هل نجحت قمة «بريكس» على خفض التوتر بين الهند والصين
للمرة الأولى منذ عام 2019، يلتقي رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي بالرئيس الصيني تشي جينبينغ على هامش قمة “بريكس” في قازان، روسيا. هذا اللقاء يعزز التفاؤل بشأن إمكانية حل النزاع الحدودي بين البلدين، الذي أثر سلباً على العلاقات الاقتصادية بين هذين العملاقين الآسيويين في السنوات الأخيرة.
قبل يومين من القمة الصينية-الهندية، تم التوصل إلى اتفاق بين البلدين بشأن الحدود المتوترة في منطقة الهيمالايا. حيث أعلنت السلطات الهندية في 21 أكتوبر الجاري أنها اتفقت مع نظيرتها الصينية على استئناف دوريات الحدود المشتركة كما كانت قبل الاشتباك العسكري الذي وقع في عام 2020، والذي أسفر عن مقتل نحو 20 جندياً هندياً و4 جنود صينيين. ومنذ ذلك الحين، قامت الدولتان بتعزيز قواتهما في المناطق الحدودية المتنازع عليها، مدعومة بالمدرعات والصواريخ والطائرات المقاتلة.
على الرغم من أن تفاصيل الاتفاق الحدودي بين الصين والهند لم تُعلن بالكامل بعد، إلا أن لقاء تشي ومودي في قازان يُعتبر خطوة هامة نحو تحسين العلاقات بين البلدين. هذا اللقاء لا يساهم فقط في تخفيف التوتر العسكري على الحدود، بل يفتح أيضاً آفاق التعاون الاقتصادي بدلاً من التصعيد.
موقف الولايات المتحدة والغرب
مع تراجع معدلات نمو الاقتصاد الصيني منذ أزمة وباء كورونا، بعدما كان يُعتبر أسرع اقتصاد في العالم لعقود، بدأ اقتصاد الهند في استعادة تلك المكانة كواحد من أسرع الاقتصادات نمواً. ومع الكتلة السكانية الضخمة في الهند، التي تساوي تقريباً تلك في الصين، بل قد تفوقها قليلاً، حيث تجاوز عدد سكانها مليار وربع المليار نسمة، شجع الغرب حكومة حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة مودي على الابتعاد عن الصين وروسيا، مقابل ضخ استثمارات غربية في الأسواق الهندية.
نتيجة للعقوبات والقيود التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية على الاستثمار في الصين، اضطرت بعض الشركات إلى نقل جزء من عملياتها إلى خارج الصين. ومع ذلك، لم تعد غالبية هذه الشركات إلى الولايات المتحدة أو بلدانها الأصلية، بل اختارت أسواقاً ناشئة في آسيا مثل الهند وفيتنام، وذلك بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج ورخص العمالة والامتيازات الضريبية. ورغم أن الهند استفادت بشكل كبير من هذا الانتقال، إلا أن فك ارتباطها ببكين حرمها من استثمارات صينية ضخمة تقدر بعشرات المليارات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن موقف الولايات المتحدة والدول الغربية من علاقات الهند مع روسيا حرمتها من بعض المزايا المتعلقة بشراء النفط الروسي بأسعار مخفضة. كما أن القيود المفروضة من قبل الولايات المتحدة والغرب على نقل التكنولوجيا والمعرفة التقنية للإنتاج تعيق قدرة الهند على توطين صناعات حيوية تضمن استدامة نمو اقتصادها وقوته. ويبدو أن قمة “بريكس” التي عُقدت الأسبوع الماضي كانت فرصة لإعادة الهند إلى دائرة التعاون مع الصين وروسيا، حتى وإن لم تفك ارتباطها بالولايات المتحدة والدول الغربية، وفقاً لما أشار إليه تحليل لمجلة “إيكونوميست” في عددها الأخير.
تقارب المضطرين
قد يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يستضيف قمة “بريكس”، قد ساهم في تقريب وجهات النظر بين الهند والصين. إلا أن كلا البلدين الآسيويين يدركان أيضاً أهمية التعاون والتقارب لأسباب تتعلق بمصالحهما الخاصة. فالرئيس الصيني شي جينبينغ يشعر بالقلق إزاء تباطؤ النمو الاقتصادي والعوائق التجارية والقيود المفروضة من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية، مما يجعل الوصول إلى السوق الهندية هدفاً أساسياً لتعويض هذه التحديات.