1.7 تريليون ريال مساهمة القطاع الخاص السعودي في الناتج الإجمالي لمحلي
تشير التوقعات الأخيرة إلى أن الاستثمار المحلي في السعودية سيشهد نمواً يصل إلى 8.8% بفضل قانون التسجيل التجاري الجديد، الذي سيساهم في تغيير بيئة الأعمال في المملكة.
وفقاً لتقرير من مركز الدراسات الاقتصادية في اتحاد غرف التجارة السعودية، يمر القطاع الخاص السعودي بفترة ازدهار، حيث تسجل مساهمته 1.7 تريليون ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى وجود 1.5 مليون سجل تجاري نشط.
وفقا لوسائل إعلام سعودية، أشار التقرير إلى خطوات كبيرة في مجال التوطين، والتي تبلغ حاليا 28%، والدور المتزايد للمرأة في القوى العاملة، حيث وصلت معدلات المشاركة إلى 35.4%.
في صميم هذا التقدم توجد مجموعة من الإصلاحات التي أقرها قانون التسجيل التجاري الجديد. تتضمن التغييرات الرئيسية إلغاء السجلات الفرعية للمؤسسات، مما يتيح للشركات العمل على مستوى وطني من خلال سجل واحد.
يمكن الآن لرواد الأعمال تأسيس مؤسسة واحدة قادرة على إدارة أنشطة تجارية متعددة، بعد إلغاء شرط التسجيل الخاص بالمدينة، مما يسهل على الشركات التوسع بحرية في جميع أنحاء المملكة.
يسلط التقرير الضوء على الفوائد الملموسة المتوقعة من هذه الإصلاحات، حيث يُتوقع أن توفر الشركات ما بين 80 مليون ريال سعودي إلى 110 ملايين ريال سعودي سنويًا نتيجة لإلغاء السجلات الفرعية.
من المتوقع أن يسهم هذا الدعم المالي في تحفيز نمو الاستثمار، مع توقع ارتفاع الاستثمارات المحلية بنسبة تتراوح بين 7.4% و8.8%.
علاوة على ذلك، يُتوقع أن يرتفع عدد فروع المؤسسات الاقتصادية بنسبة تتراوح بين 3.8% و5.3%، مما يعكس قدرة الإصلاحات على تعزيز التوسع والابتكار.
من الجدير بالذكر أن الأنشطة غير النفطية حققت مستوى تاريخياً في عام 2023، حيث بلغت قيمتها 1.7 تريليون ريال، مما ساهم بنسبة 50% من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي. كما ساهمت زيادة مشاركة القطاع الخاص والنمو المستمر في مجموعة من القطاعات الواعدة في تقليل تأثير تقلبات أسواق النفط على الاقتصاد المحلي.
معدلات نمو إيجابية
وبناءً عليه، من المتوقع أن يستمر الاقتصاد السعودي في تحقيق معدلات نمو إيجابية خلال عام 2024 وما بعده، مدعوماً بالاستهلاك والاستثمار الخاص، مع استمرار الإصلاحات الهيكلية التي تشمل تنويع الاقتصاد، وتعزيز الخصخصة، وتحسين بيئة العمل، وتمكين المرأة والشباب، وإصلاح سوق العمل، بهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستراتيجيات القطاعية والمناطقية المستندة إلى رؤية السعودية 2030 تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من المتوقع أن ينمو بنسبة 0.8% في عام 2024، مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية التي يُتوقع أن تسجل نمواً بنحو 3.7%.
نمو الاستهلاك
تشير البيانات إلى استمرار نمو الاستهلاك الخاص في النصف الثاني من عام 2024، حيث سجل نمواً بمعدل 2.4% في النصف الأول من العام، مدفوعاً بنشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق. وقد ساهمت تسهيلات إجراءات تأشيرات زيارة المملكة وتوسيع الفئات المؤهلة للحصول عليها في زيادة أعداد زوار الفعاليات الترفيهية والثقافية والمواقع السياحية.
