مجالس الإدارة في الشرق الأوسط تواصل ترسيخ دورها كمحرّكات للقيمة الاستراتيجية ورافعة للتحول الإقليمي رغم استمرار تحديات الفعالية
- 48 % من أعضاء مجالس الإدارات يرون أن مجالسهم تؤدي دوراً محورياً في رفع الأداء المؤسسي وتعزيز القيمة طويلة الأجل
- 94 % يشيرون إلى وجود عمليات فعّالة داخل مجالسهم، لكن جودة المعلومات (41%) وصلابة أطر اتخاذ القرار (38%) لا تزال تحدّ من القدرة على اتخاذ قرارات سريعة ومرنة
- 38 % فقط من مجالس الإدارات تمنح الأولوية للنقاشات المستقبلية خلال اجتماعاتها، ما يؤكّد الحاجة لتعزيز التركيز على المستقبل
- 98 % من مجالس الإدارات في الشرق الأوسط تتماشى مع أولويات التحول الوطنية، مثل رؤية السعودية 2030، ورؤية الإمارات 2050، إلا أن معظمها يصف دوره بأنه “مساهم” وليس “قائداً”
كشفت “Board Intelligence”، أكبر شركة متخصصة في مجال تكنولوجيا واستشارات مجالس الإدارة، في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، اليوم، عن النسخة الأولى من مؤشر قيمة مجالس الإدارة (BVI)، لمنطقة الشرق الأوسط، الذي يتناول كيفية مساهمة المجالس في تعزيز قيمة المؤسسات في المنطقة.
ويستند المؤشر إلى بيانات من أعضاء مجالس الإدارات، في شركات يتجاوز حجم إيراداتها 50 مليون جنيه إسترليني، في منطقة الشرق الأوسط. ويهدف إلى تتبع القيمة التي تقدّمها المجالس لمؤسساتها، وتحديد التحديات الرئيسة التي تواجهها، واستكشاف الفرص التي يمكن أن تعزز مساهمتها في النجاح على الأمد الطويل.
ويُعدّ إصدار أول مؤشر لقيمة مجالس الإدارة في الشرق الأوسط، نقطة تحوّل في مسار تطوّر الحوكمة في المنطقة، إذ يكشف عن جيل جديد من المجالس التي تتحول من الرقابة التقليدية القائمة على الامتثال، إلى لعب دور استراتيجي محوري في بناء القيمة طويلة الأجل.
جيل جديد من المجالس الواثقة والعالية الكفاءة
يرى نحو نصف أعضاء المجالس (48%) ممن شملهم الاستطلاع، أن مجالسهم تؤدي دوراً محورياً في بناء القيمة، في إشارة إلى الثقة المتنامية بقدرة المجالس على إدارة المخاطر وتعزيز الأداء المؤسسي.
ويسلط المؤشر الضوء على وجود مجالس فعّالة ومنسجمة وذات كفاءة عالية، إلا أنها ما تزال مقيّدة بتحديات تتعلق بجودة المعلومات وبسير العمليات. ورغم أن (94%) من المشاركين، وصفوا عمليات مجلس الإدارة بأنها فعّالة، إلا أن (41%) أشاروا إلى ضعف جودة المعلومات، فيما رأى (38%) أن صرامة أطر اتخاذ القرار، تشكل حاجزاً أمام اتخاذ قرارات مرنة وسريعة.
ويشكّل هذا الشعور بالثقة، فرصة مهمة للشركات في المنطقة، لتعزيز ممارسات الحوكمة، ما يسمح للمجالس بالعمل وفق رؤية أكثر استشرافاً، واستناداً إلى تحليلات أعمق. وللاستفادة من هذه الفرصة والحفاظ على الزخم، سيحتاج الأعضاء إلى تطوير آليات استثمار الوقت، وتحسين جودة المعلومات، وزيادة مرونة أطر اتخاذ القرار، ما يعزز القدرة على الاستعداد لمواجهة المخاطر، والاستجابة الاستراتيجية.
المجالس تركز على الماضي أكثر من المستقبل
يكشف مؤشر قيمة مجالس الإدارة، أن معظم المجالس لا تزال تركز بشكل أكبر على مراجعة الأداء السابق، بدلاً من التركيز على التخطيط للمستقبل. إذ أفاد (21%) فقط من الأعضاء، بأنّ اجتماعاتهم تتوزع بالتساوي بين النظر إلى الماضي والتخطيط للمستقبل، بينما يقضي (41%) وقتاً أطول في مراجعة الأداء السابق، ويعتمد (38%) فقط، نهجاً مستقبلياً أكثر وضوحاً.
ويشير هذا الخلل إلى أن معظم المجالس لم تَمنح بعد الأولوية للنقاشات الاستراتيجية بعيدة الأمد، ما يدل على فرصة كبيرة لتطوير كيفية استثمار وقت المجالس، ووضع أجندة أكثر تركيزاً على المستقبل، قائمة على الابتكار والاستراتيجية، وتعزيز القيمة على المدى الطويل.
