عملة بريكس الجديدة وحش اقتصادى يستعد لالتهام عرش الدولار
فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم خلال قمة بريكس السادسة عشرة، عندما عرض نسخة من عملة جديدة أطلق عليها اسم “عملة بريكس”. هذا الأمر أثار جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام الغربية، بما في ذلك دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
ورغم أن هذا الإعلان جاء في وقت مبكر جداً، حيث لا تزال المجموعة الاقتصادية في مراحلها الأولى وتتناقش حول استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية، إلا أنها لم تحقق ذلك بعد، بالإضافة إلى الحديث عن “عملة موحدة للمجموعة”.
من الجدير بالذكر أن طرح عملة موحدة يتطلب إنشاء بنك مركزي خاص بالمجموعة، والذي سيتولى إصدار هذه العملة للدول الأعضاء. وهذا يتطلب أيضاً اتفاقات معقدة بين الدول الأعضاء وإجراءات مالية لم تُنفذ حتى الآن.
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن دول مجموعة بريكس تعمل على الكشف عن عملتها الموحدة، إلا أنه لن يتم تطبيقها في القريب العاجل بسبب وجود مفاوضات جارية بين الدول الأعضاء لتوحيد الإطار القانوني. جاء ذلك بعد إعلان المجموعة عن توسيع عضويتها بقبول انضمام 10 دول شريكة جديدة، كما ورد في البيان الختامي للقمة التي عُقدت في قازان.
عملة بريكس الجديدة
وفي سياق متصل، اقترح بوتين إنشاء منصة مالية جديدة للمجموعة تهدف إلى معالجة التضخم وزيادة الأسعار، ودعم الاقتصاد الوطني لكل دولة من دول بريكس، بالإضافة إلى تأمين المواد الأساسية. هذا الاقتراح يعكس الجهود المستمرة للمجموعة لتوحيد تعاملاتها المالية والتقليل التدريجي من الاعتماد على الدولار الأمريكي في تعاملاتها البينية.
بغض النظر عن الظروف، فإن تقديم عملة موحدة لمجموعة دول بهذا الحجم الكبير سيؤثر بشكل كبير على هيمنة الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية. هذا التأثير سيظهر في التجارة بين الدول وكذلك في السيطرة على الاحتياطيات النقدية للدول حول العالم، مما يمنح الولايات المتحدة قوة اقتصادية مهيمنة. من خلال هذه القوة، تستطيع الولايات المتحدة ليس فقط التحكم في الاقتصاد والسياسة، بل يمكنها أيضًا إضعاف أي اقتصاد منافس باستخدام الدولار والعقوبات الاقتصادية، بالإضافة إلى تجميد أصول الدول بالدولار. وقد شهدنا أمثلة عديدة على ذلك في السنوات الأخيرة، مثل العراق وليبيا وأخيرًا روسيا، حيث جمدت الولايات المتحدة أصولًا مالية تقدر بـ400 مليار دولار بعد اندلاع الحرب مع أوكرانيا.
ولا يخفى على أحد ما حدث لمعظم دول العالم، وخاصة النامية، عندما بدأت الولايات المتحدة في رفع أسعار الفائدة على الدولار. فقد أدى ذلك إلى ارتفاع كبير في الأسعار ومعدلات التضخم في جميع أنحاء العالم، حتى في الدول الغنية. كما زادت الديون بشكل ملحوظ في معظم الدول النامية نتيجة ارتباط تعاملاتها الاقتصادية الخارجية بالدولار الأمريكي.
يتمثل الهدف الرئيسي لمجموعة البريكس في الوقت الراهن في التحرر من هيمنة الدولار الأمريكي وتأثيره الاقتصادي. تسعى المجموعة إلى تعزيز التعاملات فيما بينها إما من خلال استخدام العملات المحلية للدول الأعضاء أو من خلال إنشاء عملة موحدة في المستقبل، مما يضمن للدول الأعضاء استقلالها الاقتصادي والمالي ويقلل من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة عبر الدولار.
تعتبر مصر من أبرز المستفيدين من فكرة طرح عملة موحدة لمجموعة البريكس، حيث سيمكنها ذلك من التحرر من ضغوط نقص الدولار الأمريكي في السوق المصري، وما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية على العملة المحلية، مما يؤدي إلى تدهورها وارتفاع الأسعار المحلية، وبالتالي التأثير سلباً على عوائد مشروعات التنمية التي تم تنفيذها خلال السنوات العشر الماضية.
عندما تتمكن مصر من الانضمام إلى مجموعة البريكس، ستستطيع شراء السلع الأساسية مثل الحبوب والأدوية والسيارات (وهي من السلع الضرورية التي تحتاج الدولة لشرائها بالدولار من الخارج) باستخدام العملات المحلية للدول الأعضاء، مما يمنح الجنيه المصري فرصة لتوسيع نطاق تعاملاته مع دول المجموعة، أو استخدام عملات أخرى للدول الأعضاء بعيداً عن الدولار.
تسعى مصر من خلال انضمامها إلى تجمع “بريكس” إلى تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين دول المجموعة. كما تهدف إلى دعم آليات التنسيق المتعلقة بإصلاح النظام الاقتصادي العالمي، وزيادة تمثيل الدول النامية في الأطر المالية والنقدية الدولية بما يعكس تزايد دورها الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، تسعى مصر إلى تحقيق أقصى استفادة من المزايا التي توفرها اتفاقيات التعاون والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء، خاصة في جذب الاستثمارات وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية.
تأسست مجموعة “بريكس” في عام 2006 من قبل البرازيل وروسيا والهند والصين، وانضمت إليها جنوب أفريقيا في عام 2011. وفي 1 يناير 2024، أصبحت مصر وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا أعضاءً كاملين في المجموعة. وستكون قمة قازان هي الأولى التي يشارك فيها الأعضاء الجدد.
مكاسب مصر من الانضمام لبريكس:
• توطيد العلاقات التجارية بين مصر ودول المجموعة وزيادة الصادرات المصرية إلى أسواق دول بريكس
• تخفيف الضغط على النقد الأجنبي وخاصة الدولار مما يسهم في استقرار سعر الجنيه
• فرصة للمنتجين والمصنعين المصريين، لتصدير المنتج المصري لدول بريكس لاسيما الأسواق الناشئة الرئيسة مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا
• زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول مجموعة بريكس في مصر، تعد مصر سوقًا ضخمة وواعدة ومتعددة الفرص الاستثمارية.
• جذب الاستثمار الاجنبي المباشر من في مصر، لاسيما قطاعات الرقمنة والتنمية الزراعية، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
• تعزيز الروابط بين بريكس والقارة الأفريقية مما يعود بالنفع المتبادل بين دول تجمع بريكس ودول القارة الأفريقية.