وقد بلغ عدد السياح في المملكة حوالي 60 مليون سائح في النصف الأول من عام 2024، بزيادة نسبتها 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. كما بلغ إجمالي إنفاقهم نحو 150 مليار ريال، وفقاً لبيانات وزارة السياحة، مما يعزز من مساهمة القطاع السياحي في الاقتصاد الوطني. وتستمر الجهود المبذولة لتعزيز هذا القطاع وجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
من المتوقع أن تستمر مساهمة نشاط الصناعات التحويلية في الأنشطة غير النفطية، مدعومة بزيادة عدد المصانع التي بدأت الإنتاج منذ بداية العام وحتى نهاية شهر أبريل 2024، حيث بلغ عددها حوالي 308 مصانع بإجمالي استثمارات قدرها 5.7 مليارات ريال. كما شهدت الفترة نفسها زيادة في عدد التراخيص الجديدة بحوالي 410 تراخيص. وقد انعكس ذلك بشكل إيجابي على نمو الصادرات السلعية غير النفطية خلال النصف الأول من العام الحالي، حيث سجلت نمواً بمعدل 7.5% مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق.
أما بالنسبة للتضخم، فقد سجل متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفاعاً بنسبة 1.6% منذ بداية العام وحتى شهر أغسطس 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتشير التوقعات الأولية إلى أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك لعام 2024 سيصل إلى حوالي 1.7%. وقد حافظت المملكة على مستويات مقبولة نسبياً مقارنة بالتضخم العالمي، بفضل التحسن المستمر في الظروف الاقتصادية، بالإضافة إلى التدابير الاستباقية والسياسات التي تم اتخاذها.
مؤشرات سوق العمل
لقد انعكس الأداء الإيجابي الذي شهده الاقتصاد المحلي من خلال الأنشطة غير النفطية على مؤشرات سوق العمل. حيث أظهرت بيانات مسح القوى العاملة الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء تراجع معدل البطالة الإجمالي إلى 3.3% بنهاية الربع الثاني من عام 2024، مقارنة بنحو 4.1% في نفس الفترة من العام السابق.
كما انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي له، ليصل إلى 7.1% في الربع الثاني من عام 2024، مقابل 8.5% في الفترة المماثلة من العام السابق. ويعود ذلك إلى الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة، والتي أسهمت في وضع المحفزات والفرص لتشجيع قطاع الأعمال، بالإضافة إلى تمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل من خلال إتاحة أنماط العمل الجديدة مثل: العمل المرن والعمل عن بُعد، مما ساهم في تقليل نسب البطالة بين السعوديين.
شهدت السنوات الأخيرة زيادة مستمرة في معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل، حيث بلغ المعدل 35.4% في الربع الثاني من عام 2024، مقارنة بنحو 19.3% في الربع الرابع من عام 2016. يعكس هذا التقدم الجهود المبذولة خلال الفترة الماضية لتمكين المرأة وتعزيز دورها القيادي في الاقتصاد السعودي. كما ساهمت مبادرات وبرامج وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في إزالة العقبات التي تواجه المرأة في سوق العمل.
أما بالنسبة لنمو أعداد العاملين، فتشير بيانات إحصاءات السجلات الإدارية إلى زيادة عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص بنسبة 4.1%، أي حوالي 92 ألف عامل، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ليصل الإجمالي إلى 2.318 مليون موظف وموظفة في القطاع الخاص. وقد جاء هذا النمو نتيجة للعديد من الإصلاحات الاقتصادية والمبادرات التي أدت إلى خلق فرص عمل جديدة في قطاعات متنوعة مثل السياحة والترفيه والتكنولوجيا الرقمية.
وتأتـي التوقعـات الإيجابية للاقتصاد السـعودي للعـام 2025 م امتداداً للتطورات الإيجابية خلال العـام 2024م، ويتوقـع فـي عـام 2025م أن يسـتمر الأداء الإيجابي للناتـج المحلـي الحقيقـي، حيـث تشـير التقديـرات الأولية إلـى أنـه سـيحقق نمـواً بنسـبة 4.6 %، مدفوعـاً بشـكل رئيـس بنمـو الأنشطة غيـر النفطيـة، وهـذه التوقعـات الإيجابية تعكـس التـزام المملكـة بتنفيـذ إسـتراتيجياتها الطموحـة، وتحقيـق التنميـة المسـتدامة؛ ممـا يزيـد ثقـة المسـتثمرين، ويعـزز مكانـة الاقتصاد السـعودي علـى الصعيديـن الإقليمي والدولـي.