ضرورة الشفافية: لماذا يجب أن يقود الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps)، حركة “صافي انبعاثات صفرية” في قطاع التكنولوجيا

بقلم: بهاراني كومار كولاسيكاران، مدير المنتجات في “مانيج إنجن”
واجهت الوعود الكبيرة لصناعة التكنولوجيا فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي والاستدامة جدارًا من التحديات. بينما تتباهى المنظمات بحلول الذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة، تستهلك التكنولوجيا نفسها كميات هائلة من الطاقة.
وفقًا للوكالة الدولية للطاقة، استهلكت مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية مجتمعة 460 تيراواط/ساعة من الكهرباء في عام 2022، وهو ما يعادل حوالي 2% من الطلب العالمي على الطاقة. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بأكثر من الضعف بحلول عام 2026 ليصل إلى 1,000 تيراواط/ساعة، متجاوزًا الاستهلاك السنوي للكهرباء في دول بأكملها مثل ألمانيا أو اليابان.
أدت هذه الفجوة بين النية والتأثير إلى زيادة التدقيق، حيث بدأ البعض في التشكيك فيما إذا كانت جهود الاستدامة التي يبذلها الذكاء الاصطناعي تقلل بالفعل من التأثير البيئي أم أنها مجرد سردية استراتيجية تستخدمها المنظمات لتحسين صورتها العامة.
ولكن في خضم هذه الأزمة المتعلقة بالمصداقية، ظهر حل غير متوقع، وهو الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (Artificial Intelligence for IT Operations – AIOps).
من خلال دمج تتبع انبعاثات الكربون في الوقت الفعلي والتحسين الآلي مباشرة في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، تقوم (AIOps) بتحويل الاستدامة من مجرد شعار تسويقي إلى مقياس قابل للقياس. في حين أنه للمرة الأولى، لا تستطيع الشركات أن تزعم أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها صديق للبيئة فحسب بل يتعين عليها إثبات ذلك.
التكلفة الخفية للذكاء الاصطناعي الأخضر
فبعيدًا عن الاستهلاك المذهل للكهرباء، يمتد التأثير البيئي الحقيقي للذكاء الاصطناعي إلى أعماق البنية التحتية. كل تقدم جديد في قدرات الذكاء الاصطناعي يتطلب أجهزة أكثر قوة، وعمليات تدريب أكثر شمولاً، ونشرًا أكثر تعقيدًا.
فقد أدى الطلب على نماذج الذكاء الاصطناعي الأكبر إلى تفاقم نقص الرقائق عالميًا، الناجم عن مشكلات في سلاسل الإمداد، ومتطلبات الطاقة للحوسبة واسعة النطاق، والقضايا الجيوسياسية. حتى ادعاءات مزودي خدمات الحوسبة السحابية بالعمل على الطاقة المتجددة غالبًا ما تخفي حقيقة مفادها أن الأحمال القصوي للذكاء الاصطناعي تجبرهم على اللجوء إلى مصادر الوقود الأحفوري خلال فترات ارتفاع الطلب.
هذه الفجوة بين النية والتأثير تؤكد على قضية نظامية: بدون أدوات لقياس وتقييم وتخفيف بصمة الذكاء الاصطناعي الكربونية، تصبح حتى المبادرات ذات النوايا الحسنة مجرد أداء شكلي.
ومن بين تلك الأمثلة الرئيسية على ذلك، المملكة العربية السعودية حيث استثمرت 92.90 مليار ريال سعودي (24.8 مليار دولار) في البنية التحتية الرقمية منذ عام 2017 الأمر الذى غذى النمو الهائل في مراكز البيانات والخدمات السحابية. وقد أدى هذا التوسع السريع إلى جعل مدى كفاءة الطاقة وتتبع الكربون في صدارة الأولويات الوطنية، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى حلول قوية للقياس والتخفيف.
