التعاون الصناعي والاستثماري بين الصين والسعودية يشهد تطورا مطردا
بقلم: باي يوي وجيه إعلامي صيني
في السنوات الأخيرة، كثّفت مؤسسات سعودية مثل شركة أرامكو وصندوق الاستثمارات العامة من توسعها في الصين، مستخدمةً استثمارات مالية كبيرة لتُعبر عن ثقتها في التنمية الاقتصادية للصين. وفي الوقت ذاته، تسارعت وتيرة دخول الشركات الصينية إلى السوق السعودية، مما عزز التعاون المربح للطرفين بشكل متواصل.
تعزيز الاستثمارات الصناعية في الصين
بدأت أعمال بناء المرحلة الثانية من مشروع قولي المتكامل للتكرير والبتروكيماويات في السنة الماضية في مجمع قولي للبتروكيماويات بمدينة تشانغتشو في مقاطعة فوجيان جنوب شرقي الصين. وتتعاون شركة “سينوبك” وشركة فوجيان المحدودة للبتروكيماويات وشركة أرامكو في بناء المشروع المذكور، وعلى بعد حوالي كيلومترين فقط، يقترب مشروع الإيثيلين المشترك بين شركة سابك السعودية والصين في قولي من مرحلة تركيب المعدات. وتبلغ القيمة الإجمالية للاستثمار في المشروعين 71.1 مليار يوان و44.8 مليار يوان على التوالي، حيث يهدف المشروعان إلى تحويل النفط الخام إلى منتجات بتروكيماوية وزيادة القيمة المضافة لهذه المنتجات.
وأعلنت شركة سابك توقيع اتفاقية استثمار تخطط من خلالها لبناء مصنع لإنتاج سبائك البلاستيك الهندسي الحراري في قولي. ويُعد هذا المصنع محطة جديدة ومهمة في تطور أعمال سابك في الصين.
ودخل مشروع المواد الكيميائية الدقيقة وهندسة المواد الخام “هواجين-أرامكو”، وهو مشروع ذو أولوية للتعاون الصيني-السعودي في مجال الطاقة ترعاه قيادتا البلدين ويهدف إلى بناء قاعدة للبتروكيماويات وصناعة الكيماويات الدقيقة على مستوى العالم في مقاطعة لياونينغ بشمال شرقي الصين، دخل مؤخراً مرحلة البناء المكثف، وهو مشروع عملاق آخر تشارك فيه أرامكو السعودية. وتبلغ القيمة الإجمالية للاستثمار في هذا المشروع 83.7 مليار يوان، ومن المقرر أن يصبح بعد اكتماله قاعدة عالمية المستوى للبتروكيماويات والمواد الكيميائية الدقيقة.
وباعتبارها واحدة من أكثر الشركات الأجنبية استثمارًا في الصين، تواصل أرامكو السعودية توسيع سلسلة صناعاتها من خلال الاستثمار في شركات صينية مثل رونغشنغ للبتروكيماويات وغيرها.
في أكتوبر 2024، أعلنت الشركة “أكوا باور” السعودية للطاقة عن خطتها لإنشاء مركز ابتكار عالمي في مدينة شانغهاي. سيعمل المركز على تطوير التقنيات والمنتجات الجديدة في مجالات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وطاقة الرياح، وتخزين الطاقة، والهيدروجين الأخضر، وتحلية مياه البحر.
وفي عام 2024، قامت 22 بعثة حكومية سعودية بزيارة مقاطعة قوانغدونغ الصينية. وخلال هذه الزيارات، وقعت السعودية وقوانغدونغ عددًا كبيرًا من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم في العديد من المجالات. ويعد ذلك مثالًا حيًا على جهود البلدين لبناء مستقبل مزدهر ومستدام.
الصناديق السيادية تُفضِّل الأصول الصينية
إلى جانب زيادة الشركات السعودية لاستثماراتها، ينشط صندوق الثروة السيادي السعودي أيضًا في الأسواق الأولية والثانوية في الصين، متطلعًا إلى قطاعات تتجاوز مجال البتروكيماويات.
في مايو 2024، حصلت مجموعة “لينوفو” على استثمار استراتيجي بقيمة 2 مليار دولار أمريكي من إحدى الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي. كما تعاون صندوق الاستثمارات العامة مع منطقة فوتيان بمدينة شنتشن لتأسيس شركة “بلو أوشن تايكو (شنتشن) لإدارة صناديق الأسهم الخاصة المحدودة”، والتي بلغت قيمة صندوقها الأول أكثر من 1 مليار دولار أمريكي.
حتى هذا العام، بلغت قيمة استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في الصين 22 مليار دولار أمريكي، مع تركيز كبير على مجالات التنمية المستدامة، والتكنولوجيا، والسيارات، والرعاية الصحية.
الشركات الصينية تدخل السوق السعودية لتحقيق التعاون والمنفعة المتبادلة
نجحت مجموعة الصين للطاقة في ربط أكبر محطة كهروضوئية أحادية الكتلة في العالم بالشبكة الكهربائية في السعودية، وهو مشروع تقوم المجموعة بتنفيذه في المملكة. وفي الوقت نفسه، تشارك شركة “لونجي جرين إنرجي” في بناء عدة محطات للطاقة الكهروضوئية في مشاريع مدينة البحر الأحمر و”نيوم” في السعودية. كما دخلت شركات صينية رائدة في صناعة السيارات الجديدة للطاقة، مثل “بي واي دي” و”نيو”، السوق السعودية.
علاوة على ذلك، تم إدراج منتجات صناديق المؤشرات المتداولة (ETF) التي تستثمر في أسواق رأس المال الصينية والسعودية في بورصات الأوراق المالية للطرفين، مما يعكس تقدمًا جديدًا في الترابط المالي بين البلدين.
وفي تقرير صادر عن شركة “إرنست آند يونغ” (EY) في نهاية العام الماضي بعنوان “طريق تجاري يمتد لآلاف السنين: منظور جديد للاستثمار العربي“، أشار التقرير إلى أن نمو الاستثمار المباشر من الصين في الدول العربية خلال عام 2023 تجاوز بكثير معدل نمو الاستثمار المباشر الخارجي للصين ككل. مما يدل على جاذبية الدول العربية المتزايدة للشركات الصينية.
يُبرز تعمق التعاون بين الصين والسعودية في مجالي الصناعة والاستثمار، تجسيدا السعي المشترك بين الصين والدول العربية لتحقيق تنمية عالية الجودة من خلال مبادرة “الحزام والطريق”. ومن المحتم أن تسهم هذه الجهود في ضخ زخم أقوى للتعاون متبادل المنفعة بين الصين والدول العربية.
وبالمثل اقرا ايضا تسريع التعاون “الصيني” “العربي” بناء مجتمع مصير مشترك على مستوى أعلى