منطقة الفاو الأثرية قطعة من الربع الخالي تبهر العالم
جمال علم الدين
على أطراف الربع الخالي من الجهة الشمالية الغربية، تحديداً في نهايات سلسلة طويق التي تغص في رمال الربع الخالي، شُيدت قرية الفاو التراثية، العاصمة التاريخية لمملكة كندة الأولى،
وفق نظام بناء حضاري امتاز بالفنون المبهرة، فيما تُعد ضمن أكبر وأشهر المواقع الأثرية السعودية، وتقع أطلال قرية “الفاو” الأثرية في جنوب المملكة تحديدًا على أطراف الربع الخالي،
مبتعدة نحو 700 كلم إلى الجنوب الغربي من العاصمة الرياض، و100 كلم إلى الجنوب الغربي من محافظة السليل، و150 كلم إلى الجنوب الشرقي من وادي الدواسر، و280 كلم إلى الشمال الشرقي من مدينة نجران.
وفي إطار توسيع حضور تأثيرها التراثي والثقافي، سعت السعودية إلى تسجيل “المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية “الواقعة بمنطقة الرياض أخيراً في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، بوصفه موقعاً ثقافياً يمتلك قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني.
وجاءت عملية التسجيل نتيجة الجهود الوطنية التي بذلها وفد المملكة لدى اليونسكو، بقيادة هيئة التراث، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، وإمارة منطقة الرياض، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وجامعة الملك سعود، والمجتمع المحلي لمحافظة وادي الدواسر،
وذلك في إطار الجهود الحثيثة التي تقودها هيئة التراث في المحافظة على تراث المملكة الغني، وتعريف المجتمع المحلي والدولي بأهميته تحقيقاً لمستهدف رؤية المملكة 2030 المتمثل في مضاعفة أعداد المواقع السعودية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهدفها الاستراتيجي في المحافظة على تراث المملكة الإسلامي والعربي والوطني والتعريف به.
وتبرز أهمية هذه القرية، إذ إنها تسيطر على الطريق التجاري، إذ لا تستطيع القوافل السير دون المرور بها،
إذ كانت نقطة عبور للقوافل إلى محطة تجارية مهمة على الطريق التجاري الممتد من جنوب الجزيرة العربية والمتجه شمال شرقي إلى الخليج العربي وبلاد الرافدين وشمال غربي الحجاز وبلاد الشام إلى أن أصبحت مركزًا اقتصاديا وسياسيا وثقافيًا في وسط الجزيرة العربية، وعاصمة لدولة كندة لأكثر من خمسة قرون.
وتعد قرية الفاو نقطة تجارية بالتقاء دروب التجارة القديمة ومنها تتفرع عدة طرق بما يعرف بدرب البخور نحو منطقة اليمامة “الرياض” أو باتجاه الحجاز والعلا في حركة تجارية دائمة،
فيما تعرف قديماً بذات كهل نسبة للمعبود كهل الذي اشتهر في قرية الفاو في القرن الرابع قبل الميلاد لتصبح واحدة من القرى ذات البعد الثقافي والاقتصادي الثري.
ويرجع الاكتشاف الأول للآثار في قرية الفاو إلى الأربعينيات عندما بدأ الاهتمام بالقرية بوصفها موقعاً أثرياً، فضلاً عن زيارة بعض موظفي شركة أرامكو لها،
ثم في سنة 1372هـ -1952م قام بزيارتها كل من جون فيلبي وجاك ريكمانز وكونزاك ريكمانز وفيليب ليبنز . وفي سنة 1389هـ /1969م زارها ألبرت جام موفداً من قبل وكالة الآثار والمتاحف بوزارة المعارف آنذاك، حيث قام بدراسة مجموعة من كتاباتها المنتشرة على سفح جبل طويق المطل على قرية الفاو من ناحية الشرق.
اقرا ايضا : السياحة العربية مصدرًا مهمًا للإيرادات السياحية في مصر
وسجلت الفاو العديد من الموجودات الآثارية الهامة التي أصبحت ضمن روائع السعودية التي زارت العديد من الدول للتعريف بالتاريخ الحضاري للسعودية قبل نحو 10 سنوات،
وأظهرت التنقيبات التي بدأت في الموقع قبل أكثر من أربعين عامًا، أن النسيج العمراني المكتشف في موقع الفاو يتشكل من المنطقة السكنية التي تشمل منازل وساحات وطرقات بأنواع متعددة،
ومنطقة السوق الرئيسي التي تضم المرافق والخدمات، وأهمها الآبار والقنوات وخان القوافل، وتعتبر المنطقة السكنية من أهم معالم الفاو، حيث تقدم نسيجًا عمرانيًا متكاملاً، وتعطي تصورًا لمدينة عربية قبل الإسلام،
كما أن المنازل في المنطقة السكنية مبنية على طراز معماري غاية في الجودة، واهتم سكان الفاو بزخرفة جدران المنازل.