بعد انتشار الحروب والصراعات…. قانون جديد لتنظيم لجوء الأجانب الي مصر
مع تزايد أعداد اللاجئين في مصر في السنوات الأخيرة نتيجة التوترات والصراعات والحروب التي تعاني منها بعض دول المنطقة مثل سوريا وليبيا والسودان، وافقت لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري على مشروع قانون تقدمت به الحكومة يهدف إلى تنظيم لجوء الأجانب إلى البلاد.
تسعى مصر إلى وضع إجراءات تشريعية لتنظيم استضافة اللاجئين على أراضيها من خلال مشروع قانون جديد أعدته الحكومة ويناقشه البرلمان، والذي يتضمن إنشاء “لجنة دائمة” تتبع مجلس الوزراء، تتولى جميع شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء. وقد أشار خبراء إلى أن هذا الإجراء قد يسحب صلاحيات “مفوضية اللاجئين” في منح صفة “لاجئ” ويعيدها إلى الحكومة المصرية.
وافقت لجنة “الدفاع والأمن القومي” في مجلس النواب بحضور ممثلين عن لجنتي “حقوق الإنسان” و”الدستورية والتشريعية” على مشروع قانون “تنظيم لجوء الأجانب”، تمهيداً لعرضه على المجلس لإقراره.
ووفقاً لما ذكره وزير “الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي” المستشار محمود فوزي في إفادة رسمية، فإن “مشروع القانون الجديد ينظم مسألة اللاجئين بشكل أفضل، مما يحفظ التوازن بين حقوقهم كلاجئين”.
صرح اللؤاء احمد العوضي رئيس لجنة الدفاع والامن القومي بمجلس النواب” بأن “مشروع القانون يسعى لتحقيق توازن بين حماية حقوق اللاجئين وفقاً للاتفاقيات الدولية وحق مصر في الحفاظ على أمنها القومي”.
وكان مجلس الوزراء قد أحال مشروع القانون إلى البرلمان في يونيو من العام الماضي، والذي يتضمن إنشاء “اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين”، التي ستتمتع بالشخصية الاعتبارية وتكون تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء، وستتولى جميع الأمور المتعلقة باللاجئين.
وأشار العوضي ان موافقة لجنة “الدفاع والأمن القومي” على المشروع، إلى أن “الواقع أظهر الحاجة الملحة لوجود قانون ينظم أوضاع اللاجئين ويحدد أعدادهم، بما يضمن لهم الحقوق المعترف بها في المعايير الدولية، وفي الوقت نفسه يحافظ على استقرار وأمن المجتمع المصري مع التأكيد على ضرورة معاملتهم بشكل جيد”.
أوضح العوضي أن “مصر قد تنازلت طواعية منذ عام 1954 عن بعض صلاحياتها المتعلقة باللاجئين، بما في ذلك حق منح صفة لاجئ لمفوضية اللاجئين، وهو حق سيعود للدولة المصرية وفقاً لهذا المشروع”.
فيما يتعلق بـ “فصل الصلاحيات” بين مفوضية اللاجئين والحكومة المصرية بعد إقرار القانون، أشار العواضي إلى أن “منح صفة لاجئ أو أي وثائق ثبوتية هو حق أصيل للدولة المضيفة، بينما ستظل المفوضية مسؤولة عن تقديم خدمات رعاية اللاجئين وضمان حقوقهم ومراقبة التزام مصر بالاتفاقيات الدولية”.
وأضاف أن “إقرار القانون الجديد وتشكيل اللجنة المصرية المرتبطة به لن يمنح اللاجئين أي حقوق إضافية سوى تلك التي يكفلها القانون الدولي، كما أن هذه اللجنة لا يمكنها حرمانهم من أي حقوق، بل هي بمثابة تجسيد للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر. على سبيل المثال، لا يمكن لمصر التمييز بين لاجئ دخل بطرق قانونية وآخر دخل بطرق غير قانونية، فكلاهما لهما نفس الحقوق”، وفقاً لما ذكره.
بينما أوضح الدكتورجمال زهران استاذ العلوم السياسية والبرلماني الاسبق أن “البيانات الرسمية التي ستتوفر لدى اللجنة الجديدة ستساعد في تقليص الفجوة الكبيرة بين عدد اللاجئين المسجلين رسمياً، الذي يُقدَّر بنحو 800 ألف، وعدد المقيمين الذي تقدر الحكومة المصرية بنحو 9 ملايين”.
أفاد زهران، بأن منطقة الشرق الأوسط شهدت فترة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، خاصة في الدول المجاورة، مما أدى إلى نزوح ملايين اللاجئين إلى مصر. وقد استقبلت مصر هؤلاء اللاجئين وقدمت لهم الدعم الكامل والمساندة دون تمييز بين جنسياتهم أو بينهم وبين المصريين، مما جعلها نموذجًا يُحتذى به في توفير حياة كريمة للوافدين.
