عودة الرجل الأخطر…كيف يتحكم الدولار بالنظام المالي العالمي
هل سبق لك أن تساءلت ماذا تعني كلمة “الدولار”؟ ولعل السؤال الأهم هو: كيف نسيطر على الاقتصاد العالمي؟وبطبيعة الحال، كان الاتفاق بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة على تسعير وبيع النفط بالدولار الأمريكي،
والذي أدى إلى ظهور مصطلح “البترودولار” في السبعينيات، عاملاً مساهماً في قوة العملة. لكنها ليست وحدها.وإذا أردنا قليلا، فإن رئيس الولايات المتحدة ريتشارد نيكسون قد سئم من عواقب الارتباط بين الدولار والذهب، لذلك وقع على الطلاق بين عملة الولايات المتحدة والذهب في عام 1971. وهذا الطلاق مهم في لغة المال.وبالعودة إلى السؤال الأول، معنى كلمة “دولار”. وهي النسخة الإنجليزية من الكلمة الألمانية “ثالر”، وتبدأ القصة في بلدة “ياخيموف” في المنطقة المعروفة الآن باسم “بوهيميا”. مثل جمهورية التشيك.حقائق مثيرة عن الدولار الأميركي،
تشرح سر قوة هذه العملة التي يتوقع أن تبقى مهيمنة على اقتصاد العالم، و”لغة مشتركة”، لا يمكن للدول أن تتفاهم ماليا من دونها.شيء من الواديبين القرن السادس عشر والقرن التاسع عشر كانت الهيمنة للدولار الإسباني الفضي الذي استخدم في العديد من الدول وفي التعاملات التجارية الدولية بحسب تقرير لمجلة ناشونال إنترست، وفي عام 1792 أقر الكونغرس الأميركي قانون سك العملة، ليبدأ إصدار الدولار الأميركي والذي كان مرتبطابالفضة حينها.وفي القرن التاسع عشر بدأ التحول من ربط الدولار بالفضة ليصبح مكافئا لمقدار معين من الذهب، وبعدها بدأ يخفت الاهتمام بالدولار الإسباني في التعاملات لم يحل محله الجنيه الإسترليني حينها، ولكن ما أصبح رائجا هو الدولار الأميركي.
كيف يتحكم الدولار بالنظام المالي العالمي
تؤدي تقلبات الدولار الأميركي إلى تأثيرات واسعة على الاقتصاد العالمي، ومن المحتمل أن تكون إحدى هذه التقلبات الكبيرة قادمة، خاصة في ظل السياسات الاقتصادية التي وعد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، والتي قد تدعم العملة الوطنية، مما قد يسبب مشاكل للنمو في بقية أنحاء العالم، وفقًا لتقرير “إيكونوميست”.
ولم يتضح بعد بشكل دقيق ما هي الأجزاء التي قد ينفذها ترامب من أجندته الاقتصادية، أو ما يرغب في تنفيذه، أو ما يمكنه فعلاً تحقيقه. ومع ذلك، فإن ارتفاعات أسواق الأسهم الأميركية تقدم لنا مؤشرات على توقعات المستثمرين، حيث سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500، الذي يمثل الشركات الكبرى في الولايات المتحدة، أرقامًا قياسية متتالية في 6 و7 و8 نوفمبر/تشرين الثاني، كما تشير الصحيفة البريطانية.
تعزيز الأرباح
يعتقد المتداولون أن الإدارة المقبلة ستساهم في زيادة أرباح الشركات الأمريكية من خلال تخفيض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية، بالإضافة إلى زيادة الاقتراض الحكومي. وقد يؤدي الجمع بين العجز المتزايد والتضخم المتجدد إلى دفع البنك المركزي للحفاظ على معدلات الفائدة عند مستويات أعلى مما كانت ستكون عليه لو لم يصل ترامب إلى السلطة.
ستجعل هذه المعدلات المرتفعة الاحتفاظ بالأوراق المالية المقومة بالدولار أكثر جاذبية، مما يتيح فرصة لتعزيز العملة الأمريكية.
عادةً ما يرتبط ارتفاع قيمة الدولار بضعف التوقعات الاقتصادية العالمية. ومن الأسباب وراء ذلك أن المستثمرين يميلون إلى بيع الأصول ذات المخاطر العالية خلال فترات الاضطراب الاقتصادي، ويتجهون نحو الأصول التي يعتبرونها أكثر أمانًا، مثل الدولار وسندات الخزانة الأمريكية.
أظهرت أبحاث صندوق النقد الدولي المنشورة في عام 2023 أن ارتفاع قيمة الدولار بنسبة 10% يؤدي، بعد مرور عام، إلى انخفاض الناتج في الاقتصادات الناشئة بنسبة 1.9%.
بينما تتأثر الدول الغنية بشكل أقل، إلا أنها لا تزال تشهد انخفاضًا في ناتجها بنسبة 0.6%. وتمتد التأثيرات السلبية للدولار القوي على الاقتصادات الناشئة لمدة عامين ونصف، بينما تستمر لمدة عام واحد فقط على الدول الغنية.
تقلبات الدولار
تتجلى تقلبات قيمة الدولار في الاقتصاد العالمي من خلال قناتين رئيسيتين: التجارة والتمويل.
- التجارة
تؤثر قوة الدولار بشكل كبير على التجارة العالمية، وذلك استنادًا إلى المعطيات التالية:
- يتم أكثر من 40% من التجارة العالمية بالدولار.
- يؤدي ارتفاع قيمة العملة الأميركية إلى زيادة التكاليف على المستوردين، مما يقلل من الطلب على السلع المستوردة ويؤثر سلبًا على حجم التجارة الإجمالية.
- تعتبر تحركات قيمة الدولار في مناطق مثل آسيا وأميركا اللاتينية أكثر أهمية من العملات المحلية. فقد أظهرت دراسة أكاديمية نُشرت في عام 2020 أن ارتفاع قيمة الدولار بنسبة 1% مقابل جميع العملات الأخرى يرتبط بانخفاض بنسبة 0.6% في التجارة بين الدول في بقية العالم، بعد أخذ العوامل الأخرى بعين الاعتبار.
- يؤدي ارتفاع الدولار إلى زيادة التكاليف على مشتري السلع الوسيطة، مما يهدد استقرار سلاسل التوريد الطويلة، وفقًا لبنك التسويات الدولية، الذي يُعتبر بمثابة البنك المركزي للبنوك المركزية العالمية.
2- التمويل
تؤثر زيادة قيمة الدولار على تمويل المالية العامة العالمية، وذلك للأسباب التالية:
بالنسبة للدول والشركات التي اقترضت بالدولار ولا تمتلك مصادر إيرادات بالدولار، فإن ارتفاع قيمة العملة الأمريكية يؤدي إلى زيادة أعباء ديونها وارتفاع تكاليف الفائدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، مع زيادة قيمة الدولار، يجعل الاستثمار في بقية العالم أقل جاذبية.
نتيجة لذلك، يميل رأس المال إلى الخروج من الأسواق الناشئة، مما يضطر هذه الأسواق إلى رفع أسعار الفائدة لجذب الاستثمارات مرة أخرى. وهذا يؤدي إلى تشديد الظروف النقدية وزيادة كلفة الاقتراض، في وقت قد تبدأ فيه اقتصادات هذه الدول في مواجهة تباطؤ التجارة بشكل عام.