مكاسب وخسائر “ماسك” ….أسهم تسلا تصعد وسط توقعات باستفادة من فوز ترامب
لم يدعم أي قائد أعمال ترشيح الرئيس السابق دونالد ترمب بشكل أكبر من إيلون ماسك، لكن الملياردير وإمبراطوريته التجارية يواجهان تحديات وإيجابيات بعد فوز ترمب بالانتخابات وعودته إلى البيت الأبيض.
تشير التقديرات إلى أن إيلون ماسك قد تبرع بحوالي 119 مليون دولار حتى الآن للجنة العمل السياسي التي أسسها لدعم ترمب، وفقاً لبيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية.
كما ظهر ماسك مع ترمب في الفعاليات الانتخابية واستضاف مقابلة معه على منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي “إكس”.
يقول المحلل التكنولوجي في شركة “ويد باش سيكوريترز” دانييل آيفز: “إنه يضع رهانات كبيرة هنا، حيث وصل إلى عمق المجمع في هذه الانتخابات”.
وفي وقت مبكر من يوم الأربعاء، كان المستثمرون يتوقعون أن فوز ترامب سيكون بمثابة انتصار لشركة “تيسلا” العامة التي يملكها إيلون ماسك، مما أدى إلى ارتفاع أسهم الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية بنسبة 12% في تداولات ما قبل السوق.
هذا الارتفاع زاد من قيمة أسهم “تيسلا” التي يمتلكها ماسك بأكثر من 12 مليار دولار، محققاً عائداً يتجاوز 10,000% على تبرعه البالغ 119 مليون دولار لترامب. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاطر تواجه “تيسلا” حتى بعد فوز ترامب.
ماذا ستفقد “تيسلا” في فوز “ترمب”؟
يمكن أن يُعزى جزء كبير من ثروة إيلون ماسك الضخمة إلى الدعم الحكومي الذي حصلت عليه شركاته مثل “تيسلا” و”سبايس إكس” على مر السنين.
حتى في حال فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس، كان من المحتمل أن يستمر تدفق الكثير من هذه الأموال. ومع ذلك، إذا تم تقليص أو إلغاء بعض أشكال الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية كما يُتوقع في حال فوز ترمب، فإن ثروة ماسك ستظل كبيرة وستواصل النمو بسرعة. في الواقع، قد تستفيد شركة “تيسلا” حتى في حال انتهاء الدعم الحكومي للمركبات الكهربائية.
نشر ماسك مجموعة من التغريدات على منصته للتواصل الاجتماعي “إكس” في وقت متأخر من يوم الثلاثاء وفي الصباح الباكر من يوم الأربعاء، احتفالاً بفوز ترمب.
وكتب في إحدى تغريداته: “لقد منح الشعب الأميركي ترمب تفويضاً واضحاً للتغيير الليلة”.
على الرغم من أن ترمب كان معارضاً بشكل علني للسيارات الكهربائية، حيث اعتبرها مكلفة ولها مدى محدود، واعتقد أنها ستؤدي إلى فقدان الوظائف وتضر بصناعة السيارات الأميركية، إلا أن ما قد يبدو كأكبر تهديد لشركة “تيسلا” في حال تولي ترمب الرئاسة مرة أخرى هو احتمال تقليص أو حتى إنهاء الدعم الفيدرالي للمركبات الكهربائية.
تعتبر السياسات الأخرى التي تشكل جوهر خطط ترمب مصدرًا لمشكلات كبيرة. فقد تعهد ترمب بإنهاء ما وصفه بـ “تفويض بايدن للسيارات الكهربائية”، رغم عدم وجود أي تفويض من هذا القبيل، مما يجعل من غير الواضح ما الذي يقصده بذلك.
في المقابل، شهد عهد بايدن دعمًا حكوميًا كبيرًا لتعزيز بناء وشراء السيارات الكهربائية. شمل ذلك تقديم قروض بمليارات الدولارات لتحفيز شركات صناعة السيارات على الاستثمار في مصانع إنتاج السيارات الكهربائية والبطاريات داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى دعم إنشاء محطات الشحن وتقديم إعفاء ضريبي بقيمة 7500 دولار للعديد من مشتري السيارات الكهربائية.
مخاوف من إلغاء دعم شراء السيارات الكهربائية
يعتقد العديد من خبراء الصناعة أن ترامب قد يقوم بإنهاء هذه البرامج، وقد يأمر وزارة الخزانة بتعديل القواعد التي تحدد متى يمكن لمشتري السيارات الاستفادة من الدعم، مما سيؤدي إلى تقليص كبير في توافر الائتمان الضريبي.
ومع ذلك، أعرب ماسك عن عدم قلقه بشأن انتهاء الإعفاء الضريبي، حيث يرى مالك شركة “تيسلا” أن ذلك سيكون مفيدًا لجهود شركات صناعة السيارات التقليدية في الانتقال إلى سوق السيارات الكهربائية وزيادة المنافسة.
وفي تغريدة له خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، كتب ماسك: “زيادة الإعانات ستساعد فقط ’تيسلا‘”.
