مقالات

قمة الآسيان-الصين-مجلس التعاون الخليجي تفتتح فصلًا جديدًا من التعاون

باي يوي إعلامي صيني

قمة ثلاثية تاريخية تفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين الآسيان والصين ودول الخليج

كوالالمبور:باي يوي إعلامي صيني


شهدت العاصمة الماليزية كوالالمبور انعقاد أول قمة رسمية ثلاثية بين رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وجمهورية الصين الشعبية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، في خطوة وُصفت بأنها تمثل انطلاقة جديدة نحو شراكة استراتيجية ثلاثية شاملة.

وقد اختُتمت القمة ببيان مشترك، عبّر فيه القادة عن عزمهم على تعزيز التعاون وتوسيع مجالات الشراكة، تحت شعار “خلق الفرص معًا وتقاسم الازدهار”، ما يعكس رغبة الأطراف في تجاوز التحديات العالمية وتعميق التكامل الاقتصادي.

تعاون بثقل تاريخي واقتصادي

تستند العلاقات بين الصين، الآسيان، ودول الخليج إلى تاريخ طويل من التبادل التجاري والثقافي يمتد من طريق الحرير القديم إلى مبادرة “الحزام والطريق” الحديثة. وأسهمت هذه الخلفية المشتركة، إلى جانب تنامي العلاقات في السنوات الأخيرة، في إرساء أسس متينة للحوار والتفاهم.

ويأتي هذا التعاون الثلاثي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤًا وتغيرات جيوسياسية عميقة، مما يجعل إنشاء منصة ثلاثية للحوار والتنسيق بمثابة خطوة استراتيجية نحو مستقبل اقتصادي أكثر توازنًا واستدامة.

كتلة اقتصادية عالمية جديدة

تُشكّل الدول الثلاث تكتلاً اقتصاديًا ضخماً، إذ:

  • تضم آسيان أكثر من 700 مليون نسمة، وتعد مركزًا صناعيًا وسوقًا استهلاكيًا متناميًا.
  • تمتلك دول الخليج احتياطيات هائلة من الطاقة وصناديق سيادية ضخمة، وتسعى بجد نحو تنويع اقتصادي مستدام.
  • تحتل الصين موقعًا رياديًا عالميًا في الصناعة، الابتكار التكنولوجي، والبنية التحتية.

وبحسب تقديرات البيان المشترك، فإن هذا التكتل الثلاثي يمثل نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويخدم قاعدة سكانية تتجاوز 2.1 مليار نسمة، ما يجعله قوة مؤثرة في الاقتصاد العالمي ونموذجًا للتعاون متعدد الأقطاب.

شراكات استراتيجية تتجاوز الحدود

سعى مجلس التعاون الخليجي، عبر هذه القمة، إلى تعزيز حضوره في الأسواق الآسيوية، والاستفادة من الإمكانيات التقنية الهائلة في الصين ودول آسيان، في إطار ما يُعرف بـ”التحول نحو الشرق”، وهو توجه استراتيجي يُسهم في تنويع الشراكات وتقليل الاعتماد على الأسواق الغربية.

وأكد البيان المشترك على أولويات التعاون المستقبلية، وفي مقدمتها:

  • تعزيز مرونة سلاسل التوريد الصناعية
  • دعم التحول الرقمي والتقنيات الخضراء
  • تشجيع الاستثمار في القطاعات الناشئة والمستقبلية
  • الدفع نحو عولمة أكثر انفتاحًا وشمولًا واستدامة

توافق ثلاثي في الرؤى التنموية

جاءت القمة كمحطة جامعة بين ثلاث رؤى تنموية كبرى:

  • مبادرة “الحزام والطريق” الصينية
  • الخطة الرئيسية لربط آسيان الإقليمي 2025
  • رؤية مجلس التعاون الخليجي 2030

هذا التوافق في الرؤى يعزز فرص الاندماج الاقتصادي عبر الأقاليم، ويفتح المجال أمام نماذج تعاون مبتكرة وجريئة في مواجهة الموجات العالمية من الحمائية والانغلاق.

الجنوب العالمي يصنع نموذجه الخاص

تُعد هذه القمة نموذجًا جديدًا لتعاون الجنوب العالمي، حيث تجتمع ثلاثة كيانات اقتصادية من خارج محور الغرب التقليدي لبناء شراكات قائمة على المصالح المشتركة والتنمية المتوازنة.

وبحسب مراقبين، فإن التحول في موازين القوى الاقتصادية العالمية بات واضحًا، وتُظهر هذه القمة كيف يمكن للدول النامية والناشئة أن ترسم مسارها بعيدًا عن الاستقطاب التقليدي، عبر تحالفات مرنة ومتعددة الأطراف.

بقلم: باي يوي إعلامي صيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى