مصر تُغير لهجتها….ولماذا يتخوف المصريون من “المراجعة الرابعة” لصندوق النقد؟
اتخذ اتفاق القاهرة مع صندوق النقد الدولي منحى جديداً، حيث تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيف الضغوط على المواطنين، ولو بشكل مؤقت، من خلال إعادة التفاوض مع الصندوق بشأن تنفيذ بعض السياسات والإجراءات المتفق عليها. ومع ذلك، يبدو أن هذه المهمة ليست سهلة، إذ يطالب الصندوق القاهرة بالاستمرار في تنفيذ الإصلاحات بشكل عاجل.
يستعد صندوق النقد الدولي لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في نوفمبر المقبل، والتي تهدف إلى صرف الشريحة الأكبر من القرض المتفق عليه، والبالغ قيمته 8 مليارات دولار، والتي تقدر بـ 1.3 مليار دولار.
تحمل المصريون تبعات زيادة أسعار الوقود ثلاث مرات خلال هذا العام فقط، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء ووسائل النقل، في ظل سلسلة من الزيادات المتتالية التي أثقلت كاهلهم منذ مارس 2023.
مصر تُغير لهجتها.
الذي يحدث خلف الكواليس بين مصر وصندوق النقد الدولي؟ ولماذا تغيرت لهجة مصر في حديثها عن برنامج الإصلاح الاقتصادي؟ هل من الممكن أن يستجيب الصندوق لمطالب مصر بتخفيف الأعباء عن المواطنين؟ وهل ستكون زيارة كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، بداية لتحولات جديدة في مسار الاقتصاد المصري؟
بعد أشهر من تطبيق الإصلاحات الاقتصادية بشكل صارم، شهدنا مؤخرًا تغييرًا في لهجة مصر تجاه برنامج الإصلاح مع صندوق النقد الدولي. فقد بدأ الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة، الذي كان دائمًا يدافع عن البرنامج وتحدياته، في الإشارة إلى أعباء جديدة ليست على الدولة هذه المرة، بل على المواطن. وهذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها توجهاً واضحاً من الحكومة، بتوجيهات من الرئيس السيسي، بضرورة مراجعة بنود البرنامج مع الصندوق.
يبدو أن أنين المصريين المكتوم قد وصل أخيرًا إلى آذان القيادة السياسية، حيث دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حكومته بوضوح إلى ضرورة مراجعة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. فقد صرح يوم الأحد الماضي بأنه “يجب مراجعة الاتفاق إذا كان سيؤدي إلى وضع غير محتمل للناس”.
في الوقت نفسه، تشير توقعات النمو في مصر إلى ارتفاع، وفقًا لتقرير وكالة رويترز الأخيرة، التي توقعت أن يصل النمو الاقتصادي إلى 4% خلال العام المالي حتى يونيو 2025، وأن يستمر في الارتفاع ليصل إلى 5.3% بحلول عام 2027. وتأمل الحكومة أن تكون هذه الأرقام نتيجة إيجابية للإصلاحات، لكن يبقى السؤال: هل سيأخذ الصندوق في اعتباره الأعباء التي يتحملها المواطن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟
“المراجعة الرابعة” لصندوق النقد؟
إضافة إلى ذلك، قامت مصر بإبرام اتفاقيات كبيرة، مثل صفقة منطقة رأس الحكمة، التي باعت فيها حقوق التطوير للإمارات بمبلغ 35 مليار دولار، مما مهد الطريق للاتفاقية الأخيرة للتمويل بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد.
تزايد التساؤلات في الكواليس، حيث يسعى الجميع لمعرفة ما إذا كان صندوق النقد الدولي سيستجيب للمطالب المصرية، وما هي تفاصيل الزيارة المرتقبة لكريستينا إلى مصر. من المتوقع أن نرى في الأيام القادمة خطة الحكومة بشكل أوضح، ونتساءل عما إذا كانت هناك تغييرات حقيقية ستخفف الأعباء عن المواطنين، أم أن البرنامج سيستمر كما هو دون أي تعديلات.
تُعتبر القاهرة ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، حيث حصلت منذ عام 2016 على 28 مليار دولار، ويبلغ القرض القائم حالياً 8 مليارات دولار، ومن المقرر أن ينتهي سحب آخر شريحة منه في سبتمبر 2026.
وفيما يتعلق بمساحة التفاوض، جاءت تصريحات غورغيفا خلال الاجتماعات الحالية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي في واشنطن، بحضور وفد مصري يضم محافظ البنك المركزي حسن عبدالله، ووزير المالية أحمد كجوك، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي رانيا المشاط.