انقطاع التواصل بعد التقدُّم لوظيفة؟ إليك السبب!
النسبة لمعظم الباحثين عن عمل في منطقة الشرق الأوسط، أصبحت مشكلة توقّف التواصل بعد تقديم طلب الترشّح للوظيفة مشكلة شائعة جدًا. فبعد أن يستثمر المرشّحون الكثير من الوقت والجهد لابتكار سيرة ذاتية خاصّة وكتابة خطاب تقديم مفصَّل، تبدأ حينها المعاناة في تلقّي الإجابات من الشركات الموظِّفة.
وعدم الإجابة ليست مسألة لوجستية فقط، بل لها الكثير من العواقب العاطفية والمهنية على حد سواء، إذ إنها تشعر الباحثين عن عمل في المنطقة بانعدام القيمة والانفصال عن واقعهم المهني الحقيقي.
الجدير ذكره أن سوق العمل في الشرق الأوسط قد شهد نموًا كبيرًا على مدى العقدين الماضيين من الزمن، حيث أصبحت بعض الدول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مراكز دولية للمهنيين المحترفين الساعين وراء فرص جديدة.
لكن واقع انقطاع التواصل بعد التقدُّم بطلب العمل مماثل هنا لما هو على الصعيد الدولي. وهذا التحدّي يسلّط الضوء على أهمّية المنصّات البارزة التي تمنح الأولوية للتواصل الشفّاف والمساعَدة بردم الهوّة بين الباحثين عن عمل والشركات العارضة للوظائف، مما يضمن إجراءات توظيف أكثر تفاعلًا واستجابة.
الأثر العاطفي على الباحثين عن وظيفة
إن انعدام التواصل المناسب ليس مجرّد مسألة إدارية، بل له تأثيرات عميقة على المتقدِّمين للوظيفة. فبالنسبة لهؤلاء، التقدُّم لعمل لا يتمحور فقط حول تقديم مستنَد معيَّن، بل إنه يمثّل التطلّعات والآمال وأحيانًا كثيرة ساعات من التحضير. وفترة الصمت التي تعقب هذا تقود للتشكيك بالقدرات الذاتية والقلق.
منصف خوشان، أحد سكّان دولة الإمارات العربية المتحدة الباحثين عن عمل، عللّق على التجربة قائلًا: “إني أقدّم طلبات للعديد من الوظائف ولم أتلقّ أي معلومة للآن. وهذا جعلني أتساءل إن كانت مؤهّلاتي غير مناسبة. علاوة على هذا، يؤسفني عدم رغبة الأقسام التشغيلية في العديد من المجالات توفير الفرص العادلة في المقابَلات للمحترفين الشباب من أصحاب الخبرات المحدودة في قطاع معيَّن والذين يبحثون عن مجال للتغيير في مسيرتهم المهنية.
هذا الأمر يبدو وكأن هناك خط عريض فاصل بحيث لا يُسمَح للشخص بتغيير عمله.” ونذكر أن هذه التجارب لا تحتكر على أفراد معينين. ففي مختلف أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، يعبّر الباحثون عن عمل عن إحباطهم جرّاء إجراءات التوظيف الطويلة وغير الشفّافة والأثر العاطفي بسبب انتظار الإجابة التي قد لا تأتي أبدًا.
إرشادات سريعة للاحترافية والإجابات الاستراتيجية
إن إنشاء طلب قوي يبدأ بتخصيص السيرة الذاتية وفقًا للوظيفة المحدَّدة التي تتقدّم لها، مع تسليط الضوء على أبرز المهارات والخبرات الرئيسية التي تتوافق مع الدور المطلوب. وبعض المنصّات مثل “بيت.كوم” توفر أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي للمساعَدة بابتكار السيرة الذاتية التي تزيد من فرص الإدراج ضمن القائمة المختصَرة للمرشَّحين.
كما إن الانتباه للتفاصيل مهم جدًا – مع اتباع كل تعليمات الطلب بعناية، بما في ذلك إرفاق المستنَدات المطلوبة واتباع النماذج المحدَّدة والتي تُعدّ عناصر مهمّة للساعين وراء النتائج المرجوّة. كما إن المعلومات الواضحة والاحترافية لحسابات التواصل الاجتماعي مهمّة بالقدر ذاته، إذ تقوم الجهات الموظِّفة عادة بمراجَعة حضور المرشَّح على الإنترنت. من جهة أخرى، فإن الاحترافية في المقابَلات ضرورية جدًا لترك انطباع إيجابي.
