“مذبحة اقتصادية”… تحذيرات من فشل قادة مجموعة العشرين في تمويل المناخ
حذرت الأمم المتحدة من أن قادة أكبر اقتصادات العالم، المجتمعين في ريو دي جانيرو ، يواجهون مسؤولية كبرى لإيجاد اتفاق بشأن تمويل المناخ لصالح الدول الفقيرة. وأكدت المنظمة الدولية أن أي فشل في هذا السياق قد يؤدي إلى “مذبحة اقتصادية” نتيجة تفاقم آثار تغير المناخ.
دعا سيمون ستيل، رئيس شؤون المناخ في الأمم المتحدة، قادة مجموعة الـ20 إلى تجاوز حالة الجمود الحالية. وأكد أن مجموعة الـ20 تأسست لمواجهة التحديات التي لا يمكن لأي دولة أو مجموعة دول التعامل معها بمفردها، مشدداً على ضرورة أن تكون أزمة المناخ العالمية في مقدمة أولويات جدول الأعمال في ريو.
وحذر ستيل من أن تأثيرات المناخ تؤثر بالفعل على اقتصادات جميع دول مجموعة الـ20، مما يؤدي إلى تدمير حياة الناس، وتعطيل سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الغذاء، وزيادة التضخم. وأوضح أن اتخاذ إجراءات أكثر جرأة بشأن المناخ يعد مسألة بقاء حيوية لكل اقتصاد في المجموعة، مشيراً إلى أنه بدون خفض سريع للانبعاثات، لن يتمكن أي اقتصاد من النجاة من الكارثة الاقتصادية الناجمة عن تغير المناخ.
كما أشار إلى أهمية مناقشة تخفيف أعباء الديون، حيث تواجه العديد من الدول الفقيرة صعوبات في اتخاذ تدابير لحماية نفسها من تداعيات أزمة المناخ، في الوقت الذي تعاني فيه بالفعل من ارتفاع تكاليف خدمة الديون بسبب زيادة أسعار الفائدة. وأضاف ستيل أنه في ظل الأوقات المضطربة والعالم المتفكك، يجب على قادة مجموعة الـ20 أن يبعثوا برسالة واضحة وصريحة بأن التعاون الدولي لا يزال ضرورياً.
تسعى الدول الفقيرة إلى تحقيق تسوية مالية عالمية خلال قمة “كوب 29” تصل إلى تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030. ويعتبر هذا الرقم مقبولاً على نطاق واسع استناداً إلى أبحاث أجراها اقتصاديون بارزون مثل نيكولاس سترن وفيرا سونغوي وأمار باتاتشاريا. وقد أظهرت دراساتهم أن الدول النامية، باستثناء الصين، تحتاج إلى حوالي 2.4 تريليون دولار سنوياً لتلبية متطلبات اتفاق باريس للمناخ، لكن يمكن تأمين معظم هذا المبلغ من خلال الميزانيات المحلية.
وجهت مجموعة من الشخصيات العالمية البارزة في مجال المناخ رسالة إلى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، تطالب بوضع ضوابط تضمن أن تُعقد قمم “كوب” المستقبلية فقط في الدول التي لديها التزامات قوية تجاه العمل المناخي.
هذا العام، يوجد ما لا يقل عن 1773 من لوبيات الوقود الأحفوري بين أكثر من 60 ألف مندوب، وهو عدد يتجاوز مجموع وفود أكثر من 10 دول معرضة للخطر. ستُعقد قمة “كوب 30” العام المقبل في البرازيل، التي تستضيف أيضاً قمة مجموعة الـ20 هذا العام. ومن المتوقع أن يدفع رئيس البلاد، لولا دا سيلفا، قادة مجموعة الـ20 في ريو للتوصل إلى اتفاق ليس فقط بشأن تمويل المناخ للدول الفقيرة، ولكن أيضاً حول أهداف انبعاثات أكثر صرامة لاقتصاداتهم، والتي يجب تحقيقها بحلول فبراير 2025، وفقاً لقواعد الأمم المتحدة. وستكون النتيجة الرئيسية لقمة “كوب 30” في نوفمبر الجاري.
ستنتهي محادثات قمة “كوب 29” رسميًا ، لكن من المتوقع أن تستمر حتى عطلة نهاية الأسبوع المقبلة. ورغم أن التقدم خلال الأسبوع الماضي كان بطيئًا، إلا أن الوفود دعمت الرئاسة الأذرية بشكل عام. وأشار العديد من المتحدثين إلى صحيفة “الأوبزرفر” إلى أن قمم “كوب” السابقة واجهت مشكلات مشابهة في النصف الأول.
لم يحضر سوى عدد قليل من قادة مجموعة العشرين قمة المناخ في باكو، ومن بينهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بينما اكتفى معظم القادة بإرسال وزراء أو مسؤولين كبار.
من جهتها، أعلنت بريطانيا عن هدفها الجديد المتمثل في خفض انبعاثات الكربون بنسبة 81% بحلول عام 2035، مقارنة بمستويات عام 1990. وقد لقي كير ستارمر تصفيقاً حاراً خلال قمة “كوب 29” عند إعلانه عن هذا الهدف، بالإضافة إلى إعادة التأكيد على التزام بلاده بتوفير 11.6 مليار جنيه إسترليني (14.6 مليار دولار) لتمويل المناخ الخارجي بين عامي 2021 و2026.
يجب أن يأتي نحو نصف التريليون دولار من التمويل الخارجي من القطاع الخاص، بينما يُتوقع أن يسهم نحو ربع المبلغ من البنوك التنموية المتعددة الأطراف مثل البنك الدولي. أما الباقي فيجب أن يتأتى من مزيج من التبرعات والمساعدات الخارجية من الدول الكبرى، بالإضافة إلى الضرائب المحتملة على الأنشطة ذات الانبعاثات الكربونية العالية، مثل السفر الجوي المتكرر وعائدات مبيعات أرصدة الكربون.