كيف أنقذت شركة “سيغا” منافستها “إنفيديا” بقرار غير متوقع؟
في مقابلة مطوّلة مع برنامج “The Joe Rogan Experience”، قدّم جينسن هوانغ، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، صورة غير متوقعة عن الجانب الإنساني خلف أكبر شركة مدرجة في العالم من حيث القيمة السوقية، فبالرغم من أن إنفيديا تجاوزت حاجز 5 تريليونات دولار بفضل ثورتها في رقائق الذكاء الاصطناعي، يؤكد هوانغ أن النجاح لم يُزل عنه التوتر والخوف من الفشل، بل ما زال يشعر بالهشاشة ذاتها التي رافقته منذ تأسيس الشركة في التسعينيات، وأوضح أن فكرة “الانهيار الوشيك” لا تفارقه، وأنه عاش عقودًا وهو يردد أن الشركة تبعد “٣٠ يومًا فقط عن الخروج من السوق”، سواء في بداياتها أو في ذروة نجاحها.
هوانغ كشف أن القلق ليس مجرد شعور عابر، بل هو جزء جوهري من طريقة تفكيره، مشيرًا إلى أن الإحساس بالضعف وعدم اليقين لم يغادره قط، وأكد أن حافزه الأكبر ليس الرغبة في تحقيق النجاح بقدر ما هو الخوف من السقوط، وقال إن تجنب الفشل كان دائمًا دافعه الحقيقي، أكثر من أي طموح للربح أو المجد، وهو ما يسلّط الضوء على الجانب النفسي الذي يحرّك كبار رواد الأعمال حتى بعد وصولهم إلى قمم هائلة.
وتوقف هوانج عند واحدة من أخطر اللحظات في تاريخ الشركة، عندما اكتُشف خلل قاتل في أول تقنية رسوميات طوّرتها إنفيديا لصالح شركة سيغا في منتصف التسعينيات، ومع تضاؤل السيولة المتبقية، اضطر هوانج للسفر إلى اليابان والاعتراف بأن الشريحة غير قابلة للعمل، في خطوة بدت كأنها نهاية محتومة للشركة الناشئة، لكن المفاجأة كانت قرار سيغا تحويل المبلغ المتبقي في العقد، والبالغ 5 ملايين دولار، إلى استثمار مباشر، ما منح إنفيديا فرصة ذهبية للبقاء والاستمرار.
وأشار هوانج إلى أن هذه المواقف المريرة شكّلت شخصيته، معتبرًا أن المعاناة جزء أساسي من الطريق إلى النضج، وأنها تعيد بناء نظرة الإنسان للعالم، وقال إنه ينصح الطلاب دائمًا بألا يخافوا من مواجهة الألم والصعوبات، لأنها تصنع المرونة والنضج الحقيقي، وذكّر بتصريح سابق له في ستانفورد حين دعا إلى “جرعات كافية من الألم والمعاناة” لصقل التجارب الحياتية.
اقرا ايضا: الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا: ثورة الروبوتات الشبيهة بالبشر على الأبواب
وتطرق هوانغ أيضًا إلى جانب شخصي مؤثر يتعلق بانضمام اثنين من أبنائه إلى إنفيديا بعد سنوات من اتباع مسارات مختلفة تمامًا. فابنته ماديسون درست فنون الطهي، بينما خاض ابنه سبنسر تجارب في التسويق وأدار حانة في تايوان قبل عودتهما للعمل في الشركة. وقال إن وجودهما إلى جانبه اليوم يجعله يشعر بترابط عائلي جديد، وأضاف بابتسامة إنه بات يعمل يوميًا مع اثنين من أبنائه، وهو ما يضيف الكثير من الجهد، لكنه يمنح التجربة معنى مختلفًا.
بهذه الصراحة، كشف هوانج أن النجاح الضخم لا يمحو المخاوف، بل قد يجعلها أكثر وضوحًا، وأن المحركات العميقة للإنسان تبقى كما هي حتى بعد بلوغ أعلى درجات الإنجاز.