وبالتالي، يجب تفادي قول عبارات مثل “لا أعلم”، “هل أستطيع الإجابة على هذه المكالَمة؟” أو “سأقوم بأي شيء”، مع الحرص على الاستعداد لمناقَشة المواضيع المتعلّقة بالشركة والدور الوظيفي بالتفصيل.
ويجب التعامل مع الأسئلة العامّة في المقابَلات بطريقة استراتيجية: فعند السؤال للتحدّث عن نفسك، قم بتسليط الضوء على خلفيتك الاحترافية، والإنجازات الأساسية، وكيف تتوافق خبراتك مع الوظيفة. وبالنسبة للسؤال “لما علينا توظيفك؟”، عليك التركيز على استعراض مهاراتك وشرح كيف يُمكِن أن تُضفي المزيد من القيمة للشركة.
وأثناء مناقَشة التحدّيات، اعتمد مفهوم STAR (الحالة Situation، المهمّة Task، العمل Action، النتيجة Result) لتبيان قدراتك في حل المشاكل بشكل واضح.
إلى جانب هذا، قم بالتشديد على القوى الملائمة للوظيفة مع إعطاء بعض الأمثلة لدعم هذا الشيء. وأخيرًا، عبّر عن الاهتمام الحقيقي عبر تحضير أسئلة مختارة بعناية فيما يتعلّق بثقافة الشركة، الفريق، أو الدور، واطرح هذه الأسئلة أثناء المقابَلة.
إن تخصيص سيرتك الذاتية لأجل نظام تتبّع المتقدِّمين لوظيفة (ATS)، والذي هو عبارة عن برنامج يستخدمه الموظِّفون لتنقيح وتصنيف المرشَّحين، يُعتبَر خطوة هامّة كي تضمن أن يحظى طلبك بالاهتمام.
وهذا الأمر يشمل تطابق سيرتك الذاتية مع وصف الوظيفة، وتفادي الأخطاء الإملائية، وتقديم طلبات جيدة التحضير. وإضافة لتعزيز التطابق مع نظام ATS، فإن العلاقات الفعّالة عبر المنصّات الملائمة يُمكِن أن تعزّز أكثر عملية بحثك الوظيفي من خلال ربطك مع بعض أبرز الأخصّائيين في قطاعات العمل.
كما إن المتابَعة الاحترافية بعد تقديم الطلبات والحفاظ على نهج ملائم وثابت خلال العملية قد يُحدِث فرقًا كبيرًا. وعبر الجمع بين الاستراتيجيات المرتكزة على التقنيات مع العلاقات النشطة والمثابَرة الدائمة، يستطيع الباحثون عن عمل تحسين فرصهم بشكل كبير للحصول على العمل المرغوب به.
لماذا لا يعاود الموظِّفون التواصل
وفقاً لدراسة حديثة أجراها “بيت.كوم”، فإن حجم الطلبات قد يكون هائلًا بالنسبة للعديد من الشركات، وبالأخص في الاقتصادات عالية النمو مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
فعرض عمل واحد قد يستقطب مئات أو حتى آلاف المرشَّحين، وبالأخص للأدوار في قطاعات تلقى الكثير من الإقبال مثل التكنولوجيا والشؤون المالية والإنشاءات والعمل المؤسَّسي والاتصالات التسويقية. وهذا الحجم الكبير يفرض تحدّيات على الجهات الموظِّفة كي تعاود الاتصال بكل شخص تقدَّم بطلب.
إضافة لهذا، فإن بعض الشركات ليس لديها عمليات توظيف منظَّمة أو تقنيات لازمة تتيح التواصل الشفّاف. وبينما ساهمت عمليات التشغيل الآلي بتسهيل الكثير من مهام التوظيف، إلا إن اتباع المنهج الشخصي والإجابة المباشرة عبر التواصل مع المرشَّحين يبقى قليل الاستخدام في المنطقة.
لكن بعض المنصّات مثل “بيت.كوم” تتعامل بكفاءة في ردم هذه الهوّة عبر إطلاع الباحثين عن عمل على آخر المستجدّات خلال مرحلة تقدّمهم بالطلبات.
تعليقًا على هذا الموضوع، قال فيليب ريدو، مدير فرع الدولة لدى “مان باور غروب الشرق الأوسط”: “يواجه الموظِّفون تحدّيات بسبب عدم التطابق المتزايد بين الكفاءات التي يحتاجونها والطلبات التي يتلقّونها.
