لماذا تسعي تركيا وراء الانضمام الي البريكس
في ظل الإحباط الناتج عن عدم تحقيق تقدم في مساعيها المستمرة منذ عقود للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تقدمت تركيا بطلب رسمي للانضمام إلى مجموعة بريكس. وتهدف هذه الخطوة، وفقاً لمصادر مطلعة، إلى تعزيز نفوذ تركيا على الساحة الدولية وتطوير علاقات جديدة بعيداً عن حلفائها الغربيين التقليديين.
ويشير المسؤولون في إدارة أردوغان إلى أن مركز الثقل الجيوسياسي يتجه بعيداً عن الاقتصادات المتقدمة، وأن الانضمام إلى بريكس قد يسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية لتركيا مع كل من روسيا والصين.
فتحت تركيا مقرات لعشرات البعثات الدبلوماسية في أفريقيا وأميركا اللاتينية إذ يسعى أردوغان للعب دور رئيسي في الشؤون العالمية. كما وعد أن تكون تركيا أول دولة من حلف الناتو تنضم إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وهي مجموعة أمنية دولية بقيادة الصين كانت تركز نشاطها أساساً على دول آسيا الوسطى، ولكنها تتوسع الآن نحو الشرق الأوسط.
كما تعيق استراتيجية أردوغان في الحفاظ على توازن العلاقات بين روسيا والغرب الجهود الغربية الرامية إلى تشكيل جبهة موحدة للضغط على موسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
في يوليو، حذر أردوغان الدول الأعضاء في “الناتو” من اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى جر الحلف إلى الحرب. كما حذر مسؤولون أميركيون بشكل متكرر من أن الكيانات التركية قد تواجه خطر انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على المؤسسات الروسية وحركة حماس. ومع ذلك، إذا مارست الولايات المتحدة ضغوطًا كبيرة على أردوغان، فقد يؤثر ذلك سلبًا على العلاقات مع دولة تعتبرها الولايات المتحدة شريكًا استراتيجيًا في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.
ماذا لو انضمّت تركيا إلى مجموعة بريكس؟
إذا حدث ووُجّهت دعوة انضمام لتركيا، فستكون بذلك أول دولة عضوة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تحمل عضوية في تحالف اقتصادي غير غربي تقوده روسيا والصين.
تُعتبر الأزمة الاقتصادية الحادة في تركيا واعتمادها على الاستثمارات الأجنبية من العوامل التي تدفع أنقرة نحو تحقيق توازن جيوسياسي.
ويحتل الاقتصاد التركي المرتبة السابعة عشر عالميًا، وفقًا لإحصاءات صندوق النقد الدولي لعام 2023.
ومع ذلك، سجل مؤشر أسعار المستهلك، الذي يُستخدم لقياس معدل التضخم وتكاليف المعيشة، في تركيا نسبة 71.6%، مما يجعلها في مرتبة متقدمة بعد زيمبابوي والأرجنتين والسودان وفنزويلا، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
تشير جميع استطلاعات الرأي الحديثة إلى أن تكلفة المعيشة تُعد الهمّ الأكبر بالنسبة للأتراك.
يستمر الرئيس أردوغان في الضغط على البنك المركزي التركي للحفاظ على انخفاض تكاليف الاقتراض.
من وجهة نظره، يعتبر أردوغان أن معدلات الفائدة هي السبب الرئيسي، وأن التضخم ينجم عن ذلك؛ ومع ذلك، فقد قام بتغيير السياسة الاقتصادية
اعتبر سنان أولغن، الباحث المشارك في مركز كارنيغي في أوروبا، أن “الحكومة التركية تواصل تعزيز علاقاتها مع الدول غير الأعضاء في التحالف الغربي، بما يتماشى مع الاستقلال الاستراتيجي الذي تسعى إليه تركيا”.
كما أشار إلى أن “المبادرة تحمل طابعًا اقتصاديًا جزئيًا أيضًا”، موضحًا أنها “تهدف إلى تحقيق تأثير إيجابي على العلاقات الاقتصادية الثنائية مع هذه الدول”.
ومع ذلك، يرى أولغن أن دول بريكس تشكل “منصة” اقتصادية غير ملزمة، حيث لا تفرض التكامل بين أعضائها كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، الذي تسعى أنقرة للانضمام إليه منذ عام 1999.
ولم يفوت إردوغان الفرصة للحديث عن هذا الموضوع الشهر الماضي، مشيرًا إلى أن “الذين يقولون لا تنضموا إلى بريكس هم نفسهم الذين جعلونا ننتظر لسنوات على أبواب الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف بعد عودته من الأمم المتحدة في نيويورك: “لا يمكننا أن نفصل أنفسنا عن العالم الإسلامي أو الناطقين بالتركية لمجرد أننا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي”. وأكد أن “بريكس وآسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا) توفران لنا فرصًا لتعزيز تعاوننا الاقتصادي”.