مشروعات رؤية السعودية 2030 تتخطى حاجز تريليون دولار
في عالم يتطور بسرعة، يظهر التفاؤل كقوة رئيسية لدى القادة الذين يسعون لتحويل التحديات إلى فرص. جاء ذلك خلال الجلسات الحوارية المعنونة “هل يمكن للقادة أن يكونوا متفائلين بدلاً من حذرين؟”
ضمن مبادرة “مستقبل الاستثمار” التي انطلقت في يومها الأول في العاصمة السعودية. وقد ناقش عدد من المشاركين أهمية الذكاء الاصطناعي في ثورة الاقتصاد الحديث، معبرين عن تفاؤلهم بهذا الإنجاز.
قدم وزير المالية التركي محمد شيشمك مقارنة مثيرة بين ثورتين غيرتا مجرى التاريخ، وهما “ثورة الذكاء الاصطناعي” و”ثورة المحرك البخاري”. ورغم الفروق الزمنية والتكنولوجية بينهما، فإن القواسم المشتركة بين الثورتين تسلط الضوء على التحديات العميقة التي تواجه البشرية. فقد أدت الثورة الأولى إلى تحسين كبير في الإنتاجية، ولكن على حساب العديد من الوظائف التقليدية، بينما تهدد الثورة الثانية بعض المهارات البشرية.
في هذا الإطار، اعتبر شيشمك أن هذه المقارنة تبرز نقطة مهمة أشار إليها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، الذي أكد أن الذكاء الاصطناعي لا يُعتبر مجرد تحدٍ، بل هو دعوة للتفاؤل ودافع للتقدم.
مشروعات رؤية السعودية 2030
طرح الفالح تساؤلات حول تأثير التوترات الإقليمية والاضطرابات في البحر الأحمر على البيئة الاقتصادية والاستثمارية في السعودية. ورغم اعترافه بأن هذه التحديات تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، إلا أنه أشار بفخر إلى أن “رؤية السعودية 2030” قد أسست لبيئة محفزة للنمو تتجاوز العوامل السلبية. وأكد أن الناتج المحلي الإجمالي قد شهد زيادة بنسبة 70% منذ إطلاق الرؤية، مما جعل السعودية ثاني أسرع الاقتصادات نمواً بين دول “مجموعة الـ20″، على الرغم من التذبذبات والصدمات التي تعرضت لها الأسواق، بما في ذلك سوق النفط.
في حديثه عن “رؤية 2030″، أشار الوزير السعودي إلى أن الاقتصاد غير النفطي شهد نمواً بنسبة 4.5% منذ عام 2017، مما يدل على فعالية هذه الرؤية في تحقيق أهدافها. كما أكد على سعي السعودية لجذب 3.3 تريليون دولار من الاستثمارات المباشرة، حيث تنمو هذه الاستثمارات بمعدل يتجاوز 8% سنوياً.
واستعرض الفالح نجاح السعودية في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث حققت 26 مليار دولار في العام الماضي. وكشف عن تسجيل 100 مليون زيارة سياحية خلال نفس العام، بالإضافة إلى زيادة عدد رخص المستثمرين الأجانب عشرة أضعاف مقارنة بما كان عليه قبل إطلاق الرؤية. وأوضح أن 540 شركة عالمية قد اختارت السعودية كمقر إقليمي لها، متجاوزة الهدف المحدد بـ 500 مقر بحلول عام 2030.
في سياق متصل، سلط الاقتصادي أحمد الشهري الضوء على التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي بفضل الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن هذه التقنية تمثل قوة دافعة للنمو من خلال تعزيز الإنتاجية وتقليل التكاليف، مما يخلق مستويات جديدة من المنافسة. وأضاف أن هذا التغيير يعكس تعاوناً غير مسبوق.
تحولات الاقتصاد العالمي
يشير الخبير الاقتصادي السعودي إلى أن “نجاح السعودية في التعامل مع التوترات الجيوسياسية يعود إلى توافق السياسة مع الاقتصاد. تمتلك البلاد شراكات استراتيجية متنوعة مع العديد من الدول، كما أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تم تنفيذها جعلت من السعودية نموذجاً لدولة المؤسسات القادرة على التكيف مع مختلف الظروف الإقليمية والعالمية”. وأضاف “تساهم هذه الإصلاحات بشكل فعال في تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث ارتفعت نسبة مساهمة الإنتاج غير النفطي إلى 50% في فترة زمنية قياسية، متفوقة على العديد من الدول في سياق التحولات الاقتصادية. كما اعتمدت السعودية سياسات مالية ونقدية حكيمة، مما عزز استقرارها الاقتصادي”.
شار الشهري إلى أن الرياض تمتلك إطاراً فعالاً للتعاون الدولي، مما يعزز من مكانتها الاقتصادية والسياسية على الساحة العالمية. ورغم التحديات الجيوسياسية المعقدة، تواصل السعودية جذب الاستثمارات والشركات العالمية، مما يعكس التزامها باستثمار السلام ورفاهية المستقبل لشعوب العالم.
مبادرة مستقبل الاستثمار
وخلال المؤتمر الاستباقي، أعلن الرئيس التنفيذي لمؤسسة “مبادرة مستقبل الاستثمار” ريتشارد أتياس أن النسخة الحالية من الحدث ستشهد توقيع صفقات دولية تتجاوز قيمتها 28 مليار دولار. يجمع المؤتمر مسؤولين تنفيذيين من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز من مكانة المبادرة كمنصة عالمية للفرص الاستثمارية. كما ستستضيف المبادرة 180 جلسة حوارية بمشاركة 600 متحدث من قادة السياسة والأعمال والمبتكرين. ستركز المناقشات على قضايا محورية تشمل التمويل، والذكاء الاصطناعي، والاستدامة، والطاقة، والجيو-اقتصاد، مما يوفر فرصة فريدة لاستكشاف آفاق جديدة وتبادل الأفكار حول التحديات والفرص التي يواجهها العالم اليوم.