كما أكد علي أن الحكومة المصرية اتخذت قرارًا بإعداد قانون يهدف إلى حصر أعداد اللاجئين ومعرفة جنسياتهم وأسباب لجوئهم، بالإضافة إلى توفيق أوضاعهم. يأتي ذلك لضمان تقديم جميع أشكال الدعم والرعاية للمستحقين، بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين. في هذا السياق، تم إقرار مشروع قانون لجوء الأجانب، الذي يتضمن إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين، والتي ستتولى إعداد قاعدة بيانات عن الأجانب في مصر، مما سيساهم في تقديم الدعم الإنساني لهم مع مراعاة الاعتبارات الأمنية والاقتصادية للبلاد.
وأشار زهران بأن مصر تُعرّف اللاجئ بأنه الشخص الذي يغادر بلاده متوجهًا إلى مصر نتيجة ظروف قاهرة، مثل الأوضاع الأمنية غير المستقرة أو الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية. وتستقبل مصر ملايين اللاجئين من دول مختلفة، وأبرزها الدول العربية مثل السودان واليمن وسوريا. وأشارت إلى أن الجالية السودانية تُعتبر الأكبر بين اللاجئين في مصر، حيث جاء معظمهم قبل اندلاع الاشتباكات الأخيرة بحثًا عن ظروف اقتصادية أفضل، بالإضافة إلى قرب مصر من بلادهم. كما توجد جالية كبيرة من الليبيين الذين يمتلكون منازل في مدن مثل مطروح وإسكندرية.
وأن مصر تقدم الدعم الكامل للاجئين ولا تستخدمهم كوسيلة للضغط على المجتمع الدولي. ومع ذلك، من الضروري وضع إطار قانوني لتنظيم أوضاعهم، مما يسهم في توفير مزيد من التسهيلات للمستحقين منهم في مجالات مثل التعليم والعمل وغيرها من الجوانب التي تضمن لهم حياة كريمة. وفي الوقت نفسه، يجب أن يتم سداد مستحقات الدولة عن الخدمات المقدمة لهم. كما أكدت أن مصر لا تفرض رسوم إقامة مرتفعة على اللاجئين، بينما تفرض دولة عربية غنية رسومًا مرتفعة جدًا مقابل الخدمات والموارد التي تقدمها لهم.
كما أن مصر تُعتبر من أكبر دول العالم في استقبال اللاجئين، خصوصًا من الدول العربية المجاورة، حيث تُقدم لهم جميع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية دون أي تمييز أو اضطهاد. إلى أن قانون لجوء الأجانب يهدف إلى حصر أعداد اللاجئين من أجل إنشاء قاعدة بيانات شاملة عنهم.
وأوضح الدكتور زهران أن “التشريعات المتعلقة بالهجرة غير النظامية تفتقر إلى تأكيد حقوق أساسية للاجئين”، مشيراً إلى أن “القانون المصري القديم لا يوفر ضمانات لحقوق طالبي اللجوء، بما في ذلك حرية التنقل والتعليم، كما أنه لا يضمن الحماية من الإعادة القسرية، والتي تعني ترحيل المهاجر إلى دولة قد يتعرض فيها لأذى جسيم”.
كما وصف زهران مشروع القانون الجديد، وفقاً للتفاصيل التي أعلنتها الحكومة، بأنه مجرد لائحة تنظيمية لا تقدم أي جديد، مشدداً على أهمية طرح البنود للنقاش العام قبل أن يتم إقراره من قبل البرلمان. وأشار إلى أن الحكومة قد تكون تحركت “لضبط الأمور وجمع رسوم بالدولار، ولتوظيف قضية اللاجئين كوسيلة ضغط أمام المنظمات الدولية والجهات المانحة”،
وأكد زهران أن القرار يستهدف الأجانب الذين يرغبون في الإقامة للعمل أو السياحة، وذلك لتقنين أوضاعهم، مشيراً إلى أن هذا القرار “لن يؤثر على أوضاع اللاجئين في البلاد”.
وفي هذا السياق، أوضح أن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة ذكرت أن هناك 9 ملايين شخص بين لاجئين وطالبي لجوء ونازحين من مناطق قريبة من الحدود المصرية، مشيراً إلى أن “هؤلاء الـ9 ملايين يعيشون كالمواطنين المصريين حتى يتمكنوا من العودة إلى بلدانهم بعد تحسن الأوضاع”.وأن انضمام مصر إلى اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 والبروتوكول الاختياري لعام 1967، مما يعني أنه لا يمكن إعادة اللاجئين إلى أماكنهم الأصلية ما دام هناك تهديد لحياتهم.