أخبار عامةمقالات

خرافة السوق العقاري محكومة بـ«العرض والطلب»

يتحدد اتجاه حركة الأسعار للسلع والخدمات في الأسواق من خلال تفاعل قاعدة العرض والطلب. وبالتالي، فإن ارتفاع أو انخفاض أحدهما يؤثر بشكل عكسي على الآخر، سواء بالزيادة أو النقصان، وذلك في حال كان هذا التفاعل طبيعيًا وخاليًا من تأثير الممارسات غير المشروعة أو الاصطناعية.

تعتبر حركة قطبي هذه القاعدة وعلاقتهما ببعضهما معقدة، إلا أن تأثيرها يعتمد على توفر الأرضية المناسبة والبيئة الملائمة، بالإضافة إلى الآليات الفعالة في الأسواق. يشمل ذلك وجود الأطر التشريعية والتنظيمية المرجعية، وكذلك الأدوات الرقابية لمكافحة الممارسات المخالفة في بيئة الأسواق. فالتفاعل الطبيعي بين العرض والطلب يتطلب أن تكون الأسواق خالية من أي عوامل تعيق المنافسة المشروعة أو تعرقل حرية التنافس فيها.

يمكن تحقيق ذلك من خلال مكافحة الاحتكار، والإغراق، والهيمنة، والتركيز، والتكتلات الاقتصادية، بالإضافة إلى التصدي للاتفاقيات التي تقيد حرية السوق، ومعالجة الاختناقات والأزمات المفتعلة التي تؤدي إلى رفع الأسعار، بما في ذلك الغش والتستر وغيرها من الممارسات السلبية. يهدف ذلك إلى ضمان أن تؤدي هذه القواعد دورها بشكل فعّال، مما يضمن حرية الأسواق وتنافسية بيئتها بشكل مثالي، دون انتهاك حقوق التجار النظاميين أو حقوق المستهلكين، أو حتى تقليص حقوق الدولة.

تتمتع البيئة الاقتصادية والأسواق الوطنية بمجموعة من المقومات الاقتصادية والإمكانات التنظيمية والحماية التشريعية. ومع ذلك، يجب مراعاة تأثير البيروقراطية والبطء في التنفيذ، إذا وُجد، على تحقيق الكفاءة في الأهداف المحددة. ولكن، هل يمكننا تطبيق هذه القاعدة والمعطيات التي ذكرناها سابقًا على واقع السوق العقاري المحلي لفهم الأسباب وراء الارتفاعات غير المبررة في الأسعار؟ مع ضرورة الأخذ في الاعتبار الفروقات الجوهرية عند إجراء المقارنات؟

لنبدأ بالتأكيد على أن القيادة – أعزها الله – لم تدخر جهداً في تمكين المواطن من الحصول على مسكن مناسب وبسعر معقول. ولا يكفي المجال هنا لذكر جميع ما تم توفيره من أراضٍ خام، والمبالغ المالية المخصصة، والخيارات السكنية والحلول التمويلية المتاحة. بالإضافة إلى المبادرات والبرامج السكنية المتنوعة، والجهود المبذولة لتنظيم القطاع والسوق العقاري، بهدف خلق بيئة إسكانية متوازنة ومستدامة تخدم جميع فئات المجتمع. ومع ذلك، أرى أن قوى السوق العقاري ستظل قادرة على التحكم في حركة السوق وفرض ما تراه مناسباً. وما ألاحظه هو وجود اكتناز للأراضي البيضاء في القطاع العقاري، مما يؤدي إلى تحكم فئة قليلة في الأسعار، بينما تعاني فئة كبيرة من عدم القدرة على مواكبة الواقع الحالي.

لذا، أعتقد أن أي جهود مستقبلية تهدف إلى زيادة حركة العرض في السوق العقاري ستستفيد منها القوى المؤثرة في هذا القطاع. يتميز السوق العقاري ببطء استجابته، وذلك نتيجة للخلل الذي أصابه على مدى سنوات بسبب عوامل متشابكة ومتراكمة. وبالتالي، فإن استجابته لأي جهود تُبذل ستكون بطيئة للغاية. الحل، باختصار، يكمن في العمل على تحويل اكتناز الأراضي البيضاء إلى أداة فعالة، بحيث تصبح “تأكل وتشرب” بشكل عملي وأكثر جرأة مما هو معمول به في نظام رسوم الأراضي الحالي.

كما يجب التفكير في فرض ضريبة على الملكية العقارية التي تتجاوز ملكية المسكن الأول. بخلاف ذلك، فإن أي مبادرات أخرى، بما في ذلك ضريبة التصرفات العقارية، لن تحقق التوازن المطلوب في الأسعار أو الكميات في السوق العقاري، خاصة في ظل الاحتياجات الحالية والمستقبلية الناتجة عن الزيادة السكانية المستمرة وخطط رؤية الوطن الطموحة. وقد لاحظنا الأثر السلبي لارتفاع الإيجارات على حركة الإنفاق الاستهلاكي والنشاط التجاري، مما يتجاوز مجرد ممارسة الحق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى