ورشة عمل حول الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات والتقنيات المتقدمة
كتبت – جنان آل عيسى
قدمت جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ممثلة في كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي يوم الأربعاء الموافق 12 نوفمبر 2025م ورشة عمل متخصصة بعنوان “الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والتقنيات المتقدمة”، وذلك بمركز بحوث الإنتاج الحيواني التابع للمديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في الرميس.
هدفت الورشة إلى تعزيز الفهم العميق لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات البحثية والعلمية، وتسليط الضوء على الأبعاد الأخلاقية المصاحبة لاستخدام هذه التقنيات، إضافة إلى استعراض الفرص والتحديات التي تطرحها التقنيات المتقدمة في دعم الابتكار والتنمية المستدامة في القطاعات الزراعية والبيئية والتعليمية.
قدّم الورشة الدكتور مصعب الراوي، مدير كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية، الذي تناول في عرضه العلمي التحوّلات الجذرية التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في التعليم والبحث العلمي على مستوى العالم، مؤكداً أن التطور التقني السريع يجب أن يُوازيه التزام راسخ بالقيم الأخلاقية والمهنية، وبناء أنظمة ذكية تتمتع بالشفافية والموثوقية والعدالة.
ووضح الدكتور الراوي أن دمج الذكاء الاصطناعي في الأوساط الأكاديمية والبحثية لا يُعد مجرد نقلة تقنية، بل يمثل مسؤولية أخلاقية وإنسانية تتطلب وعياً مؤسسياً ومجتمعياً لحماية خصوصية الأفراد وضمان النزاهة في إنتاج المعرفة العلمية والحد من الانحيازات الخوارزمية التي قد تؤثر على مصداقية النتائج.
تضمّنت الورشة جانباً عملياً تم فيه تدريب المشاركين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الكشف عن حالات الانتحال والبيانات المصطنعة والممارسات البحثية غير الأخلاقية، حيث أُتيح للمشاركين تطبيق مهارات عملية على دراسات حالة واقعية، والتعرف على أنظمة تحليل النصوص والبيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن الانتحال والتلاعب في نتائج البحوث. وأسهم هذا التدريب في تعزيز قدرات الباحثين على استخدام التقنيات الحديثة لحماية النزاهة العلمية والبحثية.
وأشار الدكتور الراوي إلى أن التقارير الدولية الحديثة تُظهر ارتفاعاً بنسبة تتجاوز 134% في حالات الانتحال المدعوم بالذكاء الاصطناعي خلال العامين الماضيين، مما يستدعي تحركاً مؤسسياً عاجلاً لوضع سياسات ومعايير واضحة تضمن الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات. وأضاف أن سلطنة عُمان تخطو بخطى ثابتة نحو بناء منظومة متكاملة للبحث العلمي القائم على الأخلاقيات والابتكار، من خلال مبادرات وطنية يقودها كرسي الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وبالتعاون مع مؤسسات بحثية متخصصة مثل مركز بحوث الإنتاج الحيواني.
كما أشار المهندس ماهر بن غريب المعولي، مدير مركز بحوث الإنتاج الحيواني، إلى أن هذه الورشة تأتي في إطار حرص المركز على مواكبة التطورات التقنية الحديثة، واستثمار الذكاء الاصطناعي في مجالات البحث والتطوير الزراعي والحيواني، بما يسهم في تعزيز الكفاءة والإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي في السلطنة. كما نسعى من خلال مثل هذه المبادرات إلى مدّ جسور التعاون بين الباحثين والخبراء من مختلف المؤسسات الأكاديمية.”
كما شهدت الورشة نقاشات موسّعة بين الباحثين والأكاديميين حول إعداد مدونات سلوك ومعايير وطنية لأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، وآليات بناء القدرات الوطنية في مجالات تحليل البيانات والتعلّم الآلي والتقنيات المستدامة، إذ أن التقنيات الذكية تسهم في تطوير منظومات البحث الزراعي والحيواني عبر تحسين كفاءة الإنتاج، ورصد البيانات البيئية، وتحليلها بما يدعم الأمن الغذائي والاستدامة البيئية.
واختتمت الورشة أعمالها بعدد من التوصيات، أبرزها ضرورة تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية لتطوير إطار وطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وتكثيف البرامج التدريبية المتخصصة في مجال النزاهة البحثية، إلى جانب إدماج مفاهيم الأخلاقيات الرقمية في المناهج التعليمية بالجامعات والكليات التقنية. وأكد المشاركون أن هذه الورشة تمثل خطوة نوعية نحو ترسيخ ثقافة المسؤولية والشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي، وتعكس التزام سلطنة عُمان بتبنّي التقنيات الحديثة بروح من النزاهة والابتكار المستدام.
