مستقبل المشهد التعليمى فى الشرق الأوسط فى خضم التغيرات السريعة
بروفيسور عمار كاكا – عميد ورئيس جامعة هيريوت وات دبى
من الصعب أن نتوقع أو نتنبأ مستقبل التعليم بدقة خصوصاً مع التغيرات السريعة والمتطورة بسبب الثورة التكنولوجية التى نشهدها حالياً على مستوى العالم. ولكن هناك شيء واحد مؤكد ، هو أن فى المستقبل سوف نتمكن الوصول للمعلومات والمعرفة بمنتهى السلاسة والسهولة وبواسطة مجموعة كبيرة من المصادر المختلفة ومن جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال يمكنك الآن أن تتعلم أي شيء تريده طالما أنك قادر على تحديد هدفك والمعلومات والمصادر المناسبة لما تريد أن تتعلمه ومع ذلك ، هناك مهارات الممارسة المهنية التى ستحتاج إلى تطويرها لتمكينك من القيام بوظائفك بشكل متميز. فإذا أردت أن تصبح طبيباً يمكنك التعرف على العمليات الجراحية وما ينطوي عليها ولكن القراءة عنها لن تمكنك من إجراء عملية جراحية. فيتم تطوير المهارات في الجامعات وبعد ذلك تأتى الممارسة العملية لتمكنك من ادواتك بشكل أكثر فعالية وكفائة.
الجدير بالذكر إن أحد الجوانب المهمة للتعليم التى ستظل مهمة فى المستقبل هو التقييم والحصول على الشهادات. ستظل الشهادة مهمة جداً وسيتطلب سوق العمل الآن وفي المستقبل إثبات على أن الشخص المتقدم لوظيفة معينة لديه المهارات والمعرفة المطلوبة. هذا جزء مهم مما تفعله المؤسسات التعليمية حالياً وسيظل كذلك في المستقبل.
سيتطور التعليم فى المستقبل وعلى كافة الأنظمة التعليمية المختلفة ليس فقط فى المحتوى ولكن سيتطور من حيث الأساليب المتبعة لتقديم العلم ونقل المعرفة. ستكون الجامعات والمؤسسات التعليمية قادرة على تقديم المحتوى للطالب بشكل مختلف وتقديم تجربة تعليمية إستثنائية ومختلفة بأساليب مبتكرة وغير تقليدية. التعليم سيصبح أكثر مرونة ليتمكن الطلاب أو الموظفيين من تحصيل العلم وتصقيل مهاراتهم ومعرفتهم. سيتكمن الموظف الحالى من الحصول على شهادات إضافية صغيرة لتمكنه من مواكبة التغيرات الطارئة على سوق العمل الحالى ومن أكثر من مصدر وبطرق مختلفة وبأسلوب مرن يتماشى ويتناسب مع طبيعة حياته المتغيرة وبالتالى يصبح التعلم مدى الحياة نهج شائع.
كما ستكون المؤسسات التعليمية قادرة على تطبيق التعلم المتمحور حول الطلاب بشكل أكبر حيث يجب تطبيقه فى شتى أنظمة التعليم فنجد ان عندما نركز على المتعلمين ونتواصل مع إهتماماتهم وإحتياجاتهم وأهدافهم، يمكننا إنشاء تجارب مختلفة ومبتكرة تثير فضولهم وتشجعهم على تنفيذ افكارهم وبالتالى تحقيق النجاح فى مجالاتهم المختلفة. هذا الاسلوب يساعد الطالب على تحقيق إستقلاليته التعليمية وذلك عن طريق تلقينه المهارات والأساسيات اللازمة فى موضوع أو تخصص معين. الجدير بالذكر ان التعليم المتمحور حول الطلبة يقر بالفروق الفردية لدى كل متعلم ويأخذ فى الإعتبار إهتمامات وقدرات ومهارات كل طالب وبالتالى مراعاة الفروق فى الأساليب المتوفرة لتقديم المحتوى التعليمى له.
يجب ايضاً على الجامعات والمؤسسات التعليمية فى شتى الانظمة التعليمية التعاون مع بعضهم بعض مع وضع مصلحة الطالب كأولوية وهدف وذلك ممكن تحقيقه من خلال إعتراف المؤسسات التعليمية بالاعتمادات والشهادات الدراسية المُحصلة من مؤسسات تعليمية أو جامعات اخرى.
هناك تحدى سوف يستمر فى حين لم نتمكن من توفير أساليب فعالة لتفاديه الا وهو كيفية إجراء الإختبارات والتقييم. فيجب على الأنظمة التعليمية المختلفة الوصول الى طرق لضمان الشفافية في التعليم عبر الإنترنت وأيضًا في خضم الوصول السهل إلى المعرفة ومع وجود الشركات التي يمكنها عرض خدماتها بسهولة على الطلاب (كونهم عملاء) للقيام بمشاريعهم بمقابل مادى. هناك الكثير من الشركات التي تقدم تلك الخدمات فيجب وضع ظوابط رادعة لهذه الظاهرة. كما يجب الأخذ فى الإعتبار طبيعة ونوعية وتخصص كل مادة، وتحديد زمن الاختبار المناسب لها، إلى جانب وجود معايير واضحة ولوائح منظمة للاختبارات الإلكترونية ونشرها لكل المتقدمين والتعامل معها وفق اللوائح والنظم لتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المُختبرين ولكل التخصصات.
أخيراً وليس آخراً يجب الإعتماد على التكنولوجيا بشكل مكثف فى جميع الأنظمة التعليمية لإن هذا هو مستقبل سوق العمل فيجب تطبيقه فى مرحلة مبكرة وإتاحة أحدث الاساليب التكنولوجية لتقديم محتوى تعليمى فريد للطلبة فى شتى المجالات والتخصصات.