بفضل زيادة المنافسة، شهدت مبيعات “تيسلا” العالمية تراجعًا بنسبة اثنين في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام مقارنة بالعام الماضي. ومع ذلك، تحسنت المبيعات والأرباح خلال الربع الثالث من العام الحالي، مما يجعل هذه المرة الأولى التي تواجه فيها الشركة مثل هذا الانخفاض في تاريخها.
وأشار آيفز إلى أنه من المحتمل أن يمنح ترمب الضوء الأخضر لأمل ماسك في تطوير سيارات ذاتية القيادة، بالإضافة إلى أسطول من “سيارات الأجرة الآلية” التي ستوفر رحلات بدون سائق.
ومن غير المرجح أن يتوقف الدعم الحكومي للمركبات الكهربائية في إدارة ترمب المقبلة. بعيدًا عن الائتمان الضريبي للمشترين، فإن جزءًا كبيرًا من أموال دافعي الضرائب التي تُستخدم لدعم اعتماد السيارات الكهربائية تُخصص كقروض حكومية لشركات صناعة السيارات ومورديها لبناء مصانع في الولايات الجنوبية.
من غير المحتمل أن يسعى ترامب لتقليص هذا الدعم أو التراجع عن وعده بتوفير الوظائف في تلك الولايات، حتى وإن كان ذلك سيؤدي في النهاية إلى منافسة مع “تيسلا” وماسك.
توجهات ترامب تجاه الصين قد تؤثر سلباً على “تيسلا”
وأشار آيفز إلى أن التحدي الأكبر الذي قد تواجهه “تيسلا” في حال فوز ترامب هو احتمال تجدد الحرب التجارية مع الصين، نظراً لأهمية مصنعها في شنغهاي بالنسبة لمبيعاتها وأرباحها العالمية.
وأضاف: “سيكون أكثر تشدداً تجاه الصين، مما قد يجعل السلبيات تفوق الإيجابيات بالنسبة لـ’تيسلا‘، حيث أن أكثر من 40% من عمليات التسليم تأتي من السوق الصينية، وبالتالي ستصبح ’تيسلا‘ هدفاً سهلاً”.
قد تواجه “تيسلا” أيضاً تحديات إذا قام ترمب بتعيين ماسك لقيادة جهود إدارته في تقليص ما يُعرف بالهدر الحكومي، كما أشار الاثنان خلال الحملة الانتخابية. بغض النظر عن نتائج هذه الجهود وما إذا كان ماسك سيتولى دوراً حكومياً رسمياً أو غير رسمي في إدارة ترمب الجديدة، فإن ما لا يرغب مستثمرو “تيسلا” في رؤيته هو انشغال ماسك عن إدارة الشركة.
وأشار آيفز إلى أنه “حان الوقت لأن يكون ماسك بعيداً عن ’تيسلا‘ في فترة تحتاج فيها الشركة إلى مزيد من التركيز”.
من المحتمل أن تظل علاقات شركة “ماسك” الكبرى الأخرى “سبايس إكس” مع الحكومة الفيدرالية دون تغيير كبير، بغض النظر عن نتائج الانتخابات.
في المقابل، تواجه منافستها الرئيسية “بوينغ” تحديات خطيرة تتعلق بالمركبات الفضائية التي تعاقدت معها وكالة “ناسا” لنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية والعودة منهم.
كما تعرضت ملكية ماسك لمنصة “إكس” لانتقادات واسعة، خاصة من قبل الديمقراطيين، بسبب نشر معلومات مضللة. ومع ذلك، لم يتم إغلاق المنصة أو فرض أي قيود عليها من قبل الحكومة حتى في عهد بايدن، ومن المحتمل أن الإدارة الجديدة برئاسة ترمب لن تتخذ أي إجراءات ضدها أيضاً.
وبسبب الخسائر المالية التي تكبدها ماسك منذ استحواذه على الشركة، أصبحت هذه المنصة تمثل جزءاً صغيراً نسبياً من صافي ثروته الإجمالية.
مكاسب تسلا من فوز ترامب
أشار دانيال آيفز، المحلل في مؤسسة “وود بوش سيكيورتيز”، في تقريره حول تأثير فوز الجمهوريين المحتمل على شركات التكنولوجيا، إلى أن “أكبر المكاسب من فوز ترامب ستكون لصالح تسلا وإيلون ماسك”. وأوضح أن “تسلا” ستستفيد من ميزة تنافسية في حال قررت الولايات المتحدة تقليص الحوافز الضريبية المخصصة للسيارات الكهربائية.
في صباح يوم الأربعاء بتوقيت نيويورك، شهدت أسهم “تسلا” ارتفاعًا بنحو 13%، بينما تراجعت أسهم “بي إم دبليو” بنسبة 4.9%، مما جعلها تتصدر تراجع شركات السيارات الألمانية، وذلك بسبب نتائج أرباح مخيبة للآمال، بالإضافة إلى المخاوف من تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على السيارات المستوردة.