مشترو المنازل في المملكة العربية السعودية والإمارات مستعدون لدفع 7% أكثر مقابل المنازل المستدامة، وفق استطلاع بي دبليو سي الشرق الأوسط

- العقارات الخالية من أي عناصر استدامة تُباع بخصم يقارب 4%، ما يشير إلى أن التصميم الأخضر أصبح معياراً أساسياً في السوق
- الحصول على التمويل الأخضر يعزّز الاستعداد للدفع بنسبة 9.6%
- أبرز الدوافع تتضمن توفير الطاقة وخفض التكاليف (45%)، والفوائد البيئية (44%)، وارتفاع القيمة على المدى الطويل (43%)
- الشهادات البيئية والاعتمادات الخضراء الواضحة تؤثر بشكل جوهري على سلوك المشترين وتبني الثقة في السوق
كشف استطلاع جديد لـ بي دبليو سي الشرق الأوسط عن تحول كبير في سوق الإسكان في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ارتقت الاستدامة من كونها مجرد عامل تفضيلي إلى توقع أساسي لدى المشترين. وأظهر الاستطلاع أن مشتري المنازل في السعودية والإمارات أصبحوا مستعدين لدفع علاوة سعرية تبلغ 7% في المتوسط للمنازل التي تتضمن ميزات استدامة، بينما تُباع المنازل الخالية منها بخصم يقارب 4%.
يأتي ذلك في وقت يشهد فيه الخليج نمواً سكانياً متسارعاً يزيد الضغط على المعروض السكني. فمن المتوقع أن يرتفع عدد سكان السعودية من 35 مليوناً إلى نحو 39 مليوناً بحلول 2030، مع توسّع الرياض بنسبة 38% ليصل عدد سكانها إلى 9.6 ملايين نسمة، بينما تجاوز عدد سكان الإمارات 11.3 مليوناً، وتخطّى عدد سكان دبي حاجز 4 ملايين لأول مرة في 2025. ويُعد دمج التصميم المستدام، والكفاءة الطاقوية، والتخطيط الحضري المرن في مشاريع الإسكان الجديدة عاملاً محورياً للحد من الأثر البيئي وتعزيز جودة الحياة على المدى الطويل.
فالدراسة، التي قادها مركز الفكر في ستراتيجي أند الشرق الأوسط – وهي جزء من شبكة بي دبليو سي – بعنوان “العائد الأخضر: المنازل المستدامة تجذب علاوة سعرية في السعودية والإمارات“، تسلط الضوء على كيف أصبحت الاستدامة عاملاً حاسماً في قيمة العقار، وسلوك المشترين، وتوجهات التطوير العمراني. ومع تسارع الرؤى الوطنية في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات نحو مستقبل منخفض الكربون، تزداد جاذبية المنازل الخضراء لما توفره من كفاءة أعلى، ومرونة، واستعداد للمستقبل.
واعتمدت الدراسة على آراء أكثر من ألفَي مشتري منزل، وكشفت أن الاستعداد للدفع يرتفع بنسبة 9.6% إضافية لدى الأشخاص الذين لديهم إمكانية الوصول إلى التمويل الأخضر، ما يؤكد الدور الحيوي للشمول المالي في تعزيز الطلب على الإسكان المستدام. أما أبرز الدوافع وراء شراء المنازل المستدامة فتتمثل بتوفير الطاقة وخفض التكاليف (45%)، والفوائد البيئية (44%)، وزيادة القيمة على المدى الطويل (43%).
وتعليقاً على نتائج الدراسة، قال د. يحيى عنوتي، قائد قسم الاستدامة في بي دبليو سي الشرق الأوسط وشريك في ستراتيجي أند: “نحن نشهد تحولاً هائلاً في نظرة المستهلكين لقطاع الإسكان. فالمنازل اليوم لم تعد مجرد مبانٍ للسكن، بل أصبحت مساحات تدعم الاستدامة والمرونة. ويولي المستهلكون أهمية متزايدة لكفاءة استخدام الطاقة والموارد، والمساحات الخضراء، والراحة والصحة، والفوائد المالية طويلة المدى، والقدرة على مواجهة الظواهر المناخية مثل السيول وارتفاع درجات الحرارة.
ومع إعادة رسم ملامح مدننا بفعل النمو العمراني السريع، يصبح الإسكان المستدام حجر الأساس لمجتمعات مرنة، منخفضة الكربون، وقابلة للعيش، ما يعزز جودة الحياة ويقود مسيرة تقدم المنطقة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة.”
ويشير التقرير إلى أن السوق بلغ نقطة تحوّل مهمة. فالمطورون الذين يدمجون الاستدامة في تصميماتهم، قادرون على تسجيل أسعار أعلى وميزة تنافسية أقوى، بينما يواجه غيرهم انخفاضاً في التقييمات وتراجعاً في جاذبية السوق. وتبرز النتائج أيضاً الأثر المتزايد للاعتمادات الخضراء والتسميات البيئية الواضحة، التي تسهم في تعزيز الثقة وتحفيز الخيارات الأكثر استدامة لدى المشترين.
كما يستعرض التقرير العوامل السلوكية والمنهجية التي تقود هذا التحول. فبالرغم من ارتفاع مستوى الوعي بالاستدامة، إلا أن سدّ فجوة الانتقال من القناعة إلى التطبيق يتطلب تعزيز الوصول إلى التمويل الأخضر، وتوفير شهادات موثوقة، وتكثيف التوعية للمستهلكين.
كما يحدد التقرير مسارات عملية يمكن للحكومات والمطورين والمؤسسات المالية اتباعها لتسريع وتيرة تبني الإسكان المستدام، بدءاً من توسيع المنتجات التمويلية الخضراء، وصولاً إلى دمج معايير الاستدامة في الحوافز والسياسات.
وقالت د. فاطمة كويك، مديرة قسم الاقتصاد السلوكي وتقييم الأثر في ستراتيجي أند الشرق الأوسط: “تقدم البيانات رسالة واضحة: يريد المستهلكون منازل تعكس قيمهم وتطلعاتهم. فالسكن الأخضر ليس خياراً بيئياً فحسب، بل هو قرار يتعلق بأسلوب الحياة والاستثمار طويل المدى. ومن خلال جعل ممارسات الاستدامة ملموسة وميسّرة وجاذبة، يمكننا تحويل الوعي إلى عمل، وتسريع مسيرة دول الخليج نحو مدن مرنة وقادرة على التكيّف مع المناخ.”
ويخلص التقرير إلى أن التحول نحو الإسكان المستدام في دول مجلس التعاون لم يعد سؤالاً حول “إمكانية حدوثه”، بل حول سرعته ومدى اتساع رقعته. ومع توحيد جهود المطورين وصنّاع السياسات والمؤسسات المالية، يمكن أن يصبح الإسكان المستدام محركاً رئيسياً لتحول قطاع الإسكان، ودافعاً للتقدم نحو مستقبل منخفض الكربون.

