«كوب 29» يسلط الضوء على أهمية التمويل لمواجهة تحديات المناخ.
بدأت محادثات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 29) يوم الاثنين في باكو، أذربيجان، حيث انطلقت النقاشات مباشرة نحو القضايا المالية، في ظل السعي لإظهار أن التعاون العالمي لمكافحة تغير المناخ “لم يتوقف”. ورغم أن فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية ألقت بظلالها على القمة، بسبب تهديده بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، إلا أن تصريح المبعوث الأميركي للمناخ، جون بوديستا، كان لافتاً، حيث أشار إلى أن فوز ترمب كان مخيباً للآمال بالنسبة لأنصار قضايا المناخ، لكن الجهود لمكافحة الانحباس الحراري العالمي ستستمر في الولايات المتحدة.
يُعقد هذا المؤتمر بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات، في ظل تحذيرات جديدة تشير إلى أن عام 2024 قد يكون الأكثر حرارة على الإطلاق. مما يزيد من أهمية هذه النقاشات التي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق حول تمويل المناخ. تأتي هذه المحادثات في إطار الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة بشأن المناخ، حيث تم التأكيد على ضرورة الانتقال إلى المرحلة الأكثر تعقيدًا المتعلقة بالتمويل. وقد تخللت هذه الاجتماعات خطابات حماسية ومناشدات عاجلة وتعهدات بالتعاون، رغم التحديات الناتجة عن تغيرات سياسية جذرية وحروب عالمية وصعوبات اقتصادية.
اتفاق جديد
انطلقت الدورة التي تمتد لأسبوعين، والمعروفة باسم “كوب 29″، مباشرة إلى الموضوع الرئيسي الذي يشغل الأذهان، وهو السعي للتوصل إلى اتفاق جديد يحدد كيفية ضخ مئات المليارات – أو حتى تريليونات – الدولارات سنوياً من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة، بهدف مواجهة تغير المناخ والتكيف معه.
ومع ذلك، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ألقت بظلالها على لقاء “باكو”، حيث تزايدت المخاوف من أن خروج واشنطن المحتمل من اتفاق باريس للمناخ، الذي تم توقيعه في عام 2015 للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، قد يؤدي إلى تراجع الطموحات خلال المفاوضات.
خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، أشار الرئيس الأذربيجاني مختار باباييف إلى أن هذا الحدث يمثل “لحظة الحقيقة” لاتفاق باريس الذي تم توقيعه في عام 2015. وأوضح قائلاً: “نحن نسير نحو الخراب. المسألة ليست متعلقة بمشكلات مستقبلية؛ فالتغير المناخي واقع قائم. يجب علينا الآن أن نثبت استعدادنا لتحقيق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا، وهذه ليست مهمة سهلة”.
من جانبه، أكد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، أن تمويل الدول الغنية لمشاريع العمل المناخي ليس “عملاً خيرياً”، بل هو “في مصلحة الجميع”، داعياً إلى ضرورة “إظهار أن التعاون العالمي لا يزال مستمراً”.
كما أضاف رالف ريغنفانو، المبعوث الخاص لفانواتو لتغير المناخ والبيئة، قائلاً: “لا يمكننا تحمل تبعات تراجع الزخم العالمي في مواجهة تغير المناخ”. وأكد أن “هذه قضية مشتركة، ولن تُحل دون تعاون دولي، وسنستمر في طرح هذه المسألة أمام الرئيس المقبل لأحد أكبر الدول المسببة للتلوث في العالم”. ومن المتوقع أن يحضر المؤتمر عدد محدود من زعماء مجموعة العشرين.
وصف جون بودستا، مبعوث الولايات المتحدة للمناخ في قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ “كوب 29″، فوز ترامب بأنه “خيبة أمل مريرة” بالنسبة للمدافعين عن حماية المناخ، لكنه أكد أن الجهود لمواجهة الاحتباس الحراري ستستمر في الولايات المتحدة.
تسعى الدول النامية للحصول على تريليونات الدولارات، وتؤكد أن معظم هذه الأموال يجب أن تكون منحاً وليس قروضاً. وتحذر من أنه في حال عدم تقديم هذه الأموال من قبل الدول بحلول بداية العام المقبل، ستواجه صعوبة في تقديم تحديثات طموحة لأهدافها المناخية. في المقابل، ترغب مجموعة صغيرة من الدول المتقدمة التي تقدم مساهماتها حالياً في توسيع قاعدة المانحين. ومع ذلك، ستجري هذه المناقشات في سياق جيوسياسي مضطرب، يتضمن الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، والحروب التجارية بين الغرب والصين، بالإضافة إلى التقشف في ميزانيات عدة دول متقدمة، وفوز ترامب بالرئاسة.
تحذير من الصين
أصدر مسؤول صيني تحذيراً خلال جلسة مغلقة، مشيراً إلى أن المحادثات لا ينبغي أن تهدف إلى “إعادة التفاوض” على الاتفاقات الحالية. من جانبه، دعا ليانغ بي، المسؤول في وزارة البيئة الصينية، المفاوضين إلى معالجة “أزمة المناخ بشكل جماعي وبنّاء”.
تأتي هذه المحادثات في وقت تتزايد فيه التحذيرات من أن العالم بعيد عن تحقيق أهداف اتفاق باريس. يهدف هذا الاتفاق إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين، مع السعي للحد منها إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بالفترة بين 1850 و1900. ومع ارتفاع درجات الحرارة الذي بلغ حوالي 1.3 درجة مئوية، بدأ العالم يشهد سلسلة من الظواهر المناخية المتطرفة، في عام يُتوقع أن يكون الأكثر حرارة على الإطلاق.
أفادت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك قائلة: “يدرك الجميع أن هذه المفاوضات لن تكون سهلة، لكن الجهد المبذول يستحق؛ فكل عُشر درجة من الاحترار يتم تجنبه يعني تقليل الأزمات والمعاناة والنزوح”. ومن المتوقع أن يشارك أكثر من 51 ألف شخص في المحادثات التي ستعقد من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.