(AIOps): الجسر بين الوعود والتقدم
تطورت منصات الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps)، التي صُممت في الأصل لتبسيط عمليات تكنولوجيا المعلومات، لتصبح أدوات لا غنى عنها لتحقيق المساءلة المناخية. من خلال دمج المقاييس البيئية في تحليلاتها، تقدم هذه الأنظمة ثلاث قدرات تحويلية:
- تتبع انبعاثات الكربون في الوقت الفعلي: تراقب منصات (AIOps) الحديثة الانبعاثات على مستوى أحمال العمل، مما يوفر رؤى مفصلة حول التطبيقات أو العمليات أو الخدمات الأكثر استهلاكًا للكربون. تدمج هذه المنصات عدادات الطاقة ومزودي خدمات الحوسبة السحابية وأجهزة الاستشعار لحساب الانبعاثات باستخدام نماذج متوافقة مع معايير الصناعة مثل بروتوكول الغازات الدفيئة، وهذا يسمح للشركات باتخاذ إجراءات فورية، مثل تعديل تخصيص الموارد بشكل ديناميكي، أو نقل أحمال العمل إلى مراكز بيانات تعمل بالطاقة المتجددة، أو تنفيذ أوضاع التشغيل منخفضة الطاقة خارج ساعات الذروة. وانعكاسًا لهذه الإمكانات التكنولوجية على نطاق واسع، تقود مبادرة السعودية الخضراء، أكثر من 85 مبادرة والتي تركز على البنية التحتية الذكية وخفض الانبعاثات، كما تستهدف خفضًا كبيرًا في انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، مما يؤكد قوة استراتيجيات الاستدامة القائمة على البيانات.
- التعويض الآلي لانبعاثات الكربون: تتجاوز قدرات (AIOps) التشخيص لتصل إلى اتخاذ الإجراءات ، بينما يظل الشراء الآلي الكامل لتعويضات الكربون طموحًا مستقبليًا، فإن المنصات الحالية توفر تتبعًا متطورًا للانبعاثات مما يسهل اتخاذ قرارات التعويض الاستراتيجية. وتمثل لوحة بيانات انبعاثات Azure من Microsoft و أداة البصمة الكربونية (Carbon Footprint) من Google Cloud خطوات مبكرة في هذا التطور، حيث تقدم بيانات تفصيلية عن الانبعاثات يمكن للشركات استخدامها لتوجيه استراتيجيات التعويض الخاصة بها. تمكن هذه الأدوات المؤسسات من فهم البصمة الكربونية الخاصة بها في الوقت الفعلي تقريبًا، على الرغم من أن التدخل اليدوي لا يزال مطلوبًا لعمليات الشراء التعويضية. تعهدت مايكروسوفت بأن تصبح ذات انبعاثات كربونية سلبية بحلول عام 2030 يوضح كيف يمكن للشركات استخدام هذه الرؤى لدفع استراتيجيات الاستدامة الشاملة.
- مراجعات كفاءة الكود: تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps) على تحليل البرمجيات لتحديد أوجه القصور في استهلاك الطاقة مع تحديد الأكواد التي تستهلك طاقة حوسبية مفرطة. يمكن لهذه الأنظمة اكتشاف الخوارزميات غير المحسّنة، أو الحلقات الزائدة، أو استعلامات قواعد البيانات غير الفعّالة، مما يساعد المطورين على تحسين تطبيقاتهم لتحقيق الاستدامة. على سبيل المثال، تقوم أداة CodeCarbon من مايكروسوفت بتحليل الكود لتحديد الأنماط التي تستنزف الطاقة وتقدم للمطورين ملاحظات قابلة للتنفيذ. من خلال دمج مثل هذه الأدوات في خطوط DevOps، يمكن للشركات ضمان أن تصبح الاستدامة اعتبارًا أساسيًا في كل مرحلة من مراحل تطوير البرمجيات.
الإلتزام بالشفافية
لكي تقوم (AIOps) بإضفاء الشرعية على جهود قطاع التكنولوجيا تجاه المناخ، يجب على الشركات اعتماد الشفافية الجذرية. يبدأ ذلك بالإفصاح عن استهلاك الطاقة لمنصات الذكاء الاصطناعي التشغيلي نفسها – فإذا كانت الأداة المخصصة لتقليل الانبعاثات تستهلك طاقة مفرطة، تصبح جزءًا من المشكلة.
فيجب على المزودين نشر تدقيقات طرف ثالث للتحقق من كفاءة أنظمتهم وتأثيرها البيئي. بالإضافة إلى ذلك، فإن إزالة الغموض عن الخوارزميات أمر بالغ الأهمية؛ فالأدوات ذات الطبيعة الخفية “الصندوق الأسود” تقوض الثقة، لذا فإن اعتماد إطار عمل مفتوح المصدر أو مبادئ الذكاء الاصطناعي القابل للشرح (XAI) يضمن أن يفهم أصحاب المصلحة كيفية اتخاذ القرارات – مثل شراء تعويضات الكربون.
