتحقيق الأمن الغذائي” و”العمل المشترك للابتكار الأخضر”.
ومن خلال الدعم التكنولوجي، تعزز الصين والدول العربية التعاون في تطوير الزراعة الحديثة، وخاصة في مجالات الصناعات الزراعية الخاصة بالمناطق الجافة، والتكامل بين الزراعة والصناعة والخدمات، وتقنيات توفير المياه، بما يسهم في دفع تحول منظومة الغذاء العالمية، وتحسين مستوى الأمن الغذائي والتغذية على الصعيد العالمي.
بقلم: باي يوي إعلامي صيني