وفي هذا الصدد،قالت بيبا بيج، الرئيس التنفيذي لشركة “Board Intelligence”: “يسعدنا أن نطلق النسخة الأولى من مؤشر قيمة مجالس الإدارة في الشرق الأوسط، في وقت تدخل فيه مجالس الإدارة في المنطقة مرحلة جديدة من الثقة الاستراتيجية، فمع تطوّر الاقتصادات وتسارع وتيرة التكامل الإقليمي، تجاوزت المجالس دور الرقابة التقليدية، لتصبح ركائز أساسية في توجيه الأداء، ودعم مسارات التقدّم الوطني.
ويكمن التحدي، الآن، في تحويل هذه الثقة المتنامية إلى قدرة على التطلّع إلى الأمام، ففي عالم يشهد تغيرات بإيقاع متسارع، تبرز قيمة المجالس التي تحوّل الرؤية إلى استشراف للمستقبل، والحوكمة الرشيدة إلى نمو ملموس”.
التوافق مع أجندات التحول الإقليمي
كشفت الدراسة أن مجالس الإدارة في الشرق الأوسط، تتماشى بشكل كبير مع أولويات التحول الوطني والإقليمي:
- التكامل والتنوع في الشرق الأوسط: يرى (48%) من مجالس الإدارات، أنّ مجالسهم تسهم بفاعلية في قيادة أجندة التكامل والتنوع الاقتصادي في المنطقة، بينما يعتبر (50%) أنفسهم مساهمين مشاركين. وتظهر النسبة الكلية (98%) مستوى عالياً من التوافق، لكنها في الوقت ذاته تكشف أن هناك فرصة للمزيد من مجالس الإدارات للانتقال من دور المشاركة، إلى دور القيادة.
- التوافق مع استراتيجيات التحول الوطنية: قال (60%) إنّ مستوى التوافق عالٍ جداً، مع إدماج أجندات التحول الوطني مثل رؤية السعودية 2030، ورؤية الإمارات 2050، بشكل كامل ضمن استراتيجيات شركاتهم، فيما أشار (37%) إلى توافق متوسط، وهذا يدل على التزام واسع، لكن بدرجات متفاوتة.
- استشراف الأوضاع الجيوسياسية والاستعداد للمخاطر: (58%) من المديرين في الشرق الأوسط، أكّدوا أن مجالس إداراتهم تمتلك قدرة عالية على توقّع التحولات الجيوسياسية، بفضل التخطيط الاستشرافي، والنمذجة المتقدمة للمخاطر، في حين ذكر (41%) أنهم يمتلكون قدرة متوسطة، ما يعني أنهم يتمتعون بالقدرة على الاستجابة أكثر من الاستشراف. ويؤكّد ذلك أهمية وجود أجندات لدى المجالس، أكثر انفتاحاً على المستقبل، وقائمة على رؤى مدعومة بمعلومات عالية الجودة، لتعزيز القدرة على اتخاذ قرارات استباقية.
- المرونة السيبرانية وإدارة المخاطر: أعرب (60%) من المشاركين، عن ثقتهم الكبيرة بقدرة مجالسهم على الإشراف والاستجابة بفاعلية، لحوادث كبرى في الأمن السيبراني أو خروقات البيانات، بما يتماشى مع متطلبات المنطقة في الحماية والخصوصية، مشيرين إلى وجود بروتوكولات قويّة وآليات استجابة واضحة. أما النسبة الباقية وهي (40%)، فقد عبّرت عن ثقة متوسطة، ما يشير إلى أنّ الرقابة موجودة، لكنها تحتاج إلى مزيد من الهيكلة. ولم يُبْدِ أيّ من المشاركين ثقة منخفضة، ما يعكس كفاءة مؤسسية راسخة، رغم تباين درجات القدرة على إدارة المخاطر.
- إدارة العلاقات مع الجهات السيادية: أفاد (61%) من أعضاء مجالس الإدارات، بأنهم يشعرون بثقة كبيرة في قدرة مجالسهم على إدارة العلاقات مع الشركاء من الجهات السيادية والحكومية، مثل الجهات التنظيمية، وهيئات الاستثمار، والمساهمين الحكوميين، مستشهدين بوجود آليات تواصل منتظمة. بينما عبّر (39%) عن ثقة نسبية، واصفين إدارة العلاقات بأنها فعّالة لكنها غير رسمية. وتشكل هذه النتائج نسبة ثقة صافية تبلغ 100% بين مجالس الإدارات في الشرق الأوسط، ما يعكس مستوى عالياً من الثقة المؤسسية، والدور الاستراتيجي المتنامي للمجالس في دعم الشراكات الوطنية.
تقدّم هذه النتائج صورة واضحة عن ثقافة مجالس الإدارة في المنطقة، وهي ثقافة تتسم بالثقة والانضباط والهدف، لكنها في الوقت نفسه تتطوّر لتنتقل من مجرد التوافق مع التوجهات الوطنية، إلى القدرة على الاستشراف والقيادة.
ومع استمرار اقتصادات المنطقة في التنويع والرقمنة، تستعد مجالس الإدارة في الشرق الأوسط، لقيادة المرحلة المقبلة من التحول، عبر تطوير الثقة إلى رؤية، وتعزيز الارتباط الاستراتيجي بالأجندات الوطنية والسيادية، وترجمة الحوكمة الرشيدة إلى قيمة طويلة الأجل.