وأخيرًا، على الرغم من قوة الأتمتة وأهميتها، فإن الإشراف البشري يظل ضروريًا. يجب على فرق العمل مراجعة توصيات الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps) لضمان توافقها مع الأهداف البيئية والواقع التشغيلي، مع تحقيق التوازن بين الكفاءة والأخلاقيات. بدون هذه الخطوات، قد تصبح (AIOps) طبقة إضافية من الغموض في المعركة من أجل الاستدامة.
كيف يمكن للمؤسسات دمج (AIOps) في ممارسات استدامة تكنولوجيا المعلومات
● تقييم البصمة الكربونية الحالية لتكنولوجيا المعلومات: قم بإجراء تدقيق شامل للاستدامة لتحديد مجالات الاستهلاك العالي للطاقة ووضع معايير للتحسين.
● تنفيذ أدوات (AIOps): اختر منصات (AIOps) التي تتضمن تتبعًا للكربون، وتحسينًا ذكيًا لأحمال العمل، وإمكانيات تعويض آلي لتبسيط جهود كفاءة الطاقة.
● تحديد أهداف واضحة للاستدامة: تحديد أهداف قابلة للقياس لخفض الانبعاثات بما يتماشى مع استراتيجية تكنولوجيا المعلومات الشاملة والسياسات البيئية.
● المراقبة والتكيف: تحليل مستمر لرؤى (AIOps) لتحسين السياسات وتحسين استخدام الطاقة ودمج أفضل ممارسات الاستدامة عبر عمليات تكنولوجيا المعلومات.
● ضمان الشفافية والامتثال: نشر تقارير الاستدامة التفصيلية بشكل منتظم، وضمان الامتثال للوائح البيئية العالمية، وإبلاغ التقدم المحرز إلى أصحاب المصلحة.
دور “مانيج إنجن” في تعزيز استدامة (AIOps)
المسار المستقبلي محدد: يجب على الشركات أن تتجاوز التعامل مع التأثير البيئي كمجرد ممارسة تسويقية وأن تدمج الاستدامة في جوهر عملياتها التشغيلية. وتوفر حلول (AIOps) الإطار اللازم لهذا التحول، ولكن في النهاية، يقع على عاتق قادة التكنولوجيا إثبات جديتهم في سد الفجوة بين الوعود الخضراء والتقدم الحقيقي.
وتعتبر “مانيج إنجن” مثالًا يحتذى به، من خلال الجمع بين الأتمتة الذكية وإمكانية المراقبة العميقة، وتعمل منصات (AIOps) التابعة لـ “مانيج إنجن” على تمكين فرق تكنولوجيا المعلومات من تحديد الحجم المناسب لأعباء العمل، ومنع التوسع غير الضروري في الموارد، وكذلك توسيع نطاق البنية التحتية بما يتماشى مع الطلب، وأيضًا حل المشكلات التي تهدر الطاقة بشكل استباقي. فهذه القدرات لا تعمل على تعزيز الكفاءة التشغيلية فحسب، بل تساعد أيضًا في تقليل الانبعاثات على نطاق واسع.
ويصبح هذا أمرًا بالغ الأهمية بشكل خاص في بيئات مراكز البيانات، حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع استهلاك الطاقة وعدم الكفاءة التشغيلية إلى زيادة التكاليف والانبعاثات الكربونية. ويتطلب ضمان التشغيل المستدام في هذه البيئات الالتزام الصارم بأفضل الممارسات الحرارية – وأبرزها إرشادات الجمعية الأمريكية لمهندسي التدفئة والتبريد وتكييف الهواء (ASHRAE).
تدعم أدوات (AIOps) من “مانيج إنجن” هذا الجهد من خلال المراقبة المستمرة للمقاييس البيئية والبنية التحتية الرئيسية مثل درجة الحرارة، وكفاءة استخدام الطاقة (PUE)، ومعدلات استخدام الخوادم، وتدفق الهواء، وغيرها. وعندما يظهر أي خلل، سواء كان ارتفاعًا حادًا في درجة الحرارة، أو استهلاكًا غير طبيعي للطاقة، أو نمط تبريد غير فعال، يعمل النظام على تشغيل عمليات المعالجة تلقائيًا لحل المشكلة.
ومن خلال الرؤى القابلة للتنفيذ والأدوات المبتكرة والالتزام بالشفافية، تعمل “مانيج إنجن” على تمكين المؤسسات من مواءمة عمليات تكنولوجيا الملعومات الخاصة بها مع أهداف الحياد الكربوني العالمي، كما تجعل حلول (AIOps) الاستدامة أولوية قابلة للقياس والتحقيق مما يسد الفجوة بين التقدم التكنولوجي والمسؤولية البيئية.