مبادرة الحضارة العالمية تضخ زخما جديدا في التبادلات الحضارية الصينية العربية

بقلم: باي يوي إعلامي صيني
في عام 2024، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين مشروع القرار الذي قدمته الصين، معلنة العاشر من يونيو من كل عام يوما دوليا للحوار بين الحضارات، بهدف تعزيز إدراك المجتمع الدولي لقيمة تنوع الحضارات، وتشجيع الحوار المتكافئ والاحترام المتبادل بين الحضارات، وتعزيز التضامن العالمي، مما أسس نموذجاً يحتذى به في التبادلات والتفاهم المتبادل بين مختلف الحضارات.
لطالما حققت الحضارتان العريقتان، الصينية والعربية، تعاوناً وتبادلاً قائماً على الكسب المشترك في خضم التحولات العالمية. في مارس 2023، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحضارة العالمية، وفي ديسمبر من نفس العام، وقعت وزارة الثقافة والسياحة الصينية مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية “البيان المشترك حول تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية”، حيث أطلقت الحضارتان العريقتان الصوت الموحد بشأن تعميق الحوار والتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات، الأمر الذي جعل العالم العربي أول منطقة في العالم وقعت مع الصين بيانا مشتركا لتنفيذ مبادرة الحضارة العالمية. مما رسّخ نموذجاً للتبادل والتفاهم المتبادل بين الحضارات المختلفة.
وفي إطار منتدى التعاون الصيني العربي، تم إنشاء آليات متعددة للحوار والتواصل مثل ندوة الحوار الحضاري الصيني العربي، ومنتدى الإصلاح والتنمية الصيني العربي، ومنتدى التعاون الإعلامي الصيني العربي، ومنتدى التعاون الصحفي الصيني العربي، مما يعزز باستمرار تبادل الخبرات في مجالات الحوكمة والإدارة، ويمهد الطريق أمام التنمية المستقرة للعلاقات الصينية العربية.
ومؤخراً، عُقدت القمة الـ34 لجامعة الدول العربية في العاصمة العراقية بغداد. وقد أرسل الرئيس الصيني شي جين بينغ رسالة تهنئة إلى رئيس القمة، الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ، أعرب فيها عن تقديره للإنجازات الإيجابية التي حققتها الجامعة العربية خلال الثمانين عاماً الماضية، وتطلعه إلى مستقبل مشرق للعلاقات الصينية العربية. وتُعد هذه المرة الحادية عشرة على التوالي التي يوجه فيها الرئيس شي رسالة تهنئة إلى قمة الجامعة العربية، ما يعكس عمق ودفء الصداقة الصينية العربية.
في الوقت الحالي، يتسارع تطور التغيرات العالمية الكبيرة، وتشهد التحولات العالمية والتغيرات الزمنية والتحولات التاريخية بطرق غير مسبوقة، حيث دخل العالم مرحلة جديدة من الاضطراب والتغيير. تتكرر الصراعات بين فلسطين وإسرائيل، وتتعرض غزة للدمار، وخلف كل هذه الفوضى تكمن أيدي الهيمنة. و تسعى بعض القوى الكبرى للحفاظ على هيمنتها من خلال اتباع سياسات أحادية ونهج سياسي قوي، وتكثيف التوترات الأيديولوجية، مما يشكل انحرافًا خطيرًا عن الاتجاه العام للتقدم البشري ولا يتوافق مع الاتجاه العام للمصير المشترك للمجتمع الدولي.
وفي المقابل، تلتزم الصين دائمًا بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وتحافظ بحزم على النظام الدولي القائم على الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على القانون الدولي. تعمل الصين مع الدول العربية على دفع بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، حيث نجحت الصين في التوسط لتحقيق المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران، مما شكل نموذجًا جديدًا لحل القضايا الساخنة سياسيًا. وفي قضية فلسطين وإسرائيل، تسعى الصين بنشاط للتوسط وتعزيز الحوار، وزيادة المساعدات الإنسانية، ودفع مجلس الأمن الدولي إلى تبني أول قرار منذ بدء الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كما أصدرت الصين في العديد من المناسبات الدبلوماسية ” موقف الصين من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي” و”البيان المشترك بين الصين والدول العربية بشأن القضية الفلسطينية”. تلعب الصين دورًا كبيرًا في الحفاظ على السلام والتنمية، وتضفي على العالم المتغير المضطرب الاستقرار واليقين والطاقة الإيجابية.
تمثل الحضارتان الصينية والعربية نموذجًا يُحتذى به في التفاعل والتكامل بين نظم حضارية مختلفة. ومع انتقال العلاقات الصينية العربية إلى مرحلة جديدة، أصبحت التبادلات الثقافية بين الجانبين أكثر ازدهارًا وتنوعًا.
أصبحت سياسات الإعفاء من التأشيرات التي اعتمدتها المغرب، الإمارات، قطر، وتونس تجاه المواطنين الصينيين جسرًا لتقريب المسافات بين الجانبين. في هذا العام، ازداد عدد السياح الصينيين المتوجهين إلى الدول العربية بشكل كبير، كما تضاعف عدد الرحلات الجوية بين مصر والسعودية والصين مقارنة بعام 2019.
في يونيو من هذا العام، دخلت سياسة الإعفاء من تأشيرة الدخول التي أقرتها الصين لصالح أربع دول هي السعودية وسلطنة عُمان والكويت والبحرين حيز التنفيذ رسمياً، مما وسّع دائرة أصدقاء الصين القادمين إليها.
على مدى العامين الماضيين، استمرت مبادرات مثل مشروع ترجمة ونشر الكلاسيكيات الصينية العربية ومشروع “عبق الكتب على طريق الحرير” في تحقيق نجاح ملحوظ، حيث حظيت معارض الكتب الصينية في دول مثل المغرب والإمارات بإقبال كبير من الجماهير المحلية وأثارت اهتمامًا متزايدًا بالثقافة الصينية. في الوقت نفسه، نُظمت معارض لآثار الدول العربية في مدن صينية مثل بكين ونانجينغ وشانغهاي، مما أتاح للجمهور الصيني فرصة لاستكشاف الجوانب الفريدة للحضارة العربية. كما ساهمت الفعاليات الثقافية مثل مهرجانات الفنون والأفلام في تعزيز التواصل الإنساني بين شعبي الجانبين.
وبالنظر إلى المستقبل، ومن أجل التنفيذ المشترك لمبادرة الحضارة العالمية، وتقديم إرشاد حضاري لتطور الأوضاع الإقليمية، والمساهمة بشكل أكبر في مواجهة التحديات العالمية، سيواصل الجانبان الصيني والعربي ترسيخ وتطوير العلاقات الثنائية، وتعميق أواصر الصداقة، وتعزيز التعلم المتبادل، وتحقيق حلم نهضة الأمة في الصين والدول العربية بشكل مشترك.
بقلم: باي يوي إعلامي صيني