فالكثير من الطلبات لا تتوافق مع المتطلّبات المحدَّدة للدور الوظيفي، مما يصعّب الاستجابة في الوقت المحدَّد في ظل منح الأولوية للكفاءة التشغيلية. وردم هذه الهوّة يتطلّب الانتقال إلى عمليات توظيف أذكى وتفعيل التواصل الواضح مع المرشَّحين.”
الأثر على الجهات الموظِّفة
لا يتحمّل المرشَّحون وحدهم تكلفة هذا الصمت – بل إنه يؤثّر على الجهات الموظِّفة أيضًا. فممارَسات التوظيف التي تتميّز بعدم الرد قد تؤثّر سلبًا بسمعة الشركة، وبالأخصّ في عالم اليوم المتصل حيث المراجَعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصّات العمل تؤثّر بالعلامة التجارية للشركات الموظِّفة. فالشركات التي تخفق في التفاعل مع المتقدِّمين للوظائف تخاطر بأن يُنظَر إليها كغير معنية أو غير منظَّمة، وهو ما قد يُبعِد المهارات البارزة من التقدُّم إليها مستقبَلًا.
ردم الهوّة: دور التكنولوجيا
إن الصمت الذي يلحق عادة الطلبات الوظيفية يُمكِن أن يبدو كعائق بالنسبة للعديد من المرشَّحين، لكن التكنولوجيا توفر سبلًا أفضل للمضي للأمام.
فبعض الأدوات مثل نظام تتبّع الطلبات والإشعارات في الوقت الفعلي، مثل تلك التي يستخدمها موقع “بيت.كوم”، تساهم بتحويل عملية التوظيف، وهي تمنح الباحثين عن عمل بعض الرؤية والوضوح التي يحتاجونها بشكل كبير. وهذه الابتكارات تتعامل مع الإحباط جرّاء عدم الوضوح وذلك عبر إبقاء المرشَّحين على اطلاع حول الحالة في كل مرحلة.
وعلى سبيل المثال، بإمكان التحديثات التلقائية إخطار المتقدّمين للوظائف عند استلام طلباتهم، وبعد إدراجها ضمن القوائم المختصَرة، أو عندما يتم تحديد موعد لمقابَلة. وهذا المستوى من الشفافية لا يقلّل فقط العبء العاطفي بسبب عدم الوضوح، بل أيضاً يساعد المرشَّحين في الحفاظ على التفاعل والتفاؤل خلال مرحلة البحث عن وظيفة.
وبالنسبة للجهات الموظِّفة، فإن أدوات التصنيف تسهّل عملية فرز الطلبات، وتتيح التعريف السريع للمرشَّحين المناسبين وتقلّل فترات التوظيف. وعبر تبنّي هذه التقنيات، يستطيع الموظِّفون تعزيز مستويات الثقة وتحسين تجربة المرشَّحين، وبالتالي بناء علاقات وروابط أقوى مع المهارات البارزة.
المضي قُدُماً
إن فترة الصمت التي تعقب التقدّم بطلب لوظيفة تُعدّ أكثر من غير ملائمة – فهي تشكّل فرصة مفقودة بالنسبة للباحثين عن عمل وأصحاب العمل على حدّ سواء. فبالنسبة للمرشَّحين، يُمكِن للتواصل الشفّاف أن يكون العنصر الفارق بين المثابَرة وعدم التفاعل. أما بالنسبة للجهات الموظِّفة، فإنها فرصة لبناء الثقة، وتعزيز مكانة العلامة التجارية، واستقطاب أفضل المهارات.
وعبر تبنّي إجراءات توظيف شفّافة والاستفادة من التقنيات المتاحة، تستطيع الشركات في الشرق الأوسط تعزيز الروابط القوية بين المهارات الملائمة والفرص المتوفرة. ومع مضي المنطقة في مسيرة النمو الاقتصادي السريع، تبرز أهمية التأكّد من شعور الباحثين عن عمل بالقيمة والدعم، وهذا ليس أمراً مكمِّلاً للعمل، بل هو ضروري بالفعل.
ضمن هذا السياق، تؤكّد منصّات البحث عن وظائف مثل “بيت.كوم” على التزامها المستمر بالتعامل بكفاءة مع هذه المسألة، والمساعَدة بابتكار سوق وظائف يتم فيه استبدال الصمت وعدم الرد بالتواصل الفعّال والوضوح الكامل.